الحاجة مُلحة لضبط مشهد التظاهرات.. فقد سئمنا العقوق

سلطان عبد الكريم الخلايلة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/31 الساعة 03:35
قدر هذا الوطن أن يحتضن بعض العاقّين الذين يتنعّمون سهله وجباله و صحراءه؛ أولئك الذين ما زالوا يقتاتون على عفن الايديولوجيات العتيقة، ثلة لم تتعلم ممن تتلمذوا على أيديهم ومربيهم كيف ينحازون للوطن، وكيف يكونوا موفّقين لا محايدين تجاه وطن هو بنظرنا كل شيء؛ و هو كل شي ولكنه في معتقدهم الخسيس لا شيء، لأنهم لا شيء إلا قوتاً لعفن الايديولوجيات التي باعها مُنتجيها و مُصدّريها، أولئك غير الموفقين اللامحايدين لفظهم هذا الوطن من زمان، من لحظة نمى هذا الحلم الذي لا يروه لجهلهم ومنذ أن كان، و لا يشعروا فيه منذ ولدوا صغارا، فبقوا صغارا وكبر هذا الوطن، و هدم عفنهم، إنه الأُردن كبير على بصيرتكم العمياء، ومن هنا أقول لهؤلاء: هذا الثرى و غباره المتناهي صِغراً أطهر من رؤوسكم.
‏‎تتصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية الغاضبة على العدوان الغاشم على أهلنا في غزة الصمود، وهذه التظاهرات يشهدها الأردن منذ السابع من أكتوبر وتُعبِّر عن الموقف الشعبي الذي يتماهى مع موقف الدولة الاردنية وجهودها الدبلوماسية الكبيرة، الأردن منذ ذلك الوقت يقوم بدوره تجاه الأهل في قطاع غزّة على كافة الأصعدة، بالرغم من حملات التجنّي والأكاذيب والتشويه والدسائس الممنهجة على مواقع التواصل الاجتماعي من حفنة تعتاش على الفتنة والكذب.
‏‎إن استيعاب الأجهزة الأمنية لكل مظاهر الغضب يأتي ضمن مسار الدولة الاردنية بموقفها الرسمي الواضح للعلن تجاه قضية فلسطين التي يراه الجميع، وضمن حق التعبير السلمي المشروع الرافض للعدوان الغاشم الذي يؤرقنا جميعاً ويحرّك مشاعر الغضب لدى الجميع، هذا الاستيعاب الأمني من الضروري أن يواكبه وعي لدى كل من يُعبِّر عن غضبه بالاحتجاج والتظاهر، لأن ذلك الاحتجاج من أهم أهدافه الوقوف ضد أي مخطط صهيوني يستهدف أمن الأردن وسلامته ويحمي فلسطين و الأردن من أي استهداف، وأن لا تكون وكأنها مُناكفة للدولة والأمن، فالجميع في صف واحد وخندق واحد.
‏‎يعلم الجميع بأنّ أي سلوك سلبي هو مُدان وأي تصرف خارج عن القانون لا يخدم الأهل في غزة، ولا يؤدي حتماً لتمتين الجبهة الداخلية التي نحن بأمسّ الحاجة لها الآن، فغزة الصامدة تصمد بصمودنا وقوتنا، وأعمى من لا يرى تحالف الشر ضد الأردن والاستهداف الممنهج لأمنه واستقراره، فوجود تلك التصرفات والسلوكيات سيُذهِب كل رسالة تضامن هامة، ويجمع الصالح والطالح، خاصة وإن ذهبنا لمن ينشر مقاطع فيديو يجدها وكأنها انتصار على اليهود عند الشتم والإساءة لفرد من أفراد جهاز الأمن العام والأجهزة الأمنيّة.
‏‎يتضح للجميع الموقف الأردني بدبلوماسيته السياسية وتعامله مع التحركات الشعبية، فسياسة الاحتواء تطغى على ذلك ولكن دون استغلال لغضب الناس ضد سياسة اسرائيل وعدوانها الغاشم، والتوازن مطلوب الآن للغضب الشعبي دون التعدي على الدولة الاردنية بهتافات وتصرفات وسلوك غير مسؤولة، فالحرية تمنح دون تهديد أمن الوطن ومواجهة الدولة الاردنية وكأننا نستغل تلك الاوقات لغايات انتخابية ومكاسب سياسية.
‏وعند الحديث عن وسائل إعلام دولية تتعمد دس السم عبر عناوين ومانشيتات كاذبة، وكأن الاردن بحالة صِدام مع شعبه، حيث تتصدر هذه الأكاذيب صفحات تلك الوسائل الرخيصة بمصطلحات الاعتداء والضرب والقمع وكأنها تنتظر أي احتجاج لنقل غضبه من متظاهر لشقيقه الأمني، فتقرأ مثلا مصطلح الشباب العُزَّل وكأننا نشهد صِداماً بين المواطنين و رجال الأمن، وتجد مصطلحات زحف مقدس وحصار و و لمن هذا ومع من ، وما يثير انتباهك هو مجاراة الذُباب الإلكتروني بأكمله مع تلك الوسائل الإعلامية الحاقدة على الأردن وموقفه واستقراره، وما هي إلا غربان ناعقة تكون في أغلب الأحيان وهمية لا تتواجد إلا في الغرف المظلمة، ومنها ما يكون واضح بذلك، فهم فئة استغلالية لأي موقف سعياً لأن يظهروا بصورة المتضامن الحر بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي فيصبح الأمن والاستقرار عُرضةً لأنشطتهم من خلال اضطرابات شعبية وقيادة حملات التجنّي والأكاذيب والتشويه والدسائس الممنهجة على مواقع التواصل الاجتماعي وما هي إلا تصرفات تقودها حفنة تعتاش على الفتنة والكذب.
‏‎من المعلوم بأن الرهان في كل ظرف مثل هذه الظروف لا يكون إلّا على وعي الناس ومدى إدراكهم لأي خطط سوداء تُحاك بنوايا مليئة بالخُبث ولا تسعى إلّا لاستغلال مصالحها ومصالح أجنداتها المكشوفة، فمنها أيدي لسياسات دول تسعى للخراب والدمار في أردننا الحبيب، وتهدده سواء من خلال تنظيم المظاهرات على حدودنا أو لتهريب أسلحة ومخدرات، وكلها أيدي دول تسعى لخصومة الناس مع دولتهم، وهنا يتوجّب على كل عاقل الانتباه لعدم توظيف كل الاحتجاجات خارج سياقها، فإلى أين يأخذنا الاحتجاج؟ وأي وقود يريده ليرضي نرجسية بعض أعضاءه الرئيسيين؟ هؤلاء الذين يصرّون على الشب عن طوق الوطن الذي أجمع أبناؤهُ على صون أمنه و استقراره.
‏‎في الختام، فإن كل من يسيء لرجل أمن ترك أُسرته في شهر رمضان ليقوم بواجبه، ما هو إلا شخص يعمل لصالح الصهاينة ولا يريد الخير لغزة ولا لكل فلسطين وقضيتها، ومن يقلل من شأن دولته وموقفها ليظهر بشكل يناسبه فهذا لا يُقدمِّ الصمود لغزة، ومن يريد إثارة الفتنة فهو يسعى عن قصد لحرف البوصلة التي يرغب بها كل الأردنيين تجاه دعم غزة والوقوف معها ومساندتها وليس العكس، ونقول بأن ضبط سلوك المتظاهرين وضبط هتافاتهم وتحركاتهم هو الأساس لضمان أن لا تأخذ المظاهرات والاحتجاجات مسرباً آخراً سيخدم حتماً أجندات الصهاينة وعلى الجميع أن يتذكروا أن الأردن أكبر من الجميع، و أن أبناء الوطن ليسوا "مختبر تجارب" لامتدادات التنظيم و نظرياته المتطلعة إلى أن يعود للشارع، فليس هذا هو الباب ولا تلك هي النافذة التي تخدم الوطن، وأن يحميها من تصدير التشظي الذي تمر به الجماعة، ونقول لكل من لا يريد الخير لهذه البلد: نحن للحاضر جيشاً و جنداً و همماً ووفاءً، و أنتم لغيكم و لا نريد لكم رشدا، فقد سئمنا العقوق، ارحلوا عنا، و للحديث بقية و للرجال لقاء، حمى الله الأردن عزيزاً آمناً مستقراً منيعاً.. ونصر أهلنا في غزة العزة والصمود.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/31 الساعة 03:35