القضاة يكتب: 'الكرامة' .. مجدٌ محفورٌ في التاريخ

عالم القضاة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/20 الساعة 21:37
يحمل شهر آذار من كل عام للأردنيين ذكريات خالدة لا تنسى، تتجدد معها مشاعر الفخر والاعتزاز بوطن بني بسواعد الأردنيين وعزيمتهم وتكاتفهم تحت قيادة هاشمية حكيمة سعت لإرساء قواعد الأمن والاستقرار.
في الأول من آذار الحالي استذكر الأردن ؛ملكاً وشعباً؛ ذكرى تعريب الجيش الذي كان قراراً تاريخياً ويوماً من أيام الوطن الخالدة، حينما منح المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال الجيش العربي المصطفوي مسؤولية القيادة العسكرية لقواتنا المسلحة الأردنية لحمل راية الوطن الهاشمية لتبقى شامخة خفاقة، وذلك بعد أن قام المغفور له عام 1956 بتعريب قائد الجيش وإعفاء الجنرال كلوب من منصبه، بالإضافة إلى بقية القيادات الإنجليزية.
وكما طالعنا شهر آذار عبق ذكرى تعريب الجيش، فإنه يجعلنا نقف بشموخ وكبرياء ونحن نستقبل يوم 21 بذكرى مناسبة عظيمة لها خصوصية ومكانة مميزة شكلت في وجدان وذاكرة الأمة محطة مضيئة -ذكرى معركة الكرامة 1968-، حيث سيبقى هذا التاريخ محفوراً في الذاكرة لا يغيب، وستبقى ذكرى شهدائنا حاضرة في كل زمان وكل حين فهم نزفوا دمائهم لحماية الوطن وقدموا أرواحهم فداء له.
رواية معركة الكرامة لا تنسى ولا يغفل عنها العقل، فبهذا اليوم أذاق الجيش العربي العدو الإسرائيلي معنى الخسارة وجعله يتقهقر ويجر أذيال الخيبة والهزيمة بعد أن أراد عبور شرق نهر الأردن (منطقة الكرامة) ليفرض واقع جديد حسب مخططاته الصهيونية، إلا أن أحلامه خلقت له واقعاً مريراً، فالمحتل المتغطرس الذين كان يعتقد أن آلته العسكرية لا تهزم، وأن جيشه يستطيع الوصول إلى ما يريد في أي وقت وفي أي حين اصطدم بجنود يعشقون الموت لأجل الوطن علموه معنى الخسارة.
في "الكرامة" انقلب السحر على الساحر، وعرا الجيش العربي أسطورة القوة الإسرائيلية، بل وجعلهم يعيشون أسوء كابوس في حياتهم بعد أن هُزموا وتشتتوا، وتركوا قتلاهم وهربوا، وخلفوا آليات عسكرية معطوبة في 15 ساعة كانت شاهدة على بسالة الجيش الذي لا تتغير عقيدته التي ترتكز على إيمانهم بربهم ورسالتهم.
معركة الكرامة التي كتبت بدم الشهداء تبعث فينا الأمل، وتزيدنا عزاً وفخاراً بشهدائنا الأبرار وأبطال الكرامة الأحرار الذين لبّوا نداء الحق والواجب ليرفعوا راية المجد عالياً ويحققوا نصراً خالداً على عدو يثبت يوما بعد يوم عدم قناعته بالمواثيق الدولية والإنسانية، وعدم إيمانه بها، وضربه عرض الحائط كل الاتفاقيات العالمية جراء حربة اللا إنسانية التي يشنها على غزة منذ ما يزيد عن الخمسة أشهر وخلفت آلاف الجرحى و الشهداء من الفلسطينيين.
في ظل ما تشهده الضفة ويشهده قطاع غزة في الوقت الراهن علينا أن نروي لأولادنا كما روا آباءنا وأجدادنا لنا حكاية معركة الكرامة، فمن حقنا أن نفخر بنصر الجيش العربي، وأن نستذكر الشهداء الذي كتبوا بالدم حروف النصر على العدو الصهيوني بقيادة صانع النصر الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وعلينا أن نزرع في أبناءنا قيم الوفاء للوطن ومليكه ولنشامى الجيش الذين لا يزالون يقدمون أرواحهم فداء للوطن، لا نعرف أسماءهم إلا عندما يرتقون شهيداً تلو الشهيد، حفاظاً على أمن الوطن وسلامة المواطنين.
ختاما، في 21 آذار، هذا اليوم المجيد الذي شهدت شمسه نصراً مؤزراً بعد سقوط 86 شهيدا على ثرى الوطن الطاهر وإصابة 108 جنديا، لنجدد عهدنا مع وطننا ونتعهد بأن نكون دائمًا على استعداد للعمل من أجله لكي يبقى الأردن قويا ونصون منجزاته بعزمنا وإصرارنا ووحدتنا.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/20 الساعة 21:37