العتوم يكتب: روسيا وفلسطين نصران في معركتين

د. حسام العتوم
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/23 الساعة 10:31
في أي معركة سواء كانت دولية أو اقليمية، الان، وفي عمق التاريخ المعاصر لن يكون النصر فيها الا مع الجانب الذي يقف الحق الى طرفه، ومثلي هنا العملية / الحرب الروسية - الأوكرانية ومع (الناتو) بالوكالة 2014 –2022 - 2024، والعربية والفلسطينية – الإسرائيلية 1948 – 2024.وفي الوقت الذي يسهل فيه فهم كواليس الحرب الروسية – الأوكرانية، والتي لا تراها موسكو سوى مؤامرة أمريكية غربية على سيادتها، ومجرد عملية عسكرية خاصة إستباقية دفاعية تحريرية، ترى "كييف " العاصمة الأوكرانية و يساندها الغرب الأمريكي الاعتقاد بأنها حربهم الموجهة المشتركة لدحر الاحتلال الروسي لأوكرانيا . و كل طرف روسي أو أوكراني غربي يتهم الاخر بالتطرف والارهاب .
وفي شأن الصراع العربي – الفلسطيني – الإسرائيلي الموضوع واضح لا يقبل القسمة على اثنين ، إسرائيل محتلة لفلسطين و للأراضي العربية منذ عامي 1948 و 1967 ، والفلسطينيون والعرب عازمون على تحرير فلسطينهم و قدسهم وأقصاهم وأراضيهم العربية من نير الاحتلال الإسرائيلي .و ترتكز روسيا في قضية عمليتها العسكرية عام 2022 ، و قبل ذلك في موضوع ( القرم) عام 2014 على الأحقية التاريخية في الاراضي الأوكرانية بما في ذلك العاصمة " كييف " التي تعرفها منذ زمن ب - كييفسكايا روس -، أي كييف الروسية،و أوكرانيا تعني للروس منطقة الأطراف ، و القرم بالنسبة لروسيا روسي لا جدال حوله ، وهو كذلك منذ عهد الحرب الروسية العثمانية الثانية عام 1877 في عهد الأمبراطورة يكاتيرينا الثانية . و ترتكز أيضا على اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 التي تمنع الدول المستقلة من اجراء تحالفات معادية و في مقدمتها مع حلف ( الناتو ) رغم أن روسيا – بوتين عرضت دخول الناتو و بناء حصن دفاعي مشترك مع أوروبا و أمريكا عام 2000 للتخفيف من حدة الحرب الباردة و سباق التسلح . و ثمة ركيزة أخرى للروس مفادها الاعتماد على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول الدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها .ولم تنجح " أوكرانيا – كييف " في المقابل في تحريك ثوراتها البرتقالية الاصلاحية عام 2007 و بعد ذلك عبر انقلاب " كييف " الدموي عام 2014 بمعزل عن التدخل اللوجستي الأمريكي و الغربي ، فتم توجيه حراك غرب أوكرانيا لصالح الغرب و خاصة لأمريكا ، و هدف الغرب السيطرة على الجغرافيا الأوكرانية المحاذية من جهة الجنوب لروسيا الهدف الأكبر .و عمل الغرب على تشجيع "كييف " على صناعة أكثر من قنبلة نووية ،و على الاضرار بخط الغاز " نورد ستريم 2 " ، و بجسر القرم ، و على استهداف الصحفيين الروس و الاجانب ، و التحرش بالحدود الروسية و مدنها مثل بيلغاراد و فارونيج و العاصمة موسكو بالمسيرات غربية الصنع .و لم ينجح نظام " كييف " حتى بالتحرش بالانتخابات الرئاسية الروسية عبر الدفع بقوات عسكرية كبيرة بائت بالفشل ،وتم صدها من قبل الجيش الروسي الساهر على الحدود . و في الوقت الذي أجرت روسيا انتخاباتها الرئاسية في وقتها ، تخطط " كييف " لتأجيل الانتخابات الرئاسية لديها لعدم ضمانها نجاح زيلينسكي فيها مجددا بعد حربه و الغرب ضد روسيا غير الموفقة ، و فشله بالوصول لسلام عبر اتفاقية " مينسك " و طاولة الحوار التركية ، و لرفضه للحوار المباشر مع موسكو بالكامل .بين السابع من أكتوبر يوم ميلاد الرئيس بوتين و ما بين السابع من أكتوبر يوم هبة حماس دفاعا عن الأقصى مسافة من الزمن ، لكن كل يوم حمل معنى خاصا ، و الجامع بينهما هو النهوض و الصحوة من أجل السيادة و الرفعة و غد مشرق ، وعبر التضحيات . وهاهي الشعوب الروسية عبر صناديق الاقتراع ترد على التحدي الغربي بالتصويت لروسيا و لبوتين للنهوض و التصدي ، فيحصد أكثر من 87% من الاصوات في الزمن الصعب . و عاصفة حماس – حركة التحرر العربية و الفلسطينية و قوى المقاومة الفلسطينية الشقيقة تقرر مواجهة المحتل الإسرائيلي ، الذي همش القضية الفلسطينية 75 عاما ، وماطل في ايجاد حلول منصفة ناجعة لها ، و هو الذي أظهر جهارا نهارا رفضه للدولة الفلسطينية التي يساندها القانون الدولي عبر قراره 242 . و تسانده روسيا بقوة ، وقرر عام 1947 تقسيم فلسطين الى دولتين عبرية حصل عليها و حولها الى إسرائيل و عربية وعد بها و عرف رفض العرب للتقسيم مسبقا لقدسية فلسطين .لقد راهنت أمريكا ومعها الغرب على شخصية فلاديمير زيلينسكي ليساعدهم في الانقضاض على الدولة الروسية – القطب العملاق الناهض ، و دفعوا بإتجاه بلاده و حربها أكثر من مئتي مليار دولار و غيرها 61 مليار دولار يناقشونها ، وكلها على شكل أسلحة حديثة و بنتيجة صفر ، و راهنوا معا على شخص المعارض الروسي اليكسي نافالني قبل أن يتوفاه الله في سجنه بنفس الاتجاه . و تخطط فرنسا حاليا لتحريك قوة عسكرية مكونة من 2000 عسكري تجاه أوكرانيا تحت تحذير روسي مباشر تقدمه مدير مخابراتها سيرجي ناريشكين الذي اعتبر الحراك العسكري الفرنسي هدفا روسيا مشروعا. و راهن الغرب مجتمعا في المقابل على تصفية حماس من دون معرفة أنها أيدولوجيا منتجة متكاثرة ، و راهنوا على تهجير الفلسطينيين أصحاب الارض و القضية العادلة وهو الذي يصعب حصوله ، و جذور العرب الكنعانية ماثلة في قعر التاريخ منذ أكثر من 7000 عام قبل الميلاد.وتم تهجير الاف الأوكران الى وسط الاراضي الروسية بداية الحرب الأوكرانية – الأوكرانية غربا و شرقا ، و عملت روسيا على احتضانهم و اعادتهم الى أرضهم ، و سحبها للأطفال الأوكران الى عمقها كان بهدف حمايتهم فقط و ليس كما أشيع لفصلهم عن جذورهم الأوكرانية .لن تستطيع قوى الظلام هزيمة روسيا و لا فلسطين ، و شمس الحق ستبزغ يوما ، و الحقيقة يصعب تغطيتها بغربال ، و ستبقى روسيا تشكل ميزانا للعالم ، و داعية لعالم متعدد الاقطاب، و تساند القضية الفلسطينية بشجاعة كما الان عبر المطالبة بوقف اطلاق النار و سط حرب الابادة الإسرائيلية للفلسطينيين ، و تقدم المساعدات الإنسانية و الطبية لهم الى جانب دول العالم الحر . و تجمع الفصائل الفلسطينية على طاولة موسكو و تبحث معهم عن وحدة الصف . و تحرر أسراها وسط حماس عبر حوار نظيف .و تفصل بين علاقتها الاستراتيجية مع إسرائيل وبين دعمها الاستراتيجي لحركات التحرر العربية و في مقدمتها حماس ، و ترفض نعتها بالارهاب في ظل عمى الوان مصطلح الارهاب يمينا و شمالا .روسيا المنتصرة في حربها و في مواجهتها لصلف الغرب المتكبر عليها عبر العقوبات كلما تعقدت الحرب كما صرح سيرجي لافروف مؤخرا ، و ننتظر منها أن تحقق انتصارات في داخلها ، و هي لها ، و لقد تبوأت المكانة رقم 1 في الاقتصاد الاسيوي تماما كما هي على مستوى النووي العسكري على مستوى العالم . و نريدها أن تنهض في سياحتها الداخلية ، و لأن تجد بديلا سريعا لنظام سويفت المالي على مستوى التعامل مع الخارج و بالعكس، و لتعمل على تنشيط حركة الطيران المباشر من موسكو و الى العالم ، و أن تربط التعليم ليس باللغة الروسية فقط و إنما بالأنجليزية أيضا خدمة للأجيال الصاعدة الدارسة في المقاعد الروسية مجانا أو في المقابل ، و الطب الروسي متميز و سمعته عالية ، وهو محتاج لأسواق عالمية واسعة .
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/23 الساعة 10:31