الوريكات يكتب: بذور الخبث الصهيوني وكرم الأعراب

عبد المنعم الوريكات
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/21 الساعة 15:36

دخلت عصابات الصهاينة الى أرض فلسطين المباركة واقامت دولتها المزعومة بعد أكثر من 100 عام من أول بعثة امريكية ناجحة أوصت بأرض فلسطين كأرض مناسبة تصلح لإقامة الدولة اليهودية، وهي بعثة "وليم لنش" عام 1848.

العصابات الصهيونية لم تدخل المنطقة على ظهور الدبابات ولم تتجيّش بالترسانات العسكرية، إنما دخلتها بصفة المُزارع البسيط، والتي كانت ذروتها المشاريع الزراعية للمجتمع اليهودي في القدس وبيت لحم، وتجّار حالمين مثل يهود طبريا الأغنياء، ولاجئين لاحول لهم ولا قوة، يريدون الهروب الى بعض الأمان من هول الإضطهاد في أوروبا.
أقامت العصابات المزارع والمتاجر والشركات والاتفاقيات الخبيثة حتى يتسنى لهم تنفيذ مخططاتهم، ضمن شبكة حماية دولية من الغرب "بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا" في ظل ضعف الدولة العثمانية وتواطؤ البعض ، وكان ذلك بقيادة القنصل البريطاني في القدس "جيمس فن" والقنصل الفرنسي في بيروت "هنري جايز" وقنصل الولايات المتحدة الأمريكية في بيروت "جاسبر تشاسود" وكانت النتيجة إحتلال دامي في فلسطين.
منذ فترة انتقل الكيان مجدداً إلى مرحلة جديدة لإكمال مخططاته ضمن الأرض الموعودة المزعومة، ودولته الكبرى، وبدأوا في دخول الدول المُستهدفة تحت غطاء إتفاقيات التطبيع "السلام" والشركات التجارية العالمية والبنوك، والاتفاقيات الإبراهيمية ضمن عدّة دول لتأمين مصالحها وقوننتها مستقبلاً، في عمل خبيث لا يمكن فهمه للقارىء الجيد لهذا الكيان السرطاني إلا أنه بداية للتمدد لإكمال مشروعة في المستقبل.
التغيير المُلاحظ في مرحلته الحالية والمُختلف عن مرحلته الأولى هو وقاحة هذا الكيان، وعلانية مخططاته، حيث ظهرت في الكثير من المناسبات الصهيونية خرائط علنية لدولتهم المستقبلية، وبدأت أحيانا نتائج بعض أهدافه الجزئية تطفو على السطح مثل تكاثر مؤيدي التطبيع الشعبي والحكومي مع دولتهم، وظهور الداعين إلى التعايش العلني معهم، وبدء ظهورهم العلني في البلدان العربية باللباس الديني اليهودي، حتى أن بعض الحاخامات بدأوا فعليا بممارسة طقوسهم الدينية العلنية في معظم بلدان المنطقة بمشاركة بعض المسلمين المتصهينين، من خلال بوابة التعايش السلمي وحرية الأديان.
اللافت أيضاً أن الصهاينة العرب بدأوا فعليا بالدعم العلني لمخططاتهم، وشيطنة ومهاجمة كل من يعارض ذلك، حتى أنهم اليوم يظهرون بكل جرأة دون أي حساب من الحكومات العربية، مهاجمين الشعب الفلسطيني والمقاومة الساعية لتحرير دولة فلسطين من الكيان الهمجي، ولا أتحدث هنا عن المتعاطفين مع الشهداء والأوضاع التي آلت إليها الأمور في غزّة، بل أتحدث عن الهجوم الممنهج من قِبل بعض الإعلاميين والمشاهير، وشيوخ دين السلاطين والماسون، ومؤثرين مواقع التواصل الإجتماعي، المدعومين من الصهاينة بشكل مباشر أم من خلال نُخب محسوبة على قياداتها في دولهم.
الوعي المجتمعي والرسمي لهذه المخططات يجب أن يكون حاضراً لدى الجميع بِدأً من المدرسة وحتى أعلى المستويات، ويجب أن تبدأ هذه العملية من المناهج التعليمية وتنتهي بالسياسات العامة الداخلية والخارجية والعسكرية والإقتصادية، ويجب لجم أي صوت يغرد عكس هذا التوجّه، وعلى القرار العربي أن يعتبر ذلك من أولويات الأمن القومي والديني.
بدأت التسريبات ومنذ فتره ومن أكثر من جهة تظهر نيّة الكيان الغاصب الجشع إعلان دولتهم الكبرى عام 2048 في ذكرى مئوية تأسيس دولتهم، والدارس لتاريخ طريقة عمل الصهاينه وطول أنفاسهم في تنفيذ مخططاتهم وإصرارهم على ذلك، يعرف جيّداً أنه لا يجب على أحد التغاضي عن أفعالهم وتجبّرهم اذا ما سنحت لهم الفرصة، وأن الهدف الأول والأخير لهم هو الإسلام السنّي وأهله، وما يحصل في غزّة حاليا دليل واضح عمّا أتحدّث عنه، وما يحص في كثير من بلدان المنطقة من سعي مسعور للإنضمام الى الإتفاقيات الإبراهيمية التي أُبرمت والمنتظرة بلهفة إلا دليل واضح على كرم الأعراب المدروس تجاه هذه المخططات.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/21 الساعة 15:36