هل يتعرض مجلس التعليم العالي لإملاءات خارجية بخصوص كليات الشريعة؟
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/04 الساعة 15:30
د. مفلح الجراح
نتفهم بعض ما جاء في قرار مجلس التعليم العالي بخصوص رفع سوية مدخلات كليات الشريعة من الطلبة، حيث جاء في قرار مجلس التعليم العالي رقم (349) تاريخ 29/08/2017 (فيما يخص تحقيق الجودة في برامج تخصصات كليات الشريعة ، ومنها توصيات تتعلق بإعادة هيكلة التخصصات في كليات الشريعة، وإعادة النظر في محتوى اوصاف المساقات الاكاديمية في التخصصات المختلفة، واضافة مساقات تعمل على تجذير مهارات الحوار وقبول الاخر ، وتعزيز قيم الإسلام المعتدل بما يضمن تجويد المخرجات)؛ وعلى ضوء ذلك تم إعادة تقييم الوضع حسب ما جاء في بيان المجلس لاحقا والذي أكد عدم التزام الجامعات بتنفيذ التوصيات المذكورة وبناء عليه تم اتخاذ قرار رفع الحد الأدنى للقبول في تخصصات الشريعة الى 75% اعتبارا من العام الجامعي 2018/2019.
ومن هنا اود التعليق على ما جاء في القرار، وبعنوان عريض أبدا وكأن القرار هدفه الأول والأخير رفع المعدلات فقط!
هل يعي مجلس التعليم العالي حقيقة ما يجري في كليات الشريعة، أم هي فوبيا هلامية تتعلق بالإسلام؟؟ وهل يمكن أن يكون الإسلام متطرفا؟ وفي محكم التنزيل الكثير من الآيات التي تصف المسلمين بالوسطية (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكون شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)، وهل طلاب الشريعة في جلهم يختلفون عن طلاب الكليات الأخرى؟ وهل هناك عدد كبير من طلاب الشريعة ينضوون تحت عباءات أو مظلات حزبية كما هو في الكليات الأخرى؟ وهل هناك فعلا مظاهر تطرف لدى سلوكيات طلبة الشريعة؟ والاهم من ذلك هل هناك خطر من الأكاديميين في كليات الشريعة؟ هل المساقات التي تطرحها كليات الشريعة متطرفة؟ هل هناك فكر ظلامي يسيطر في أجواء كليات الشريعة كمحتوى وكأستاذ وطالب؟ وغيرها من الأسئلة كثير وكثير.
فدعونا نتحاور كما تطلبون وسأبدأ بالسؤال الأول المتعلق بسلوكيات الطلبة فأدعوكم الى إجراء زيارات خاطفة وغير معلنة لكليات الشريعة لتكتشفوا بأنفسكم أن مخاوفكم من المدخلات في غير محلها وبهذا كفى. واما قضية الانضواء تحت عباءات حزبية او حركات سياسية فهذا يسهل الوصول اليه بالرجوع الى اجهزتنا الأمنية التي نقدر ونحترم، وسوف تجدون الجواب الشافي لهذا السؤال والذي اعتقد جيدا انه سوف يريحكم. وأما السؤال المتعلق بأعضاء الهيئة التدريسية في كليات الشريعة فإنني اعتقد جازما انهم الأكثر حرصا على أمن البلاد والعباد، والطاعة لأولي الامر، والحفاظ على مكتسبات الوطن والمواطن، فأستاذ الشريعة يخصص في بداية كل محاضره حديثه عن الثوابت الوطنية وقبول الاخر والولاء لسيد البلاد جلالة الملك حفظه الله ورعاه. واما مساقات كليات الشريعة فإنها تتماشى مع النهج الإسلامي المعتدل والوسطي لان الإسلام لا يمكن الا ان يكون كذلك. وإن الفكر السائد في كليات الشريعة يتبنى النهج السليم والراقي والنظيف والواضح في التعامل مع الاحداث دون مواربة أو تقيا لأننا نؤمن أن الشريعة تعبدتنا بالوسائل والغايات، وان الوصول للغاية - والتي نعتقد انها يجب ان تكون سليمة - بوسائل سليمة أيضا.
وبالنسبة للتوصيات التي ذكرها المجلس ولم تلتزم بها كليات الشريعة؛ فهل يعلم المجلس الموقر بأن كلية الشريعة في جامعة اليرموك قد طرحت مساقا عظيما تحت مسمى الإسلام فكر وحضارة تبنت فيه الوسطية والاعتدال وقبول الاخر ومحاربة الفكر المتطرف واقبل على هذا المساق العدد الهائل من طلبة الجامعة ومن مختلف التخصصات.
وهل يعلم مجلس التعليم العالي الموقر بأن كلية الشريعة في جامعة اليرموك قد حصلت على المركز الأول بين كليات الجامعة في امتحان الكفاءة الجامعي وماذا يعني ذلك بالنسبة له، أم ان هذا الامتحان لا قيمة له ولا يعطي مؤشرا على مخرجات التعليم ومستوى الطلبة!
وهل يعلم مجلس التعليم العالي الموقر بأن جل من ينتمون للفكر الداعشي ليسوا من طلبة كليات الشريعة وبإمكانهم الرجوع الى إحصاءات معدة بهذا الشأن، تؤكد صحة كلامي.
وهل يعلم مجلس التعليم العالي الموقر أن كلية الشريعة في جامعة اليرموك قد دعت الى رحابها عطوفة مدير الامن العام السابق في ندوة حضرها الالاف من طلبة الجامعة ليتحدث عن دور المواطن
الأردني في المنظومة الأمنية، وأنها أيضا عقدت الندوات والمحاضرات القيمة التي تتكلم عن الوسطية والاعتدال وقبول الاخر ومحاربة الفكر المتطرف وغيرها الكثير. وأخيرا السؤال الحتمي والموجه الى مجلس التعليم العالي الموقر هل جاء القرار بضغوط وإملاءات خارجية لا تعي طبيعة المجتمع الأردني المسلم، ولا نمط تفكيره وانتماؤه اللامحدود لبلده وقائده بغض النظر عن ثقافته ومستواه العلمي وطبيعة تخصصه العلمي والأكاديمي. وفي الخلاصة وبعد ما تقدم نجد أن هذا القرار جاء كعقوبة لكليات الشريعة دون أي مبرر، هدفه إبعاد الطلبة عن دراسة العلم الشرعي الوسطي الصحيح، ومن هنا ندعو مجلس التعليم العالي للرجوع عن قراره ومحاورة كليات الشريعة لتحقيق ما نصبو إليه من أهداف، وحتى لا يفضي هذا القرار إلى نتائج وخيمة لا يحمد عقباها.
الأردني في المنظومة الأمنية، وأنها أيضا عقدت الندوات والمحاضرات القيمة التي تتكلم عن الوسطية والاعتدال وقبول الاخر ومحاربة الفكر المتطرف وغيرها الكثير. وأخيرا السؤال الحتمي والموجه الى مجلس التعليم العالي الموقر هل جاء القرار بضغوط وإملاءات خارجية لا تعي طبيعة المجتمع الأردني المسلم، ولا نمط تفكيره وانتماؤه اللامحدود لبلده وقائده بغض النظر عن ثقافته ومستواه العلمي وطبيعة تخصصه العلمي والأكاديمي. وفي الخلاصة وبعد ما تقدم نجد أن هذا القرار جاء كعقوبة لكليات الشريعة دون أي مبرر، هدفه إبعاد الطلبة عن دراسة العلم الشرعي الوسطي الصحيح، ومن هنا ندعو مجلس التعليم العالي للرجوع عن قراره ومحاورة كليات الشريعة لتحقيق ما نصبو إليه من أهداف، وحتى لا يفضي هذا القرار إلى نتائج وخيمة لا يحمد عقباها.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/04 الساعة 15:30