'لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون' في شمال غزة

مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/08 الساعة 20:06
مدار الساعة - تراجع مؤشر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) لأسعار الغذاء العالمية لسابع شهر على التوالي خلال شهر شباط، وسط ارتفاع أسعار السكر واللحوم، وانخفاض أسعار جميع الحبوب الرئيسية.
ووفقاً للبيانات الصادرة عن المنظمة اليوم الجمعة على موقعها الإلكتروني، فقد سجل المؤشر في المتوسط 117.3 نقطة الشهر الماضي، وهو ما يعد مستوى أقل من 118.2 نقطة المسجل في كانون الثاني، كما أنه أقل مستوى منذ شباط 2021.وانخفض مؤشر الحبوب 5 بالمئة على أساس شهري ليهبط 22.3 بالمئة عن مستواه قبل عام، وسط توقعات بمحصول كبير من الذرة في أميركا الجنوبية وأسعار تنافسية من أوكرانيا.وعلى مستوى أسعار الزيوت، فتراجعت 1.3 بالمئة و11 بالمئة في شباط على أساس شهري وسنوي على الترتيب، في ظل توقعات بوفرة الإمدادات من أميركا الجنوبية، كما انخفضت أسعار زيت بذور اللفت ودوار الشمس، فيما ارتفع مؤشر فاو للسكر بنسبة 3.2 بالمئة على أساس شهري، بما يعكس استمرار المخاوف ذات الصلة بالإنتاج المرتقب في البرازيل.وعلى صعيد التوقعات لعام 2024، فقد رفعت المنظمة إنتاج القمح 1.1 بالمئة عن العام السابق ليصل إلى 797 مليون طن بفضل الطقس المواتي في أميركا الشمالية وروسيا، أكبر المصدرين، وأيضاً في الصين والهند وإيران وباكستان وتركيا.هذا، وزار موظفون من منظمة الصحة العالمية بعض المستشفيات في شمال القطاع المحاصر وهي الزيارة الأولى منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وأحصوا عددا كبيرا من الأطفال الذين يعانون من "مستويات خطيرة من سوء التغذية، ويموتون جوعا، وسط نقص كبير في المواد الغذائية والمعدات الطبية والأدوية والوقود، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمستشفيات"، وفق تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، رئيس المنظمة العالمية.وحسب الأمم المتحدة فإن المجاعة أصبحت حقيقة "ولم يعد من الممكن تفاديها" في قطاع غزة حيث يعيش حوالي 2.2 مليون شخص. من جهتها، أكدت إحدى المنظمات غير الحكومية والتابعة لليونيسف أن "90 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 23 شهرا والنساء الحوامل يواجهون نقصا حادا في المواد الغذائية".وتندد المنظمات الإنسانية بالتعطيل الإسرائيلي لدخول المساعدات الإنسانية. ما جعل جان رافائيل بواتو يقول إنه "لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون" في شمال غزة، مضيفا أنه إذا بقي حجم المساعدات الإنسانية على حاله، فـ"عدد الوفيات سيرتفع بشكل كبير" في الأسابيع المقبلة.فرانس24: هل غزة تعاني من المجاعة أم مهددة بخطر المجاعة؟جان رافاييل بواتو: نحن في وضع بدأنا نرى فيه أشخاصا لا سيما أطفال يموتون من سوء التغذية. إذن يمكن أن نتحدث عن مجاعة أو خطر مجاعة متقدم جدا. ولمعرفة ذلك، تقوم الأمم المتحدة بتقييم الوضع وفق معايير تابعة للبرنامج الغذائي العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وكل المنظمات التي تعمل في مجال الأمن الغذائي.ففي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، دقت هذه المنظمات ناقوس الخطر بشأن خطر المجاعة الذي يهدد عدة مناطق في غزة. ووفق سلم من خمس درجات، تم تصنيف مستوى الأزمة في الدرجة الثالثة. وبما أن المساعدات الإنسانية لا تزال غير كافية، من المؤكد أن خطر المجاعة منذ ذلك الوقت ازداد وارتفع إلى الدرجة الرابعة أو حتى الخامسة التي تشكل كارثة مجاعة.الوضع كارثي بالنسبة للأطفال الصغار كون أن جهاز المناعة عندهم غير متطور. ما يجعل أجسادهم غير قادرة على التصدي لنقص التغذية مثل البالغين. هناك عوامل أخرى تساعد في تفاقم أزمة سوء التغذية الحادة، مثل نقص المياه الصالحة للشرب ووجود مشاكل في أجهزة التنفس (300 ألف طفل يعاني منها) وسط نظام صحي مدمر. ولا ننسى أيضا تأثير سوء التغذية على دماغ الأطفال على المدى البعيد. لهذا السبب نعطي الأولوية لمن لا تتجازو أعمارهم 5 سنوات لأن جهازهم الدماغي لم يتطور بعد بشكل جيد.يعتبر شمال غزة من بين المناطق الأكثر تضررا من سوء التغذية، فهل يجد أهالي القطاع ما يأكلونه؟
ليس لديهم ما يأكلونه. عندما نتحدث مع موظفينا في عين المكان، يقولون لنا بأن سكان غزة يتناولون الحشيش وأوراق الشجر. لقد حاولت العديد من بعثات الأمم المتحدة الدخول إلى شمال القطاع لكن بدون جدوى. من بين 77 طلبا للدخول، الجيش الإسرائيلي لم يوافق سوى على 20 بالمئة منهم.في رفح مثلا في جنوب القطاع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل مذهل. شاحنات المساعدات لا تستطيع الدخول إلى الأراضي الفلسطينية. الوضع لم يتحسن في هذا المجال. هجوم السكان على الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية يظهر بأنهم يعيشون في يأس تام ولا يستطيعون إيجاد الغذاء لتفادي الموت.عندما نتحدث عن المجاعة، غالبا ما تعود إلى المخيلة الجماعية صور أطفال الصومال في بداية 1990. فهل يمكن أن تشهد غزة نفس الوضع؟
نعم إنها صور لم نعتد على رؤيتها في منطقة مثل الشرق الأوسط. لكن هذا ما يحدث الآن في غزة. هناك مخاوف من تفاقم الأزمة. فبدون وفق لإطلاق النار، لا يمكن أن تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية بشكل كاف ولا توزيعها، على الرغم من أننا نملك بروتوكولات وحلول طبية لمعالجة الأطفال الذين يشكون من سوء التغذية الحادة وذلك بتقديم لهم أغذية ذات سعرات حرارية مرتفعة على غرار الفول السوداني.هذه الأغذية تسمح للأطفال باسترجاع نسبي لقدراتهم البدنية وبوضع حد لسوء التغذية. لكن المشكلة هو كيف يمكن أن نصل إلى هذه الفئة من الناس. في انتظار ذلك، وإن لم يتغير الوضع، سيموت الناس جوعا وعدد الضحايا سيرتفع بشكل مخيف.قام الجيش الأمريكي الأسبوع الماضي بإنزال مواد غذائية من الطائرات. هل هذا يشكل حلا لتدارك قلة عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية التي تدخل إلى القطاع؟
نحن نعتقد بأنها ليست الوسيلة التي يجب استخدامها. بحكم التجربة، نعلم بأن مجموعات صغيرة بإمكانها أن تحتكر هذه المواد الغذائية، وهذا قد يغذي الجريمة. من جهة أخرى، الضعفاء لن يحصلوا على المساعدات الغذائية، الأقوياء فقط هم الذين سيستحوذون على هذه المواد. لهذه الأسباب إذن، نحن لا نشجع إنزال المساعدات من الطائرات بل يجب العمل على المستوى الدبلوماسي لفتح مسارات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات الغذائية وتوزيعها بشكل جيد.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/08 الساعة 20:06