'الفيدرالي الأميركي' قد يلجأ إلى رفع الفائدة هذا العام

م. مهند عباس حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/15 الساعة 00:35
ما تزال السياسة التصحيحية التي يتبعها الفيدرالي الأميركي تعطي نتائج عكسية في محاولة كبح جماح التضخم ومحاولة الهبوط الناعم ليصل به إلى 2%، حيث جاءت بيانات المستهلك الأمريكي CPI التي صدرت عن شهر آذار مخالفة للتوقعات عند 3.5 %, في حين كانت خلال شهر شباط الماضي عند 3.2%، حيث ارتفع التضخم على أساس سنوي ليصل عند 3.8%, وقد سجل الدولار الأميركي ارتفاعاً كبيراً على الين الياباني منذ 34 عاماً.

إن أسباب عدم السيطرة على التضخم باعتقادي تعود الى أسباب إقتصادية وأخرى سياسية إضافة الى الأسباب المناخية ومن أهمها:
1. السياسة الخاطئة للفيدرالي الأميركي التي اتبعها العام الماضي عند محاولته تثبيت الفائدة عند 5.5% لمرات عديدة متجاهلاً النتائج والمؤشرات الحقيقية, وذلك في محاولة لتحفيز الإقتصاد الأمريكي وتشجيعه على النمو, وقد صرحنا على راديو الشرق مع بلومبيرغ أنه يجب أن ينهي عام 2023 على فائدة 6%.
2. ضغط الحكومة الأمريكية على الفيدرالي لتثبيت الفائدة خلال الربع الأخير من العام الماضي, لتمويل حرب أوكرانيا وحرب غزة, وكذلك للتمهيد للإنتخابات القادمة بأن الحزب الديمقرالي الحاكم تمكن من معالجة المشاكل الإقتصادية, من خلال إصدار نتائج غير دقيقة بتعافي الإقتصاد الأمريكي وأن عام 2024 سيشهد بدء إنخفاض الفائدة.
3. استمرار التأثيرات الجيوسياسية على العالم من حرب أوكرانيا وحرب غزة, وكذلك تأجيج الصراع في البلطيق وشرق آسيا, كل ذلك أدى الى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية وهي الآن قرابة 90 دولارا للبرميل, وكذلك ارتفاع كلف الشحن البحري على أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق الولايات المتحدة وكندا بسبب نزاعات مضيق باب المندب في البحر الأحمر والذي تمر منه 13% من التجارة العالمية.
4. المديونية الأمريكية المرتفعة والتي تجاوزت 34 ترليون دولار، وهناك عجز آخر ستة شهور بترليون دولار.
5. التغيرات المناخية والتي ستساهم في إنقاص الناتج الإجمالي العالمي بمقدار 5% في السنة, وزيادة الطلب على المواد الغذائية لتناقص إنتاجها مما يؤدي الى ارتفاع أسعارها, وتأثر خطوط النقل البحري مثل قناة بنما.
6. تباطؤ النمو في الإقتصاد العالمي في ظل فائدة مرتفعة ونفط مرتفع وهو له نتائج سلبية مع وجود تضخم غير مسيطر عليه, مما يؤدي الى ركود تضخمي عالمي قد يمتد لسنوات قادمة.
7. الهجمات السيبرانية التي تستهدف اقتصادات الدول التي تنشأ بينها خلافات مما تكبدها خسائر اقتصادية كبيرة.
8. المضاربة في أسواق الأسهم والعملات والذهب نتيجة عدم اليقين مما ينعكس سلباً على أداء الشركات والصناعات العالمية.
إن استمرار التوترات الجيوسياسية في العالم لن يكون في صالح الإقتصاد العالمي الذي يرزح تحت مديونية تجاوزت 310 ترليون دولار, فما نشاهده اليوم من تأجيج لمناطق صراعات ومحاولة تصعيدها من جديد, من حرب غزة التي تصر إسرائيل على دخول رفح, والتصعيد في الحرب الروسية–الأوكرانية باستهداف مناطق حيوية مثل مصافي تكرير النفط وأهداف في العمق الروسي والأوكراني على حد سواء, إضافة الى إقحام منطقة البلطيق بالصراعات الجيوسياسية بين الناتو وروسيا من محاولة إنشاء قاعدة كبيرة للناتو في الجزيرة السويدية جوتلاند في بحر البلطيق, وكذلك تأجيج الصراع في بحر الصين من خلال إجتماع القمة الأمريكي -الياباني- الفلبيني, وكذلك نشر منظومة صواريخ دفاعية العام القادم بمشاركة الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان واستراليا لمحاصرة الصين وروسيا في بحر الصين وبحر اليابان.
في النهاية جميع المتغيرات السابقة لن تصب في صالح الإقتصاد الأمريكي بشكل خاص والإقتصاد العالمي بشكل عام, وستؤثر على خطة محاربة التضخم الفيدرالية, ولن يكون هناك أي بوادر لتخفيض الفائدة على الدولار هذا العام، ناهيك عن مؤشرات لرفعها في الأشهر القادمة.
خبير ومحلل استراتيجي
mhaddadin@jobkins.com
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/15 الساعة 00:35