العتوم يكتب: ارون بوشنيل.. ضمير فلسطين
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/07 الساعة 12:24
حادثة اشعال الطيار المقاتل الأمريكي ارون بوشنيل بجسده، ومحاولة احراق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بواشنطن مباشرة بتاريخ 26 / شباط / 2024، وتصريحه بأنه يرفض حرب الإبادة في غزة، عكست ما لديه من ضمير انساني يوازي الضمير الفلسطيني، وكل عربي، وكل انسان على وجه الأرض يقف بوجه ديمومة الحرب – المأساة في غزة فقط، والتي هي حرب إبادة لتحرير المزيد من الرهائن، بينما هي قضيتهم لدى حماس مؤقتة، وعددهم محدود، والهدف منه واضح له علاقة مباشرة بضرورة وقف الحرب لأسباب إنسانية بعدما وصل عدد الشهداء الى 30 الفا، وغيرهم تحت الأنقاض الى مائة الف، ولتبييض السجون الإسرائيلية من المعتقلين الفلسطينيين منذ نكبة عام 1948 ، ونكسة عام 1967 ، وبعد ذلك عبر محطات وحروب عديدة، وعددهم تجاوز العشرة الاف معتقل، ولمنع التجاوز على الأقصى واغلاق الطرق أمام المصلين فيه ولذلك اطلقت حماس على هبتها وصيحتها مصطلح " لطوفان"، و لإيصال الصوت الفلسطيني للعالم بأن قضيتهم العادلة في الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية ، وحق العودة ، وتجميد المستوطنات أضحت الى سراب. نعم لقد صرخ الطيار الأمريكي ارون بأعلى صوته وجسده كاد أن يحترق بالكامل بأن حرب الإبادة مرفوضة ضد الفلسطينيين، وتساءل نحن في أمريكا نحارب من؟ فهو لايرى حماس التي تنعتها بلده أمريكا العظمى بالأرهاب ، وانما تجمعات سكنية لأهل الأرض و القضية العادلة . وحماس غدت معروفة للعيان في العالم ، بأنها حركة تحرر عربية فلسطينية إسلامية و- أيدولوجيا - يصعب اجتثاثها . و بأنها تناضل الى جانب المقاومة الفلسطينية و العربية مثل حزب الله في لبنان والعراق ، والحوثيون في اليمن ، وتقبل بمنظمة التحرير ، و بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية بعد تعديل ميثاقها عام 1967، و عينها على كل فلسطين من النهر الى البحر عندما يشتد ساعد الوطن العربي بالمجمل . والعرب مطالبون اليوم بالخروج من التجزءة الى الوحدة . و ثورة العرب الهاشمية الكبرى التي قادها ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه عام 1916 لا زالت تناديهم الى الوحدة الحقيقية عبر العلم الواحد ، و الجيش الواحد ، والاقتصاد الواحد ، وجواز السفر الواحد ، وحتى العاصمة الواحدة .حادثة الطيار الأمريكي ليست وحدها ، و الغرب التابع لأمريكا و المغرر به ، بدأ يشعر بالصحوة الإنسانية ، و هاهو المغني البريطاني غاريت هويت يعد أغنية موسيقية دفاعا عن غزة ، و عن الانسان الفلسطيني ، و حقه بالعيش في وطنه . وبطل المبارزة القفقاسي اسلام مخاشيف الذي انتصر على اليهودي الاسترالي فولكا نوفسكي ويرفع علم فلسطين مطالبا بوقف الحرب في غزة . ودور الأردن – المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني كبير في تغيير نمط التفكير الغربي حول فلسطين و أهلها – أهلنا عبر الزيارات المتكررة لأمريكا و أوروبا و شمالها متميز وملاحظ . و يتصدر الاردن بإمكاناته المحدودة المساعدات الإنسانية لأهل غزة . و يواصل الجهود الكبيرة لوقف الحرب . و جهود دولية مماثلة تتقدمها روسيا الاتحادية عبر مجلس الأمن لوقف الحرب و عبر محاورة الفصائل الفلسطينية في موسكو ، و الاعتراف بحماس حركة تحرر عربية إسلامية و استضافتها ، و تحرص على عدم نعتها بالإرهاب . و تقدم المساعدات الإنسانية لغزة عبر رفح ، و تقيم علاقات سياسية و دبلوماسية مع إسرائيل ذات الوقت . و الاحظ بأن أمريكا – الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتغير و تتفهم مظلمة الفلسطينيين عبر المطالبة بمقاضاة بن غفير و سيموتريش ، و بمفاوضات بين إسرائيل و حماس في قطر للافراج عن الرهائن من جهة و لتبييض السجون الإسرائيلية ، و اعادة اعمار غزة ، و لبحث ملف الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية ، و هو الذي أغلقه الكينست بعد التصويت عليه . وهو الأمر المرفوض فلسطينيا و عربيا و عالميا . و مجرد قبول أمريكا برعاية مفاوضات إسرائيلية مع حماس في قطر ، تحول بإتجاه تفهم حماس التي كانت تنعتها بالارهاب ، بينما هي كانت و لازالت حركة تحرر و أيدولوجيا دائمة . و إسرائيل ان لم تلتزم بحدودها لعام 1948 كما رسمت لها ذلك بعد الصهيونية على الأمم المتحدة عام 1974 ، فإن وجودها الاحتلالي في الاراضي العربية عام 1967 زائل لا محالة ، و لا أحقية للاحتلال بالدفاع عن النفس ، و المقاومة الفلسطينية و العربية هي صاحبة حق الدفاع فقط .بعد غزة و طوفان الاقصى و السابع من أكتوبر 2023 ليس كما قبله ، و بعد العملية الروسية الخاصة تجاه الاراضي الأوكرانية ، و التي تصدت بتاريخ 24/ شباط / 2022 للمؤامرة الامريكية الغربية بحجة تحقيق سيادة لأوكرانيا ، في وقت مضى كانت اتفاقية " مينسك " هي الضامن لها ، و بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، بدأ العالم يتغير ، و بدأت روسيا المستقلة تجذف صوب عالم عادل متعدد الاقطاب يغلق ملف احادية القطب الذي تغول على أركان العالم و صعد من ألسنة نيران الحروب و الأزمات لتحقيق مارب اقتصادية ومن أجل أن يسود الدولار . و بدأت العملات العالمية مثل " اليورو " و " الين " و " الروبل " بالصعود في عالم التبادل التجاري و صناعة الاقطاب المتعددة الاقتصادية مثل " البريكس و شنغاهاي ، و مجلس الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي . و لم يعد الغرب يمثل كل العالم ، و أصبح شرق و جنوب العالم يمثلون تعددية الاقطاب ،و بقي الباب مواربا للغرب للأنضمام . وكلنا عرفنا بحادثة محمد البوعزيزي في تونس بتاريخ 17 / ديسيمبر / 2010 الذي أشعل النيران في نفسه أمام مقر و لاية سيدي بوزيد بعد مصادرة عربة مصدر رزقه و عائلته ، و هو ما أشعل الربيع العربي لأكثر من عشر سنوات ،و ركب الارهاب موجته ، و هو الارهاب الذي تسلح بالدين كذبا ، و لم نراه يواجه المحتل الإسرائيلي بل تعالج في مشافيه . و حادثة الطيار الأمريكي ارون الشجاعة تكرر المشهد ، و سوف تقود لربيع أمريكي غربي من شأنه أن يحدث التغيير ، و يدفع بالغرب للإنضمام الى تعددية الاقطاب و العزوف عن احادية القطب . و يصعب على المجتمع الدولي وعلى الرأي العام العالمي الاستمرار بقبول السيطرة و الهيمنة الغربية على اقتصادات و سياسات العالم . و ان اوان الحروب أن تنتهي ، و سلام ضعيف خير من حرب و حروب مدمرة . و الحديث اعلاميا وسياسيا عن احتمالية نشوب حرب عالمية ثالثة ضرب من الجنون ، وفانتازيا لا يقبلها العقل ، وفيها تدمير للبشرية والحضارات . ولا مكان للأخطاء النووية فيها ، فكل ماهو نووي عسكري يواجه بمثله أكيد .
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/07 الساعة 12:24