هل يهتز 'بريكس' عبر البوابة الهندية؟

م. مهند عباس حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/25 الساعة 02:49

يبدو أن ما ينتظر الهند من مستقبل زاهر ودعم غربي أكبر بكثير مما ستحققه من إنضمامها لمجموعة بريكس، فمن الإجتماع السابق للمجموعة في جنوب إفريقيا ووقوف الهند في وجه إصدار عملة جديدة لـ"البريكس» تنافس الدولار، والعلاقات الأميركية–الهندية القوية التي سبقت اجتماع «بريكس»، من خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي العام الماضي للولايات المتحدة، وتأكيده الشراكة العميقة بين البلدين، أدركت الهند بأن الفرصة متاحة لها لتكون بديلاً اقتصاديا مكان الصين من خلال نقل وتحول الصناعات التكنولوجية للهند لإحتلال أحد المراكز الثلاثة في القوة الاقتصادية العالمية قريباً.

إن الثقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين إهتزت ولن تعود لسابقتها نتيجة موقفي الصين من الحرب الروسية–الأوكرانية وكذلك القضية التايوانية،أضف الى ذلك تمدد الإقتصاد الصيني, حيث من المتوقع أن يتجاوز الإقتصاد الأمريكي العقد القادم.
كل ذلك وضع الضغط على الولايات المتحدة لإيجاد بديلاً عن شراكاتها مع الصين، بدولة شبية للصين، ألا وهي الهند.
فالهند ذات التعداد السكاني والذي يشكل 17% من سكان العالم، والمهيأة للصناعات المختلفة وخصوصاً التكنولوجية التي تتكامل مع الصناعات التكنولوجية الأميركية، حيث تخطط الولايات المتحدة لإنشاء مصنع متقدم للرقاقات الإلكترونية ينافس مصنع تايوان، وستستفيد الولايات المتحدة من الأيدي العاملة الهندية المهرة لتحل محل الصينيين ولا ننسى السوق الهندية الذي سيتنامى مع الزمن ومن المتوقع أن يقفز الإقتصاد الهندي للمركز الثالث عالميا خلف الولايات المتحدة والصين في حلول عام ٢٠٣٠، وتسجل الهند الآن نمواً يعتبر الأسرع بين دول العالم.
ولا ننسى أيضاً حاجة الولايات المتحدة للهند في القضية التايوانية كون الهند لها نفوذ في منطقة المحيط الهندي المجاور لبحر الصين في ظل النفوذ الصيني المتعاظم في تلك المنطقة.
لقد بانت النية الأميركية بدعم الهند علانية ومحاولة سلخها من مجموعة بريكس من خلال إطلاق المشروع الإستراتيجي الذي يربط الهند بأوروبا والخليج بما يعرف «الممر الكبير» أو » الممر الإقتصادي»،وذلك لتهيئة البنية التحتية والنقل اللوجستي لما ينتظر الهند من تبادل تجاري ضخم في العقد القادم وتطوير وتوطين للصناعات في الهند.
فإحلال الهند مكان الصين أصبح حاجة ماسة للولايات المتحدة،وخصوصاً أن هناك خلافات مبطنة بين الجارتين الصين والهند وأهمها خلافهما الحدودي.
ولا ننسى الدور الإيجابي الذي تلعبه الهند في أزمة الطاقة خلال الحرب الروسية–الأوكرانية بمد أوروبا بالمشتقات النفطية،حيث تعتبر الهند الآن أكبر مستورد للنفط الروسي، حيث تستورده وتكرره وتبيعه لأوروبا بمباركة أميركية.
إن الأوراق التي ترتبت في السابق في مجموعة البريكس نراها الآن تتبعثر من جديد, فالشراكات الإقتصادية تبدلت بطريقة تعكس مصالح ذاتية لكل دولة، وهي لا تخدم المجموعة فكل دولة تبحث عن مصالحها الخاصة ومصالح شعبها.
فالدول العربية عليها مسؤولية كبيرة في تنويع إستثماراتها وبناء علاقاتها الإقتصادية المختلفة والوقوف على مسافة واحدة من أي تحالف مهما كان، فحليفك اليوم سيصبح عدوك غداً، وعدوك اليوم سيصبح حليفك غداً، من خلال ما رأينا في حرب غزة، فالاقتصاد العالمي سيميل أكثر إلى تنوع الاقطاب وسط منافسة شديدة لقيادة العالم إقتصاديا لفرض قوانين القطب المهيمن والتحكم بالأدوات الإقتصادية المختلفة, حتى لو تطلب ذلك قيام حروب ونزاعات مسلحة بين تلك الأقطاب وحلفائهم، لكن هل ستفسد حرب غزة ما يخطط له الغرب اقتصادياً كونها ستكون عائقا أمام خططهم المستقبلية وذلك من خلال ربط الهند بالغرب؟

مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/25 الساعة 02:49