ماذا بعد جولة بلينكن.. والـ 'فيتو' الروسي ـ الصيني؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/24 الساعة 01:29

وصلت «اللعبة» الأميركية لشراء مزيد من الوقت, لحرب الإبادة والتجويع والتدمير الصهيواميركية, المتواصلة منذ ستة أشهر على قطاع غزة المنكوب والمُحاصر. ـ أو كادتْ ـ الى نهايتها المُتوقعة, أقلّه حتى الآن,. في وقت ما تزال فيه إدارة بايدن, على لسان رئيس دبلوماسيتها/بلينكن، الذي أبدى قلقه على «أمن إسرائيل ومكانتها في العالم». ما تزال/واشنطن تمنح المزيد من الوقت لحكومة نتنياهو الفاشية وآلتها العسكرية, لمواصلته مجازرها ضد المدنيين في القطاع الفلسطيني، رغم الصفعة التي وجهها له الثنائي الروسي والصيني باستخدامهما (الفيتو) ضد مشروع قرارها, الذي تميز بالتحايل واللعب المقصود بالكلمات المحمولةً على تصريحات مُنافقة أطلقتها مندوبتها في مجلس الأمن, التي كانت أعربت عن «انفتاح» بلادها لأي تعديلات يمكن إدخالها على مشروع القرار, الذي بدا لبعض من خُدِعوا بالدعاية الأميركية, أن مشروع القرار سيتضمن بنداً ينادي بوقف فوري للنار, ثم ما لبثت/الخدعة الأميركية أن انكشفت, عندما عُرض المشروع للتصويت, فإذا يتحدث عن «ضرورة» وقف فوري ومُستدام لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع تقريباً.

سقطَ المشروع الأميركي فانطلقت حملة صهيوأميركية مضادة بدأها بلينكن, فيما هو يستعد لمغادرة تل أبيب, عندما وصفَ الفيتو الروسي/الصيني بـ«الخبيث», زاعماً أن القرار حظي بدعم «قوي للغاية», ولكنه شهِد - أضاف بلينكن- لجوء روسيا والصين إلى «الفيتو» بشكل خبيث، مًستطرداً في تزوير مكشوف:أعتقِد أننا «كُنا نحاول أن نُظهِر للمجتمع الدولي, «شعوراً» بأن من المُلحّ التوصل إلى وقف إطلاق النار، مُرتبط بالإفراج عن الرهائن». هنا مُفيد تذكير مَن نسِي أن واشنطن استخدمت «الفيتو» لإسقاط مشروع القرار الجزائري في شباط الماضي, رغم أنه حظي بدعم 13 صوتاً (أي أكثر مما حظي به المشروع الأميركي أول أمس/11 صوتاً، وامتناع بريطانيا عن التصويت، حينما زعمتْ المندوبة الأميركية في تبريرها استخدام الفيتو, أن مشروع القرار الجزائري «سيؤثر على المفاوضات الحسّاسة الجارية الآن في المنطقة). فيما يزعم بلينكن بعد الفيتو الروسي الصيني, أنه كان يحاول الإظهار للمجتمع الدولي «شعوراً» (مُجرد شعور), بأن من المُلحّ التوصل إلى وقف إطلاق النار، مُتجاهلاً عن قصد أن مشروع القرار الأميركي كان يتعمد عدم الدعوة مباشرة لوقف فوري لإطلاق النار, لأن واشنطن تريد منح حكومة تل أبيب الفاشية, المزيد من الوقت لبلورة مشهد ملائم لتنفيذ خطتهما المُشترَكة لـ«اليوم التالي» لانتهاء الحرب.
ثمة مؤشرات ووقائع تؤكد أن إدارة بايدن, مدفوعة بما كانت أعلنته في السابع من أكتوبر وحتى الآن، بعدم وجود أي خطوط حمراء, أمام الائتلاف الفاشي الصهيوني للانتقام من سكان قطاع غزة, تحت ذريعة «القضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها». لهذا منذ تبريرها حملة التدمير والقصف الوحشي الذي إتضح بعد أسابيع, أنها حرب إبادة جماعية وتجويع تروم «هلاك» سكان القطاع (وستكشف الأيام قريبا, حجم الدمار والتخريب المُمنهج, الذي مارسه جيش الفاشية الصهيونية في القطاع الفلسطيني, وعندها يكتشف العالم عمق وبشاعة الشراكة الصهيوأميركية في هذه الحرب القذرة).. ثم بدأ التشكيك الأميركي/الأوروبي في عدد الضحايا, واعتبار الأرقام التني تنشرها تباعاً وزارة الصحة في غزة, مجرّد دعاية من حماس. فضلاً عن ترويج الدعاية الصهيونية عن حرق الأطفال واغتصاب النساء وإعدام المسنين ونهب المنازل وغيرها من الأكاذيب, إلى أن انتهت بالتشكيك في قصف المشافي وإعدام المرضى وتدمير غرف العمليات وتكرار دعاية ناطق الجيش الصهيوني عن أن حماس تدير عملياتها من الانفاق الموجودة تحت مباني المشافي وداخلها, سواء المشفى المعمداني أم خصوصاً مستشفى الشفاء, الذي عاد جيش العدو إلى تدمير ما تبقى منه وإحراق غُرف العمليات وقطع الكهرباء عنها.
ثم جاءت حكاية اجتياح «رفح» المدينة المكتظة بسكانها ونازحيها, حيث أزيد من نصف سكان القطاع في مساحتها المحدودة, ليعلن بايدن نفسه أنه «لا» يضع خطوطاً حمراء أمام إسرائيل، لكن ـ وهذه الـ«لكن» بقصد التمويه ـ على إسرائيل أن تُقدم خطة قابلة للتنفيذ وعدم المس بالمدنيين. وكان مصير هؤلاء يشكل قلقاً لزعيم العالم الحر المدافع عن «قِيمه», بعدما زاد عدد الشهداء عن 32 ألفاً،وعدد المصابين والجرحى بقترب من 75 ألفاً. فيما يسقط يومياً المئات من ضحايا القصف المدفعي والغارات الجوية والجوع وسوء التغذية وانعدام الرعاية الطبية والصحية.
تبقى نتائج جولة بلينكن (السادسة للمنطقة والسابعة للكيان), التي قيل أنها جولة «حاسمة» وأنها صفقة تبادل الأسرى ستكون قبل بداية شهر رمضان, وها هو الشهر الكريم يطوي ثلثه الأول, فيما يُعلن نتنياهو بغطرسة وصفاقة: انه ماضٍ إلى اجتياح رفح, حتى بدون دعم الولايات المتحدة. أما أقرب معاونيه وهو رون دريمر/السفير الصهيوني السابق في واشنطن فيقول: «إسرائيل ستجتاح رفح, حتى بثمن (شرخِ) العلاقات مع الولايات المتحدة». علماً أنه/دريمر سيذهب إلى واشنطن غداً, يرافقه مستشار الأمن القومي الصهيوني/تساحي هنيغبي فقط, بدون أي مسؤول عسكري, ليناقشا «خطة اجتياح رفح». فيما يصل وزير الحرب جالانت قبلهما, حاملاً «قائمة بأسلحة يريد كيانه النازي, التزود بها على شكل مستعجل». ثم يقولون «لنا»..أنهم يعملون على تسريع وصول المساعدات الإنسانية».. يا لِصفاقتِهم.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/24 الساعة 01:29