الملكة رانيا العبدالله في قمة الويب بالدوحة: لم تخدم المعايير المبهمة الفلسطينيين يومًا
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/28 الساعة 23:49
"شاهدنا كيف انقلبت مساحاتنا على وسائط التواصل الاجتماعي وتحولت الصور الملونة التي كانت تعج بها حساباتنا إلى مشاهد أحادية اللون: أكفان بيضاء، أنقاض رمادية وشاشات بيضاء وسوداء تتوسطها تحذيرات من قسوة المحتوى".
.. كلمات لها وقعها ودرايتها، عززتها الملكة رانيا العبدالله، بقوة النطق السامي،الإنساني، الذي أثار الجدل والتقدير، أمام قمة الويب التي تستضيفه العاصمة القطرية الدوحة.
جاء توظيف الملكة رانيا، مشاركتها في القمة التي يتابعها نخب المعلوماتية والتواصل الاجتماعي عبر شبكة الويب، المعلوماتية والذكاء الاصطناعي التي استقطبت في قطر، قيادات وشخصيات مهمة في قمة الويب للتأكيد على أن الواقع الافتراضي على وسائل التواصل الاجتماعي، نقل الحرب على قطاع غزة بتفاصيلها المرعبة ولحظاتها الدموية.
* بعد أكثر من 140 يومًا من الحرب.. أعلم تمامًا ما ينتظرني!.
الملكة رانيا العبدالله، تدرك بوعي وثقافة أصيلة، ورؤى إنسانية، واسعة الطيف، الدلالات السياسية والثقافية، عندما قالت:"أتردد مرات عديدة في مشاهدة ما وراء هذه التحذيرات، فبعد أكثر من 140 يومًا من الحرب أعلم تمامًا ما ينتظرني: لقطات مروعة للحياة والموت من ذلك المكان الذي أصبح الأكثر بؤسًا في عالمنا. رضع تغطي أجسامهم حروق موجعة، أطفال استبدلت أطرافهم بضمادات غارقة بالدماء، وأمهات يكشفن الأكفان عن وجوه ملائكية لقبلة وداع أخيرة".
.. وأمام قوة الحقيقة، مأساة الحرب على غزة، حرب الإبادة والتجويع، تنبض الكلمات بحرقة:"أعتقد لبرهة، وأنا أقلب مشاهد تلك الحرب التي خلت من الرحمة، أن الحال لن يزداد سوءًا... إلا أنه يتفاقم. يهوي مقياس الإنسانية إلى مستويات جديدة. أفعال لا يمكن تصورها... أصبحت أمورًا اعتيادية: مستشفيات تتعرض للقصف، أماكن عبادة تُدمر، مدنيون يقتلون وبأيديهم الرايات البيضاء."
*لم تخدم المعايير المبهمة الفلسطينيين يومًا
.. في ظل الواقع والحالة في قطاع غزة، ترى رانيا العبدالله، انه:"سواء على الإنترنت أو أرض الواقع، لم تخدم المعايير المبهمة الفلسطينيين يومًا. انظر إلى الأسس العالمية لحقوق الإنسان، القانون الدولي، والقيم العالمية للمساواة والعدالة، ستجد أن بعض المبادئ الأساسية تُعرّف من جديد لتبرر مستوى من العنف لا يمكن تبريره إطلاقًا."
*أسئلة للتاريخ والمجتمع الدولي.. والأممي.
في منطق إنساني، حقوقي، ووطني، أشارت، الملكة إلى أسئلة يتردد صداها في أرجاء العالم، وهي أسئلة ستبقى أيقونة في ذاكرة التاريخ والمجتمع المدني والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات العالم الثقافية والإنسانية والإغاثية:
*السؤال الأول:
-لماذا يُشجب قتل البعض لكن يبرر قتل آخرين؟.
*السؤال الثاني:
-لماذا يعتبر حرمان طفل من الطعام جريمة، في حين يعتبر تجويع مليون طفل غزي نتيجة مقبولة للحرب؟.
*السؤال الثالث:
-.. وما فائدة تغيير الاعتقادات إن لم نستطع تغيير الواقع؟.
*السؤال الرابع:
-لماذا يجب اختبار إنسانية الفلسطينيين؟.
*السؤال الخامس:
-لماذا على البعض أن يعمل على قدم وساق لنيل التعاطف، في حين يقدم للآخرين بلا مقابل؟.
*السؤال السادس:
-.. وما أهمية إيمان الملايين بأنك قد تعرضت للظلم، إذا سُمح للظلم بالاستمرار؟.
.. وما بين سؤال واخر، واجهت الملكة، الواقع المؤلم فقالت: "لم يكن أهل غزة يومًا أكثر ارتباطًا بالعالم من أي وقت مضى – لكنهم لم يكونوا أكثر عزلة في الوقت ذاته. قُطعت عنهم سبل الماء والغذاء والدواء والوقود وكل ما يلزم لاستمرار الحياة، لكنهم استمروا في استخدام هواتفهم للوصول إلينا."
.. وانه، "قد حلم الفلسطينيون بذاك اليوم الذي سيخبرون فيه قصتهم للعالم. واليوم أصبح صوتهم مسموعًا بوضوح، لكن بأي كلفة؟" مشيرة إلى أن "الدعم الجماعي جاء على حساب القتل الجماعي."
*نحن بحاجة لوقف لإطلاق النار. وقف الدمار، وقف للنزوح.
قمة الويب.. فسحة تباين موقفنا طريقنا عبر هذا التواصل، لهذا شددت جلالتها، عند قالت:
"نحن بحاجة لوقف لإطلاق النار. وقف للدمار، وقف للنزوح.. ووقف للحرمان المتعمد. يجب على هذه الحرب أن تنتهي الآن. العرقلة المتعمدة لدخول المساعدات يجب أن تنتهي. وعلى الرهائن والمعتقلين من كلا الطرفين أن يعودوا إلى بيوتهم".
.. بالتأكيد، هذه محطة، و"لنقل جهاز انذار:"لكن هذه هي البداية فقط. فالفلسطينيون يريدون ما يعتبره أغلبنا حقوقًا بديهية: حقهم في تقرير المصير، القدرة على حكم أنفسهم بكرامة وأمان. والتحرر من الاحتلال. ولا يمكن تحقيق أي من ذلك، دون دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل".
وأضافت "التضامن مع الفلسطينيين يجب أن لا يكون أمرًا عابرًا. فالملايين ممن رفعوا أصواتهم يجب ألا يسمحوا بتراجع قصة فلسطين إلى الهامش مرة أخرى". مشيرة إلى أنه "حين نُخفق في الوقوف مع الحق، نُقر بلا منازع بكل ما هو باطل. فكل صوت يحمل في مداه أمواجًا من الإمكانية. إن اتحدَت ستخلق واقعًا جديدًا للشعب الفلسطيني."
وقالت "بلا شك، ما من قوة تفوق قوة جموعٍ عالمية واعية وممتعضة تطالب بنهاية ظلم تاريخي. بإمكان الضغط الشعبي أن يعيد رسم المستقبل.
*التضامن الجماعي.
تنتبه الملكة، إلى أهمية:التضامن الجماعي أجبر قادة على اتخاذ خطوات اعتُقِد أنها مستحيلة... لزوال العبودية... لإنهاء التفرقة العنصرية... لإسقاط الجدران. فالتغيير ممكن، والظلم قابل للزوال"، وانه:"علينا أن نُصر على عالم حيث السلام والكرامة والحرية هي حقوق بلا منازع. لأجلكم ولأجلنا... ولأجل شعب فلسطين. لأن قصتهم هي جزء من قصتنا. وفي وقوفنا معهم، نقف مع أنفسنا أيضًا."
وفي كلمتها رسمت جلالتها تدرجًا موضوعيًا للقضية الفلسطينية حيث قالت "بالتأكيد، فتحت هجمات السابع من تشرين الأول فصلًا جديدًا في صراع طويل. لكن القصة الأكبر امتدت لسنوات أطول من أعمار معظمنا: خمسة وسبعون عامًا لم ينعم الفلسطينيون خلالها يومًا بالسلام."
وقالت "لوقت طويل، تم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم ومصداقيتهم... وتم تحويلهم إلى شعب يمكن استباحته دون عواقب. تم تجاهل واقعهم كشعب تحت الاحتلال، وتشويه مجتمعهم المتنوع من أطباء وأساتذة وناشطين، وسحق وتجريم محاولاتهم العديدة للمقاومة غير المسلحة – من حملات الإضرابات والعصيان المدني التاريخية إلى مسيرة العودة الكبرى في غزة."
ونوهت إلى انه "تم اختزال الشعب الفلسطيني إلى أعداء في رواية لطرف آخر – صُوروا للعالم على أنهم تهديد للأمن أو إرهابيين. لكن اليوم، ولأقسى الأسباب، أصبح الفلسطينيون على مرأى العالم. فبعد ثلاثة أرباع قرن من بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رأى الملايين حول العالم للمرة الأولى ما يعنيه أن تكون فلسطينيًا."
*أفعال الحرب على البشرية.
في طروحات رانيا العبدالله، رؤية حول ضرورة فهم المجتمع الدولي، الأفعال الحروب، وبالذات الحرب على غزة، وتنظر بوعي لتفسير ما يحدث:
"أفعال الحرب لا تكون دائمًا واضحة على هيئة قصف جوي أو كمين أو عملية اختطاف. أحيانًا، يأتي العنف على صورة حصار مطبق يمتد لأكثر من سبعة عشر عامًا، أو عقود من عمليات القتل اليومية. يأتي على شكل نقاط تفتيش أو جدار عازل أو عنف من مستوطنين مسلحين أو اعتقالات بلا سبب واهانات لا تنتهي تحت وقع احتلال."
وترى من زوايا متعددة: "هذه هي مشكلة ما يسمى بحلقات العنف: لا يوجد اتفاق من أين تبدأ القصة، ويركز كل طرف على معاناة شعبه ويقلل من معاناة الآخرين – ودوائر الصدى الرقمي تشجع حالة التمترس بأن رأينا هو الوحيد الصائب"؛ ذلك أن "دوائر الصدى في أذهاننا مبرمجة على رفض أي حقائق أو معلومات لا تؤكد قناعاتنا. ومع ذلك، الحرب في غزة والتي تبث للعالم مباشرةً، أظهرت بشكل واضح الاختلال في موازين القوى الذي أملى قصة هذا الصراع. وقد دُفع الكثيرون في الغرب للشك بمصداقية الصورة التي طُبعت في أذهانهم عن القضية الفلسطينية، وأنهم قد لا يمتلكون القصة الكاملة لها." مشيرة إلى أنه "عندما يُسلب أحد أطراف الصراع من حقه في سرد الرواية، لا يبقى أمامنا إلا رواية منقوصة".
حتما، "ليس من السهل زعزعة القناعات الراسخة، لكن عندما نخرج من أريحية ما هو مألوف نجد الفرصة للفهم والتواصل والنمو". منوهة إلى انه "يمكن لأحدهم القبول بأن قيام دولة إسرائيل كان - بالنسبة للكثيرين - بمثابة رد على ظلم تاريخي، وفي الوقت ذاته يُقر أن ذلك أوجد ظلمًا ما زال قائمًا على شعب آخر"، لهذا توضح جلالتها:" لكن العديدون ممن عبروا عن هذه المشاعر واجهوا رد فعل سلبي، وكأن المساواة بين قيمة حياة الفلسطينيين والإسرائيليين هي جريمة. وكأنما الفلسطينيون موجودون خارج حدود إنسانيتنا."
قمة الويب قطر، نقطة تحول لفهم الحدث الافتتاحي لقمة الويب العالمية في الشرق الأوسط، والتي تدير عددًا من الأحداث التكنولوجية في العالم.
وهي، قمة لأربعة أيام، يخوض خلالها، ألف شركة ناشئة من 80 دولة من بينها الأردن، وتستقطب القمة نحو 12 ألف مشارك من أكثر من 120 دولة.
.. أعطت القمة، فرص لوعي هذا العالم من قضايا المنطقة والعالم، وركزت على حال الحرب على غزة، وأثرها على مستقبل الإنسانية والمجتمع الدولي.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/28 الساعة 23:49