ربيحات يكتب: غزة تشتعل.. الصهيونية تتعرى.. وأعوانها حائرون
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/01 الساعة 10:37
لا أظن أن حدث في تاريخ البشرية انفجار او أزمة هزت العالم وأثارت حفيظة البشر وحركت وعي البشر كالانفجار الذي أحدثه الصراع الدائر في غزة منذ ما يزيد على أربعة شهور.
في هذا الصراع النوعي بين الحق والباطل تكشفت هوية القوى والاحلاف التي تتآمر على العالم وظهرت المراكز التي تتحكم في توجيه مساراته وحجم امتدادها ونفوذها وتبدى للجميع ضعف العالم العربي ومدى التبعية والعجز اللذين يسيطران على العقل العربي ويكبلان ارادته ويحدان من حركته وتأثيره على مجريات الاحداث..
لقد كانت غزة الأرضية التي وقع عليها الصدام بين اتجاهين؛ مثل الاول القوى الصهيونية الغاشمة المتغطرسة ومن ناصرها من دول العالم الغربي وحلفائهم في الشرق والغرب. في حين تشكل الاتجاه الثاني من المقاومة الفلسطينية في غزة ومن ناصرها من القوى المؤمنة الصادقة المتمسكة بانسانيتها وارضها وكرامتها.
القوى المتحاربة تتسلح بخطابات متعارضة وتمتلك ادوات وحججا وامكانات متفاوتة؛ فالاولى مهيمنة على القرار العالمي ومتحكمة بتكنولوجيا الدمار التي انتجها النظام الصناعي الراسمالي المتوحش. والثانية استنهضت قوتها لرفض اشكال الهيمنة والتعدي والاستغلال وقررت استعادة حقها في الحرية والكرامة والوجود مهما كلف الأمر.
في الصراع الدموي الجديد تكشف زيف ونفاق النظام الغربي واحلافه من العرب والعجم والبربر.. وعدم صدقية الادعاءات التي تقول إن الغرب يعمل من اجل تصدير ونشر الديمقراطية في العالم فهم يدعمون حكاما فاسدين لا ميزة لهم إلا انهم يعملون لخدمة هذه القوى.
على اجندة هذه القوى بقي تضليل الشعوب وتمزيق هويتها وفكرها وعقائدها من اجل توريطها في صراعات داخلية واقليمية للاستيلاء على ثرواتها ومواردها ووضع شعوبها وانظمتها في حالة فوضى وقلق وصراع لا ينتهي الاولوية الأولى لهذا النظام.
وعلى ارض غزة جرى ويجري كل يوم نزال بين الخير والشر وبين العدل والظلم وفي سمائها تشتعل القنابل قبل وصولها الارض وفي كل حي وشارع تختلط اصوات القاذفات العملاقة بدوي صفارات الانذار وصراخ الاطفال وصوت الاذان الذي لم يعد له رجع صدى قادم من الابراج بعدما دمرت عن بكرة ابيها.
في سماء القطاع الملبد بغبار الدمار ورائحة الابدان المحترقة تحلق طائرات اخرى تحمل مظلاتها طرودا من الخبز والماء والقهوة والاعتذار...
في غزة وليس في غيرها عمالقة حفروا باطن الارض ليزرعوا فيها الرجولة التي لا ينزعها الخوف ولا تحد منها المصالح.. رجولة غاصت جذورها في رمال الارض الطيبة الودودة لتمتزج مع كل ما تعطيه الارض لأهلها من حب وآمن وعنفوان.
على أرض غزة وفي باطنها أحياء واموات.. أنفاق وقبور.. حرية لا تعرف الخوف واحرار اجهز عليهم العدوان.. وفي غزة تاريخ صنعه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وبطولة تحتاج لجحافل وافواج من علماء الآثار وأساتذة التاريخ لينبشوا الآثار ويصيغوا نظرية تليق بابطال لا اظن ان التاريخ الذي مضى عرف لهم مثيلا.
بالامس رحل عميد اسرة روتشيلد الصهيونية التي مولت ودعمت انشاء كيان الاحتلال على أرض فلسطين... هذه الاسرة التي عنون بلفور رسالة وعده المشؤوم الى عميدها قائلا: عزيزنا اللورد روتشيلد.....
وقبل الامس بقي الصهاينة ينتظرون ما ستقول المقاومة بخصوص عروض واطروحات وشروط الهدنة.. نعم لقد تغيرت اللعبة.. وتغير اللاعبون.. فلم يعد الفلسطيني يجلس على مقعد بعيد لتسمع املاءات المعتدي والمحتل....
اليوم اصبح الفلسطيني الغزي قادرا على تصنيع سلاح يفتك بمدرعات العدو واليوم اصبح من انتج قذائف الياسين واذاق عدوه مرارة الخسارة والهزيمة يتكلم والعدو يسمع...
في شوارعنا هتافات وفي قلوبنا غصة وفي فمنا ماء بقي ان يتكلم الشارع العربي وتتحرك القيادات العربية كما تحركت جنوب افريقيا والشعب الاسباني والبرازيلي والبلجيكي والايرلندي فبغير ذلك قد لا تتغير الأمور بالسرعة التي يتطلع اليها الغزيون وكل مواطن وانسان شريف في العالم.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/01 الساعة 10:37