لئلا تصبح صفقة تبادل الأسرى 'فخاً'.. نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة يكتب
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/09 الساعة 14:53
يزدحم الفضاء الإعلامي بتصريحات أطراف ذات صلة حول صفقة تبادل محتملة بين المقاومة و"إسرائيل" ورغم أن أفق إتمامها قبل حلول شهر رمضان يضيق، إلاّ أن العمل عليها متواصل.
هذا مهم، لكن الأهم منه طبيعة الصفقة وتفاصيلها، لأن التفاصيل حاسمة وجوهرية في تحديد الاتجاهات والمآلات النهائية، ألا "يكمن الشيطان في التفاصيل"؟ كما يقول الإنجليز.في البدء لا بد من أن تحديد مصلحة، أو بلغة أدق، ما يريده كل طرف من الصفقة، إن لجهة المقاومة أو لجهة "إسرائيل".ما تريده المقاومة: أولاً: تحرير الأسرى. ثانياً: وقفا دائما لإطلاق النار والانسحاب. ثالثاً: عودة الغزيين إلى مناطق سكناهم. رابعاً: إعادة الإعمار. خامساً: رفع الحصار."إسرائيل"، ومن خلفها أميركا، تريدان من الصفقة أمراً واحداً أساسياً وهو تحرير الأسرى لدى المقاومة، وآخر ثانوياً وهو تمرير شهر رمضان المبارك دون اشتعال الضفة الغربية والقدس المحتلتين.وإذا كانت المقاومة موحدة تجاه مطالبها من الصفقة، فالأمر في "إسرائيل" مختلف؛ فئة تدعمها أميركيا تريد صفقة، ويمين متطرف حاكم لا يريدها ويصر على مواصلة إجرامه.إذن؛ الأهداف المعلنة التي يريد كل طرف تحقيقها واضحة تماماً، لكن السؤال الأساسي هنا: هل ستحقق "إسرائيل" للمقاومة أهدافها وتمنحها إياها؟الجواب: لا، "إسرائيل" ستعمل حتى لا تحقق المقاومة أهدافها، وهي تسعى لإخضاعها عبر آلة القتل والتجويع والتدمير لصفقة باهتة تحقق فيها ما تريده بلا ثمن باهظ، وتمنح المقاومة الفتات.ما العمل..؟على المقاومة وهي تفاوض على الصفقة أن تعلم أنّ الموافقة عليها بأي ثمن كمن يفخخ نفسه، وبظني أنّ المقاومة تعلم ذلك وتعيه جيداً، لكنها تمارس السياسة في تفاعلها مع عملية التفاوض، وهذا مفهوم تماماً في لعبة ودهاليز السياسة.لأن "إسرائيل"، وهذا لا بد أن المقاومة تفهمه، تريد أسراها مع هدنة قصيرة تواصل بعدها عدوانها، لأسباب، أبرزها:أولاً: صفقة التبادل وفقا للمقاييس الإسرائيلية يعني تخلصها من المعارضة الداخلية وحراك ذوي الأسرى لدى المقاومة، وهذا يعني هدوء الجبهة الداخلية وإعادة تموضعها خلف العدوان.ثانياً: صفقة التبادل بالنسبة لليمين المتطرف الحاكم ستسحب ورقة أساسية من يد المعارضة التي يقودها يائير لبيد ونخبة عسكرية وسياسية متقاعدة تضغط لإقالة بنيامين نتانياهو وإجراء انتخابات مبكرة.ثالثاً: في سياق النقطتين أعلاه، اليمين الحاكم سيتمكن من تبريد جبهته الداخلية، ويُضعف المعارضة، ويقلل من أهمية وجود بيني غانتس وغادي آيزنكوت في مجلس الحرب، بل وربما يعمل اليمين على إخراجهما والاستفراد بقيادة المشهد وقراره.رابعاً: اليمين الحاكم الذي يمثله نتانياهو وإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وحال تخلصهم من الضغوط الداخلية، سيتفرغون لإنفاذ أجندتهم بشطب القضية الفلسطينية، ويظنون أن التأسيس لذلك يتم بشطب المقاومة في قطاع غزة.خامساً: "إسرائيل" تعتقد، رغم كل الإجرام الذي تمارسه في قطاع غزة، أنها لم تعوض بعد هزيمتها في 7 أكتوبر، ولم تستعد شعور الأمن ولا قوة الردع ولا مقومات الهيمنة.سادساً: "إسرائيل" لم تعد معنية بالرأي العام العالمي، دولاً وشعوباً، ولا تهتم للأمم المتحدة وأذرعها، ولا تقيم وزناً للدول العربية والإسلامية، لذلك لن تتراجع عن تنفيذ مخططاتها تجاه غزة والضفة الغربية والقدس وجنوب لبنان، فالفرصة الراهنة بالنسبة للكيان لن تتكرر.سابعاً: الهدنة في شهر رمضان المبارك مطلب أميركي وبعض الأطراف السياسية والأمنية الإسرائيلية وليس مطلب اليمين المتطرف الحاكم الذي لا يمانع من اشتعال الضفة والقدس المحتلتين بما يمكنه من أن إنفاذ مخططاته فيهما.الذي يعنيه أعلاه، وغيره من الأسباب، أن "إسرائيل" تريد صفقة ترمم وضعها الداخلي وتكون سبباً في إرباك المقاومة وتأليب جماهيرها عليها تمهيداً لتحطيمها.وإذا ما منحت المقاومة لـ"سرائيل" ويمينها المتطرف هذه الفرصة فإنها ستدفع ثمناً باهظاً ومؤلماً، لهذا يجب أن تكون شديدة الحرص وألا تعطي مثل هذه الفرصة إلاّ بثمن كبير واضح ومحدد ولا لبس فيه أو غموض.الأصل، المقاومة يجب أن تصمم موقفها من الصفقة لتجعل منه سبباً في تحطيم اليمين المتطرف الحاكم في "إسرائيل" بالإصرار على تبادل الأسرى ووقف إطلاق نار دائم والانسحاب من القطاع وتدفق المساعدات وإعادة الإعمار ورفع الحصار.إن العالم كله في موقف محرج أمام حرب الإبادة والتجويع، وغزة دفعت ثمناً باهظاً جرّاء الإجرام الذي قضى بسببه مئة ألف شهيد وجريح، وتدمير 70% من القطاع وبناه التحتية.هذا ثمن كبير، لن يدفع القطاع أكثر أو أكبر منه، لذا؛ المقابل يجب أن لا يكون صفقة تبادل هزيلة تنقذ الكيان من أزمته الداخلية وتنقذ الإدارة الأميركية من أزمتها الانتخابية وتمكنهما من تصدير أزماتهما ومشاكلهما إلى المقاومة وتحقيق مخططاتهما وبخاصة استكمال استراتيجية التطبيع مع الدول العربية، وما يعنيه ذلك من شطب القضية الفلسطينية.وعلى المقاومة أن تدرك أنّ ورقة الأسرى الأقوى التي تمتلكها وتربك بها "إسرائيل" في سياق استمرارها بالتصدي للعدوان والصمود بوجه آلته العسكرية المعززة أميركياً وغربياً. وأن هذا الصمود وإن كان مكلفاً؛ فـ"إنهم يألمون كما تألمون"، وأن كل يوم تستمر في تكبيد العدوّ الخسائر المادية والبشرية واستنزاف قدراته العسكرية والتسليحية يقرّبها أكثر فأكثر من تحقيق مطالبها وإنفاذ شروطهاالمسألة شديدة الحساسية والخطورة ومآلاتها تتطلب تفكيراً مختلفاً، وحسابات دقيقة للربح والخسارة، والتفريق بين الاستراتيجي والتكتيكي..فإذا كانت "إسرائيل" تريد صفقة تكتيكية، فالمقاومة يجب ألا تقبل بأقل من صفقة تبادل استراتيجية وإلّا فستكون قد أوقعت نفسها في فخ باهظ الثمن..
هذا مهم، لكن الأهم منه طبيعة الصفقة وتفاصيلها، لأن التفاصيل حاسمة وجوهرية في تحديد الاتجاهات والمآلات النهائية، ألا "يكمن الشيطان في التفاصيل"؟ كما يقول الإنجليز.في البدء لا بد من أن تحديد مصلحة، أو بلغة أدق، ما يريده كل طرف من الصفقة، إن لجهة المقاومة أو لجهة "إسرائيل".ما تريده المقاومة: أولاً: تحرير الأسرى. ثانياً: وقفا دائما لإطلاق النار والانسحاب. ثالثاً: عودة الغزيين إلى مناطق سكناهم. رابعاً: إعادة الإعمار. خامساً: رفع الحصار."إسرائيل"، ومن خلفها أميركا، تريدان من الصفقة أمراً واحداً أساسياً وهو تحرير الأسرى لدى المقاومة، وآخر ثانوياً وهو تمرير شهر رمضان المبارك دون اشتعال الضفة الغربية والقدس المحتلتين.وإذا كانت المقاومة موحدة تجاه مطالبها من الصفقة، فالأمر في "إسرائيل" مختلف؛ فئة تدعمها أميركيا تريد صفقة، ويمين متطرف حاكم لا يريدها ويصر على مواصلة إجرامه.إذن؛ الأهداف المعلنة التي يريد كل طرف تحقيقها واضحة تماماً، لكن السؤال الأساسي هنا: هل ستحقق "إسرائيل" للمقاومة أهدافها وتمنحها إياها؟الجواب: لا، "إسرائيل" ستعمل حتى لا تحقق المقاومة أهدافها، وهي تسعى لإخضاعها عبر آلة القتل والتجويع والتدمير لصفقة باهتة تحقق فيها ما تريده بلا ثمن باهظ، وتمنح المقاومة الفتات.ما العمل..؟على المقاومة وهي تفاوض على الصفقة أن تعلم أنّ الموافقة عليها بأي ثمن كمن يفخخ نفسه، وبظني أنّ المقاومة تعلم ذلك وتعيه جيداً، لكنها تمارس السياسة في تفاعلها مع عملية التفاوض، وهذا مفهوم تماماً في لعبة ودهاليز السياسة.لأن "إسرائيل"، وهذا لا بد أن المقاومة تفهمه، تريد أسراها مع هدنة قصيرة تواصل بعدها عدوانها، لأسباب، أبرزها:أولاً: صفقة التبادل وفقا للمقاييس الإسرائيلية يعني تخلصها من المعارضة الداخلية وحراك ذوي الأسرى لدى المقاومة، وهذا يعني هدوء الجبهة الداخلية وإعادة تموضعها خلف العدوان.ثانياً: صفقة التبادل بالنسبة لليمين المتطرف الحاكم ستسحب ورقة أساسية من يد المعارضة التي يقودها يائير لبيد ونخبة عسكرية وسياسية متقاعدة تضغط لإقالة بنيامين نتانياهو وإجراء انتخابات مبكرة.ثالثاً: في سياق النقطتين أعلاه، اليمين الحاكم سيتمكن من تبريد جبهته الداخلية، ويُضعف المعارضة، ويقلل من أهمية وجود بيني غانتس وغادي آيزنكوت في مجلس الحرب، بل وربما يعمل اليمين على إخراجهما والاستفراد بقيادة المشهد وقراره.رابعاً: اليمين الحاكم الذي يمثله نتانياهو وإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وحال تخلصهم من الضغوط الداخلية، سيتفرغون لإنفاذ أجندتهم بشطب القضية الفلسطينية، ويظنون أن التأسيس لذلك يتم بشطب المقاومة في قطاع غزة.خامساً: "إسرائيل" تعتقد، رغم كل الإجرام الذي تمارسه في قطاع غزة، أنها لم تعوض بعد هزيمتها في 7 أكتوبر، ولم تستعد شعور الأمن ولا قوة الردع ولا مقومات الهيمنة.سادساً: "إسرائيل" لم تعد معنية بالرأي العام العالمي، دولاً وشعوباً، ولا تهتم للأمم المتحدة وأذرعها، ولا تقيم وزناً للدول العربية والإسلامية، لذلك لن تتراجع عن تنفيذ مخططاتها تجاه غزة والضفة الغربية والقدس وجنوب لبنان، فالفرصة الراهنة بالنسبة للكيان لن تتكرر.سابعاً: الهدنة في شهر رمضان المبارك مطلب أميركي وبعض الأطراف السياسية والأمنية الإسرائيلية وليس مطلب اليمين المتطرف الحاكم الذي لا يمانع من اشتعال الضفة والقدس المحتلتين بما يمكنه من أن إنفاذ مخططاته فيهما.الذي يعنيه أعلاه، وغيره من الأسباب، أن "إسرائيل" تريد صفقة ترمم وضعها الداخلي وتكون سبباً في إرباك المقاومة وتأليب جماهيرها عليها تمهيداً لتحطيمها.وإذا ما منحت المقاومة لـ"سرائيل" ويمينها المتطرف هذه الفرصة فإنها ستدفع ثمناً باهظاً ومؤلماً، لهذا يجب أن تكون شديدة الحرص وألا تعطي مثل هذه الفرصة إلاّ بثمن كبير واضح ومحدد ولا لبس فيه أو غموض.الأصل، المقاومة يجب أن تصمم موقفها من الصفقة لتجعل منه سبباً في تحطيم اليمين المتطرف الحاكم في "إسرائيل" بالإصرار على تبادل الأسرى ووقف إطلاق نار دائم والانسحاب من القطاع وتدفق المساعدات وإعادة الإعمار ورفع الحصار.إن العالم كله في موقف محرج أمام حرب الإبادة والتجويع، وغزة دفعت ثمناً باهظاً جرّاء الإجرام الذي قضى بسببه مئة ألف شهيد وجريح، وتدمير 70% من القطاع وبناه التحتية.هذا ثمن كبير، لن يدفع القطاع أكثر أو أكبر منه، لذا؛ المقابل يجب أن لا يكون صفقة تبادل هزيلة تنقذ الكيان من أزمته الداخلية وتنقذ الإدارة الأميركية من أزمتها الانتخابية وتمكنهما من تصدير أزماتهما ومشاكلهما إلى المقاومة وتحقيق مخططاتهما وبخاصة استكمال استراتيجية التطبيع مع الدول العربية، وما يعنيه ذلك من شطب القضية الفلسطينية.وعلى المقاومة أن تدرك أنّ ورقة الأسرى الأقوى التي تمتلكها وتربك بها "إسرائيل" في سياق استمرارها بالتصدي للعدوان والصمود بوجه آلته العسكرية المعززة أميركياً وغربياً. وأن هذا الصمود وإن كان مكلفاً؛ فـ"إنهم يألمون كما تألمون"، وأن كل يوم تستمر في تكبيد العدوّ الخسائر المادية والبشرية واستنزاف قدراته العسكرية والتسليحية يقرّبها أكثر فأكثر من تحقيق مطالبها وإنفاذ شروطهاالمسألة شديدة الحساسية والخطورة ومآلاتها تتطلب تفكيراً مختلفاً، وحسابات دقيقة للربح والخسارة، والتفريق بين الاستراتيجي والتكتيكي..فإذا كانت "إسرائيل" تريد صفقة تكتيكية، فالمقاومة يجب ألا تقبل بأقل من صفقة تبادل استراتيجية وإلّا فستكون قد أوقعت نفسها في فخ باهظ الثمن..
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/09 الساعة 14:53