العتوم يكتب: الأردن لن يدخل الحرب
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/01 الساعة 14:03
السابع من أكتوبر / 2023 قرار اتخذته حماس- حركة التحرر العربية الفلسطينية (الأيدولوجيا) المحسوبة سياسيا وعسكريا على إيران، الصديقة للعرب، ورغبت بالتعبير عن انتصارها للمسجد الأقصى، لذلك أطلقت على عمليتها الكبيرة طوفان الأقصى، وثأرت للقضية الفلسطينية العادلة التي أرادت لها إسرائيل ومظلتها أمريكا عبر "الأيباك " و"الكونغرس" و"البنتاغون" أن تذهب الى سراب بعد 75 عاما من النضال العربي الفلسطيني. وطبقت حماس معادلة الضغط يولد الأنفجار، جراء المضايقات الإسرائيلية المتكررة، وفتح سجونها للفلسطينيين، وهدم بيوتهم. ولم يكن السابع من أكتوبر قرارا للسلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، وغاب عن القرار طابع الوحدة الفلسطينية. ولم يمثل القرار أي من الأقطار العربية خاصة المطلة على فلسطين وإسرائيل مثل الأردن ومصر.
ولما أن الفأس وقع في الرأس، وجد الأردن والى جانبه مصر الشقيقة، وكل بلدان العرب الشقيقة أيضا أنفسهم في الزاوية الضيقة الحرجة بحثا عن مخرج للأزمة – الحرب الفلسطينية – الإسرائيلية عبر منصات المحافل الدولية، المؤثرة على إسرائيل مثل أمريكا والأيباك فيها، وبريطانيا والمانيا وفرنسا وروسيا، والاتحاد الأوروبي، ومجلس الأمن، والأمم المتحدة، وتم محاورة إيران.
وفي الوقت الذي أحدثت فيه حماس وقادتها صدمة كبيرة لإسرائيل جراء السابع من أكتوبر، تسببت إسرائيل بحرب إبادة للفلسطينيين لم يشهدها التاريخ المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945 وأدت لمقتل أكثر من 32 الف فلسطيني، ويرتفع عدد الشهداء الى مائة الف مع منهم تحت الأنقاض، وما حدث ويحدث في غزة يكرر قصة الهجوم النازي الهتلري على الاتحاد السوفيتي عام 1941، والتسبب في محرقة " الهولوكوست " عام 1945 التي أصابت اليهود والعديد من الشعوب وقتها. ويتعمد الأحتلال الإسرائيلي مصادرة أدوية التخدير المتوجهة لغزة، وهي جريمة حرب متكررة.
و الأردن – المملكة الأردنية الهاشمية دولة شقيقة ومحاددة للسلطة الوطنية الفلسطينية ولإسرائيل، ولقطاع غزة – خان يونس ورفح. والتاريخ الأردني مع القضية الفلسطينية طويل وعامر بالتضحيات، وأول شهيد أردني فوق أرض فلسطين عام 1920 كايد عبيدات، وقرار تقسيم فلسطين رقم 181 خصص دولة عربية، أي فلسطينية الى جانب إسرائيل، اعترضه العرب لقدسية فلسطين، وكما كتب الدكتور بكر خازر المجالي في مقالته بتاريخ 20/ 7/ 2022 (ثمة عامل مشترك في اغتيال الملك عبد الله الأول، وهزاع المجالي، ووصفي التل، هم شهداء القضية الفلسطينية، والحق العربي)، والان بعد اندلاع حرب غزة الأخيرة، تناور إسرائيل لعدم الأعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو توجه ليكودي يقوده - بن يامين – نتنياهو.
ولقد رافق الأردن مسيرة القضية الفلسطينية وحروبها وقضايا العرب الاحتلالية. واللطرون وباب الواد والقدس عام 1948، وفي السموع عام 1966، وحرب عام 1967، وحرب الكرامة المنتصرة عام 1968 بجهد جيشنا العربي – الأردني المغوار، وحرب تشرين المنتصرة أيضا عام 1973 بمشاركة قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة – الجيش العربي، والحرب العراقية – الإيرانية عام 1980/ 1988 شهود عيان. ووقع الأردن معاهدة سلام الند للند عام 1994 مع إسرائيل بعد مراقبته عن قرب لمعاهدة أوسلو عام 1993 وعدم الأتفاق مع غموضها. وحرر بجهد واصرار مباشر لجلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله إقليمي الباقورة في أغوار اربد، والغمر في وادي عربة – العقبة عام 2019 من فكي المعاهدة.
وحرص الأردن بقيادة جلالة الملك على التمسك بحل الدولتين لضمانة قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ولتجميد المستوطنات. كتب جلالة الملك عبد الله الثاني في كتابه "فرصتنا الأخيرة – السعي نحو السلام في زمن الخطر. ص408 " إن حل الدولتين مع الفلسطينيين يعني في جوهره حلا مع سبع وخمسين دولة يضمن لإسرائيل علاقات طبيعية مع كل الدول العربية والإسلامية التي تدعم جميعها المبادرة العربية للسلام ". وجهد متميز لجلالة الملك عبر منصات المحافل الدولية قل نظيره بهدف ضرورة وقف الحرب في غزة التي طالت حياة المسالمين الفلسطينيين ومنهم النساء والأطفال. وانفرد جلالة الملك بالمشاركة الشخصية مع سلاح الجو الأردني في ايصال المساعدات الإنسانية والطبية لأهلنا في غزة وفي عموم فلسطين. ولم تنقطع المساعدات الإنسانية هذه حتى الساعة، والقلب الأردني ينبض بدقات قلوب أهلنا في فلسطين. ويتصدى الأردن بقوة للتهجير القسري الذي تخطط له إسرائيل.
وفي المقابل ألف تحية لأجهزتنا الأمنية الموقرة كافة، "نشامى الوطن"، الذين يسهرون على مدار الساعة لحماية الأردن والعاصمة عمان، وعلى حماية المسيرات والإعتصامات التي تعبر عن الوقفة الوطنية الأردنية – الفلسطينية المشتركة مع أهلنا في فلسطين، في غزة تحديدا، وهم يواجهون الالة العسكرية الاحتلالية التي تنعت مقاومتهم بالإرهاب،و تغزوهم بعقر دارهم، وتهدم بيوتهم، وتقتل إنسانهم. ومن غير المقبول أن نسمع من وسط المسيرات المصرح بها من قبل الدولة للتعبير عن الذات ولنقل صوت الشارع الأردني والوطن لما يحدث في الجوار الفلسطيني، هتافات خارجة عن المألوف تتطاول على الدولة نفسها، أو تنادي بفتح حرب أردنية غير محسوبة نتائجها مع إسرائيل.
بين الأردن وإسرائيل معاهدة سلام وقعت لضمانة أمن الأردن وحدوده السيادية والمائية، ودول عربية قبلنا وبعدنا وقعت السلام مع إسرائيل انطلاقا من المصالح المشتركة، ولخدمة الأشقاء الفلسطينيين في السلم وفي الحرب. ودول عربية غيرها لم توقع السلام وتخدم القضية الفلسطينية أيضا، وتحرص على سلام يرتبط بمبادرة السلام العربية لعام 2002، بحدود الرابع من حزيران لعام 1967، وبقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. وسعت السلطة الفلسطينية لسلام مماثل لكن غياب الوحدة الفلسطينية شكل عائقا رغم تعديل ميثاق حماس وقبولها بالدولة الفلسطينية من جانب، والعبث الإسرائيلي – الأمريكي بمسار القضية الفلسطينية سنين طويلة من جانب اخر، والتاريخ شاهد عيان.
أي خطاب فلسطيني شقيق من الخارج الأصل أن يصب في مصلحة الأردن العليا وفلسطين معا، وأن لا يعمل بعكس السير. والأردن دولة مستقلة ذات سيادة يحكمها الدستور والقوانين المرعية في السلم وفي الحرب. وموقع الأردن حساس،ومن دول التماس، وأمن الأردن خط أحمر ولا يجوز العبث بأوراقه الداخلية، ويرتبط سياسيا مع منظمة التحرير الفلسطينية وليس مع فصيل بعينه.
وفي الختام نعم لعلاقات أردنية – فلسطينية سليمة دائمة والأحتلال الإسرائيلي زائل بعون الله.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/01 الساعة 14:03