عقلة الزيود .. 'اللي بالرجال ينعدّ'

مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/05 الساعة 23:53
مدار الساعة - كتب : محمد عبدالكريم الزيود - يرحل اليوم عقلة محمد عقلة الزيود في إحدى الليالي القدرية من شهر رمضان الكريم ، يفاجئنا برحيله مثلما كان يفاجئنا بكل شيء ، ولكنه الموت الذي لا ينتظر أحد ولا يمنح أحد فرصة ، وأن قضاء الله يتم وأن الأجال مقدرة من عند الله.

شكل عقلة الزيود على مدار سنوات كثيرة ظاهرة مختلفة ، ترك الدراسة في إحدى دول أوروبا الشرقية، ليلتحق بالعسكرية ثم يتقاعد مبكرا ضابطا ، وقاصدا خدمة الناس ، رئيسا لبلدية الهاشمية لأكثر من دورة ، وربما ورث من والده المرحوم محمد عقلة الزيود أول رئيس بلدية لمدينة الهاشمية وأحد أهم مؤسسي المدينة - وللصدفة أيضا رحل في رمضان في بداية الثمانينات- ورث سجايا خدمة الناس عنه، والسعي لحل مشاكلهم ، وسبق الجميع في تأسيس ثقافة العمل الجماعي ونبذ الأنانية .
حتى عندما ترك منصبه في البلدية ، ظل عقلة كما هو في عمله الرسمي ، يترأس الجاهات ويمشي في إصلاح ذات البين ، تراه في المراكز الأمنية أو دوائر الدولة الرسمية ، ولربما كان الوحيد القادر على الإجماع عليه من شتى الأصول والمنابت ، وعندما أقعده المرض ، كان يمشي رغم مرضه وهو متعب ، وتراه في كل المواقف مدافعا شرسا ، وصوتا عاليا رغم خيانة المرض ، وتراه في كل المناسبات ضاحكا بشوشا ، ساعيا ومنتصرا لصاحب حاجة.
رأيته يوم وفاة الشاعر حبيب الزيودي ، جالسا على رصيف مستشفى الجامعة ، يبكيه بحرارة ، فقد كان صديقا قريبا له ، وترافقت أنا وهو مع حبيب في أكثر من مرة لحضور مهرجان أو أمسية شعرية لحبيب ، وكان من وفاء عقلة لحبيب أنه أقام له حفلا تذكاريا نشر فيه أعمال حبيب الزيودي الشعرية الكاملة وطبعها على نفقة البلدية ، وأطلق اسم حبيب على أكبر مباني بلدية الهاشمية .
يغادرنا اليوم الجمعة عقلة الزيود ، تاركا إرثا من السجايا والطيب ، هكذا الفرسان يرحلون باكرا بين غبار الكونات ، يغادرون وكل قصائد الرثاء لا توافيهم ذرة من سيرتهم ، وسيظل أبناء لواء الهاشمية من شتى الأصول والمنابت يذكرونه بالخير ، فالحياة قصيرة ولا يبقى إلا الذكر الطيب وكما قال أهلنا : "اللي بالرجال ينعد "..
رحم الله أبا محمد وغفر له وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/05 الساعة 23:53