جودة يكتب: الضجيج أو الراحة

محمد جودة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/27 الساعة 23:42
بينما أعيد ترتيب أفكاري وأنا جالس في منزلي المطل على إحدى الأحياء الريفية (سابقا) في ضواحي عمان،حيث كانت تداعب اشجاني اغاني العصافير و موسيقى الهواء الصادر عن حركة الاشجالر.. تتسلل إلى وعيي أصوات آلات البناء من موقع قريب، مذكّرة إياي بتحدي متجدد يواجه مجتمعاتنا: الضجيج في الأحياء السكنية وتأثيره على جودة حياتنا. في طلب البروفيسور محمد الفرجات لكتابة مقال عن أهمية التزام الأهالي بالأنظمة والقوانين التي تنظم وقت الأعمال الصاخبة، كعمليات البناء، أرى فرصة لتسليط الضوء على قضية تمس حياتنا اليومية
خلال سنوات غربتي في إيطاليا، لاحظت كيف يمكن لالتزام المجتمعات بقوانين محددة أن يحافظ على الهدوء والسلام، ما يسمح للجميع بالاستمتاع بجودة حياة أفضل. تلك التجربة جعلتني أدرك بعمق كيف يمكن لمثل هذا الالتزام أن ينعكس إيجابيًا على صحتنا النفسية والجسدية، خاصة للأطفال الذين يتعلمون وكبار السن الذين يبحثون عن الهدوء في يومياتهم. وفي الحدائق القريبة من منازلهم والتي يتفاعلوا معها كأنهم في حديقتهم الخاصة. .أعتقد أنه من مسؤوليتنا كأهالي وسكان في هذه المدينة العريقة أن نحترم الإرشادات والقوانين الموضوعة لتنظيم الأعمال التي تصدر ضجيجًا. يجب أن ندرك أن التزامنا لا يعزز فقط جودة حياتنا الخاصة، بل يساهم في تعزيز التواصل والتآخي بيننا كأعضاء في مجتمع متحضر.من خلال مقالي هذا، أرغب في مشاركة تجربتي ورؤيتي لكيفية تحقيق التوازن بين التطور والحفاظ على السلام و الصحة والنظافة في أحيائنا. في إيطاليا، شهدت كيف استطاعت المجتمعات، بفضل الالتزام المشترك، خلق بيئة تحترم حاجات الجميع للهدوء والراحة. هذه النماذج تلهمني وتدفعني للتأكيد على أهمية دورنا في الحفاظ على الهدوء والسكينة في مجتمعنا..إن الحل ليس بالأمر المعقد؛ يبدأ بالوعي والالتزام الشخصي وينتهي بتحقيق بيئة أفضل لنا جميعًا. كما نعمل معًا لبناء مجتمعنا و نتذكر أن كل فعل من أفعالنا، بما في ذلك كيفية التعامل مع الضجيج، يسهم في تشكيل النسيج الاجتماعي لمجتمعنا. يجب أن نسعى جاهدين للحفاظ على التوازن بين الحاجة إلى التطوير والبناء وبين حق كل فرد في التمتع بالسلام والهدوء. إن التعاون والتفاهم بين الأهالي والمؤسسات المعنية يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة نحو تحقيق هذا التوازن..من خلال التزامنا جميعًا بالقوانين والأنظمة، نستطيع أن نخلق مجتمعًا يعمه الهدوء والسكينة والراحة النفسية، حيث يمكن للأطفال اللعب والتعلم في بيئة مواتية، ولكبار السن أن يتمتعوا بالراحة والاسترخاء دون إزعاج. هذا التزام ينطلق من فهم عميق بأن السلام الداخلي يبدأ من السلام في محيطنا الخارجي.لذا، أدعو كل فرد في مجتمعنا إلى أن يكون جزءًا من هذا التغيير الإيجابي. لنكن مثالًا يحتذى به في كيفية التعايش والتواصل البناء، ولنعمل معًا لضمان أن تظل مدننا وأحياؤنا أماكن تنبض بالحياة والهدوء في آن معًا. إن التزامنا بالقوانين والأنظمة ليس فقط واجبًا قانونيًا، بل هو أيضًا عنصر أساسي في بناء مجتمع متحضر يسوده الاحترام والتفاهم المتبادل وان حرصنا على نظافة اماكن معيشتنا و طرقاتنا وحدائقنا.بهذه الروح المنتمية لبلدنا و من حولنا ، أتمنى أن تساهم كلماتي هذه في إلهام الآخرين للنظر في هذه القضية بجدية أكبر والعمل معًا نحو تحقيق التوازن والسلام في حياتنا اليومية. فلنجعل من مجتمعنا مثالًا يحتذى به في الوئام والتعايش، حيث يمكن لكل شخص أن يشعر بالراحة والأمان في بيئته..معًا، يمكننا تحويل تحدي الضجيج في الأحياء السكنية إلى فرصة لإعادة التفكير في كيفية التعايش والاحترام المتبادل في مجتمعاتنا. من خلال تبني إجراءات واضحة ومحددة، مثل تحديد أوقات معينة للأعمال البنائية، والتشجيع على استخدام تقنيات أقل إزعاجًا، وتعزيز الوعي حول أهمية الهدوء، نستطيع خلق بيئة تعكس الاحترام الذي نكنه لبعضنا البعض ..إن الجهود المشتركة بين الحكومات المحلية، الشركات، والأفراد ضرورية لتحقيق هذا الهدف. يجب علينا أيضًا الاستفادة من التكنولوجيا والابتكار لإيجاد حلول عملية تقلل من الضجيج دون التأثير على التقدم والبناء الذي يحتاجه مجتمعنا..لن يتحقق هذا التغيير بين عشية وضحاها، ولكن من خلال الالتزام المستمر والجهود الجادة من الجميع، سنتمكن من ترك إرث ثمين للأجيال القادمة. إرث يعكس مجتمعًا يقدر الهدوء والسلام كعناصر أساسية لجودة الحياة ..في الختام، مسؤوليتنا تجاه هذه القضية تتجاوز الحدود الشخصية لتشمل مجتمعنا بأكمله. إن العمل معًا للحد من الضجيج وتعزيز الهدوء في أحيائنا هو تعبير عن الاحترام المتبادل والرغبة في تحسين جودة الحياة للجميع. دعونا نتحد في هذه المهمة ونظهر للعالم قيمة الحياة في مجتمعات تسودها السلام والوئام..
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/27 الساعة 23:42