مساعده يكتب: محاضرة معالي الوزير عزمي المحافظه في الميزان
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/29 الساعة 00:23
يدرك من يعمل في الأوساط التعليمية في المدارس والكليات المتوسطة والمعاهد والجامعات مدى التراجع في المستوى التعليمى منذ عدة سنوات مضت ….يرافق ذلك إنحدار كبير في منظومة القيم العلمية والتربوية لدى أبنائنا الطلبة رغم الإمتداد والتوسع الأفقي، ورغم دخول التكنولوجيا للتعليم، ورغم السعي والجري وراء تحقيق تصنيفات على مستوى الاقليم والعالم.
نعم إن ذلك التشخيص لم يعد سرا، فقد أشار إلى ذلك معالي د. محمد الذنيبات وزير التربية والتعليم الأسبق الذي ذكر قبل ما يزيد على عشر سنوات وجود ما يقارب 100000 طالب ممن هم على مقاعد الدراسة لا يقرأون ولا يكتبون، كما أشار معالي الدكتور وليد المعاني وزير التعليم العالي الأسبق الى أن التعليم في غرفة الإنعاش وبحاجة الى إنعاش ومراجعة حقيقية.
وهنا، جاءت المحاضرة التي قدمها معالي الدكتور عزمي محافظه وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي بدعوة من جمعية الشوؤن الدولية قبل يومين لتضع من جديد بوضوح وصراحة المعروفة عن معالي الدكتور المحافظه أن التعليم المدرسي قد تراجع، ولا يعقل أن نجد طلبة في الصف الأول الثانوي لا يجيدون القراءة والكتابة، وليس من المقبول أيضا أن يصبح التعليم مغربّا (من التغريب) وهو مصطلح جديد من قبل معالي الوزير المحافظة يؤشر على نقاط وصلت إلى دائرة اللون الأحمر، حيث نجد من ابنائنا الطلبة ممن لا يتحدثون العربية التي هي الوعاء الفكري لثقافتنا وهويتنا، ممّا يستدعي العلاج الناجع لذلك من أجل إنقاذ منظومة التعليم نوعا وكما،.
وكذلك في الإطار القيمي الذي أخذ بابنائنا بعيدا عن إرثنا التربوي والتعليمي الذي كان أفضل حالا مما نشهده الآن بإسم عناوين خالية من المضمون والمحتوى من جهة، وبإسم الانفتاح والتفاعل مع الآخر من جهة ثانية، دون أن يكون هناك ضوابط تضبط السلوك معرفيا وقيميا، ودون أن يكون هناك كوابح تضبط التهور في الإنسياق وراء كل ما هو جديد دون تمحيص أو تأني في تطبيق ما يناسب موروثنا الحضاري والتربوي.
لقد أشرت كما أشار غيري من الكتاب والمتابعين والأكاديمين إلى ذلك مرارا وتكرارا في مقالات سابقة، ولطالما أن مواطن الخلل تم تشخيصها فالواجب يقضي المعالجة السريعة المدروسة، لأن ذلك ينعكس على جميع مسارات التنمية في بلدنا حيث أن التعليم النوعي الذي يرافقة منظومة قيم تربوية صحيحة تراعي الحداثة المدروسة من جهة ولا تلغي الأصالة من جهة ثانية، لكي يسير التعليم والتربية في خطين متوازيين يسيران جنبا إلى جنب ويكمّل كل منهما الآخر.
وعن وضع بعض الجامعات كاليرموك ومؤته وغيرهما التى ترزح تحت مديونية عالية يتطلب كذلك إخراج هذه الجامعات من مأزقها المالي الذي ينعكس دون أدنى شك على خططها وبرامجها والنهوض بالتعليم ومخرجاته من جانب، كما ينعكس على مدى الرضى والأداء الوظيفي لدى العاملين فيها من جانب آخر، هؤلاء المؤتمنون على إعداد وتخريج الطلبة في مختلف مسارات التعليم المرتبطة حتما بمسارات التنمية في بلدنا، الأمر الذي يستوجب جدولة ديونها لتقوم هذه الجامعات بتنفيذ أهدافها وبرامجها ورؤيتها وتطلعاتها.
إن كلام معالي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي يجب أن يأخذ على محمل الجد من قبل كل المؤسسات ذات العلاقة بداية من الروضة وحتى التعليم الجامعي، لا أن نترك الحبل على الغارب، ولانعرف تحديد البوصلة الحقيقية ليعود التعليم الى سكته الحقيقية كما كان.
وعلى أية حال، كل الشكر لمعالي الوزير المحافظه الذي ثبّت من جديد في محاضرته هذه النقاط فوق الحروف وشخّص واقع الحال بكل صراحته المعهودة التي يتميّز فيها كأكاديمي ملتزم وطبيب متمّيزالتي عرفناها من خلال ارائه المقدّرة أيضا في المجال الطبي وخصوصا خلال فترة كورونا "كوفيد 19" حيث لاقت اراؤه الطبية ومنهجية تحليلاته العلمية من قبل المتابعين كل إهتمام وتقدير…. نعم التعليم النوعي ثم التعليم ثم التعليم هو أساس النهضة وهو الركن الأساس للتنمية الشاملة.
• استاذ جامعي وكاتب (حاليا)/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
• عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الأردنية
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/29 الساعة 00:23