التل يكتب: بشارة مورسكية لغزة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/26 الساعة 21:55
اغبى الانظمة والساسة هم أولئك الذين يعتقدون انهم يستطيعون اقتلاع شعب من أرضه وانتمائه الحضاري، فتكون النتيجة هزيمتهم امام ذلك الشعب، وأوضح دليل على ذلك انتصار المورسكيين المسلمين الأندلسيين على كل محاولات اجتثثاثهم من أرضهم ودينهم، بكل وسائل الاجتثاث، لكن هاهي شجرة المسلمين المورسكيين تثمر من جديد في أرض الأندلس، بل وتمتد ظلالها إلى الغرب كله، كما تقول الباحثة المتخصصة في التاريخ، المورسكية اديبة روميرو، التي يجري استحضارها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي، في
ظل معركة طوفان الأقصى التي احيت الأمل في نفوس أبناء أمتنا شيبا وشباب، رجالا و نساء، فصاروا يبحثون عن كل مايروي هذا الأمل وينميه،و منه استحضار تجربة المسلمين الأندلسيين في استعادة حقوقهم وأولها دينهم وهويتهم الحضارية المنتمية للحضارة الاسلامية، وفي هذا المجال يجري على وسائل التواصل الاجتماعي تداول كثيف لبرنامج تلفزيوني استضاف الباحثة الأندلسية المتخصصة في تاريخ المورسكيين الدكتورة اديبه روميرو، التي كانت عائلتها من اوائل العوائل الإندلوسية التي تسترد حقوقها، وأولها دينها وانتمائها الحضاري والثقافي، بل وتحولها إلى خلية نشاط ليس لاستعادة كامل حقوق المسلمين الأندلسبين، بل ولنشر الإسلام في الغرب، والبحث عن مكونات الحضارة الإسلامية في كل أنحاء العالم. وهذا حديث يطول لثراءه، ولتشعب الموضوعات التي تناولتها بعلم ومعرفة وتخصص الدكتورة أدبية روميرو ولنا عودة لبعضه ان شاء الله،في مقال اخر، لأن مايهمنا التركيز عليه في هذا المقال التشابه إلى حد التطابق بين ماتعرض له المسلمون الاندلسيين في اواخر القرن الخامس عشر وماتلاه من قرون، وما يتعرض له أبناء فلسطين منذ بداية القرن العشرين. فكلاهما تعرض لإبادة جماعية استهدفت اجتثاثه من جذوره. فالمسلمين الاندلسين تعرض الكثيرين منهم للتهجير القسري من أرضهم، وهو ماجرى ويجري لأبناء فلسطين، والمسلمين الاندلسبين تعرضوا لعمليات قتل جماعي، وهو ماجرى ويجري في فلسطين واخر شواهده المذابح الجماعية اليومية التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة منذو شهور ، وفي الأندلس تمت مصادرة اراضي وعقارات المسلمين، وهو بالضبط مايقوم به العدو الاسرائيلي في عموم أرض فلسطين، وفي الأندلس تم تغير اسماء المدن والمناطق، والأحياء، في إطار الجهد المحموم لتزوير التاريخ من خلال إخفاء معالمه، وهو بالضبط ماجرى في فلسطين، وفي الأندلس تم محاربة اللغة العربية، وهو اول ماتفعله دولة الاحتلال في فلسطين، وفي الأندلس كانت محاكم التفتيش تقوم بمنع المسلمين من وضع أبواب لبيوتهم ليتم اقتحامها حتى تتأكد محاكم التفتبش من ان لا أحد منهم يقوم بشعائر الإسلام، وغالبا ما كانت تهدم هذه البيوت، واقتحام البيوت وهدمها ممارسة شبه يومية ضد أبناء فلسطين،يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي القائم على التعصب الديني الذي يفوق تعصب محاكم التفتيش التي إقامتها الكنيسة لإبادة المسلمين في الأندلس، وهو التعصب الذي دفع إلى هدم المساجد في الأندلس أو تحويلها إلى كنائس، وهو ماجرى و مايجري في فلسطين، حيث تحول الكثير من المساجد التي لا تهدم إلى كنس يهودية! .
كل هذا الذي جرى للمسلمين الأندلسيين، أدى كما تقول الدكتورة أدبية روميو إلى سقوط سياسي للمسلمين في الأندلس، لكنه لم ينسي الكثيرين منهم جذورهم الدينية وانتمائهم للحضارة الإسلامية، فإلى جانب احتفاظهم بالمفاتيح الحديدية لبيوتهم التي أمنوا انهم راجعون إليها،كما يفعل الآن أبناء فلسطين كذلك احتفظوا سرا بطقوس شعائر دينهم وثقافتهم الإسلامية وحولوها إلى جزء من التراث الشعبي الاسباني . وظلوا على ذلك ما يقارب الخمسة قرون، استعادوا بعدها حريتهم الدينية وعادوا إلى اسلامهم، بل تحولوا إلى دعاة لنشره، في برهان مادي وعملي ملموس على ان الشعوب تسترد حقوقها مهما طال الزمن واستبد المحتل وأن لناظره قريب.
خلاصة القول :أن في كلام الدكتورة اديبة روميرو البشارة لأبناء فلسطين ولكل احرار الحضارة الإسلامية.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/26 الساعة 21:55