'أُحبولة' الاعتراف بـ'الدولة الفلسطينية'.. أو الحماسة الغربية الـ'مُريبة'

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/19 الساعة 03:50
استكمالاً لمقالة أمس/ الأحد, برزت مؤشرات أخرى/ جديدة, فى شأن اعتراف «غربي» بالدولة الفلسطينية المستقلة, عبَّر عنها «أميركياً» وزير الخارجية/بلينكن في مؤتمر «ميونخ للأمن» المُنعقد الآن في نسخته الـ«60», عندما ربط بين هذا الإعتراف و«دمج» دولة العدو الصهيوني في المنطقة, مُضيفاً في استطراد لافت: أن الدول العربية «راغِبة», وكان سبقه قبل يوم واحد الرئيس الفرنسي/ ماكرون, عندما أطلق تصريحاً «مُدوياً» في مصطلحاته كما مضمونه بقوله: الاعتراف بالدولة الفلسطينية «ليس من المُحرمات بالنسبة لنا». مُكررا دعوته لـ«حل الدولت?ن» القائم على إنشاء دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل، وداعياً إلى «اندفاعة حاسمة في هذا المجال لا رجوع فيها».
وبصرف النظر عن الشروط «الغريبة» التي وضعها بلينكن للإعتراف بـ«الدولة الفلسطينية» العتيدة والغامضة في الآن ذاته, وبخاصة اشتراط قيامها «بتقديِمها ضمانات أمنِية لإسرائيل», وقبل ذلك إصلاح سلطة الحكم الذاتي في رام الله, فإن مسارعة مُجرم الحرب نتنياهو إلى رفض «اقتراح» كهذا ووصفه بأنه مثابة تقديم مُكافأة لحركة حماس على «مذبحة 7 أكتوبر», مُستعيداً العِبارة/ الكليشية الصهيونية المعروفة بأن أي تسوية مع الفلسطينيين, يجب أن تتم بالمفاوضات المُباشرة بينهما وبدون شروط مُسبقة, يضع «رد نتنياهو» الكرة في ملعب التحالف الغرب? «الخُماسي/ أميركا, بريطانيا, ألمانيا, فرنسا وإيطاليا أضف إليهم كندا واليابان» المُسانِد لإسرائيل بلا تحفظ, والرافض حتى اللحظة الدعوات الدولية المُلحة لوقف إطلاق النار.وإذا ما عُدنا إلى المناورة/ الأُحبولة التي لجأ إليها نتنياهو في محاضرة له أمام مؤتمر إقامته جامعة «بار إيلان», يوم 14/ 6/ 2009, أعرب فيها عن «موافقته على إقامة دولة فلسطينية, «منزوعة السلاح» دون «القدس ودون حق العودة», في مقابل الاعتراف بـإسرائيل كـ«دولة يهودية». مع الإنتباه إلى أنه ما لبث ان تنكّر لهذا «الإعتراف المُفخخ», والذي يصعُب إن لم نقل أنه كان من المستحيل, على أي «مفاوض» فلسطيني أن يقبله, حتى لو جاء صفوف سلطة أوسلو, فإن نتنياهو أعلن بعد «6» سنوات أي في (8/ 3/ 2015).. «تنصّله من فحوى الخطاب الذي أل?اه في جامعة «بار إيلان» عام 2009، وقال إنه «لم يعد ذي صلة». ما عنى رفض نتنياهو لـ"فكرة قيام دولة فلسطينية».هنا أيضاً ودائِماً يجب وبالضرورة أن يتم «تذكير» الذين يُبدون حماسة لافتة ومُريبة, هذه الأيام للإعتراف بدولة فلسطينية «وهمية» الملامح والسيرورة, خصوصاً من ساسة الغرب الاستعماري, دون أن يبذلوا أي جهد لوقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, تذكيرهم بما كان مُجرم الحرب نتنياهو, قاله قبل «100» يوم فقط من عملية «طوفان الأقصى», إذ قال في 26/ 6/ 2023, أنه (يجب العمل على «اجتثاث فكرة» إقامة الدولة الفلسطينية، وقطع الطريق على «تطلّعات الفلسطينيين» لإقامة دولة مستقلة لهم). ولم نسمع أي رد فعل او مُجرد تصريح غ?بي وخصوصاً أميركي, يرفض تصريحاً كهذا أو يشجبه, بل رأينا إدارة بايدن ماضية قُدماً وبحماسة ونشاط محمولاً على ضغوط وإغراءات ورشى, في مواصلة عملية «التطبيع», ودمج الكيان الصهيوني الإستعماري الإستيطاني العنصري في المنطقة العربية, وفق وعلى هدي المسار الذي خطّه صاحب «صفقة القرن».. ترمب.ماذا قالت الصُحف «الإسرائيلية» حول «موجة» التصريحات الغربية للإعتراف بـ«دولة فلسطينية»؟.كتبت أُسرة تحرير «هآرتس», افتتاحية الصحيفة تحت عنوان.. «فرصة إسرائيل» قالت فيها: على إسرائيل أن تُغيّر بسرعة سياسة الرفض طويلة السنين لديها. تغيير لا يمكنه أن يحصل تحت الحكومة الحالية برئاسة مُحبِط السلام نتنياهو. الذي اصدر مكتبه بياناً يقول إن هذا «ليس الوقت لتوزيع الهدايا عليهم». يجب - أضافت الصحيفة - أن تقام بسرعة حكومة أخرى، لا تفوق حجم الفرصة والساعة. «نعم» إسرائيلية واضحة وجليّة لمبادئ الخطة (المُقترَحة أميركياً) هي أمر واجب الواقع، اذا ما كانت إسرائيل مُحبة للحياة والتغيير. التفكير في أنه إلى الأبد ?تعيش الدولة على حِرابها، مهما كانت مُتطورة وذكية، تحطّمتْ في 7 أكتوبر. وعليه ـ تابعَتْ ـ فلا يمكن الاستخفاف بمصيرية سياسة تدفع فيها قدماً مبادرة دولية كهذه.أما ناحوم برنياع فكتبَ مقالة في «يديعوت أحرونوت» تحت عنوان «بيبي لا ـ لا «جاء فيها: «مشروع الدولة الفلسطينية هي فرصة لبايدن, من حيث السياسة الخارجية وفُرص النجاح في الانتخابات الداخلية». أمَّا بالنسبة لنتنياهو فهي «فرصته لاستعادة الناخبين الذين فَقدَهم إثر الإخفاق في 7 اكتوبر», مُضيفاً.. رؤية الدولتين تسمح لبايدن لأن يُدخل تحت مظلة واحدة كل الدول السُنية، الجناح التقدمي في حزبه والناخبين الشبان الذين ملوا المرشحين للرئاسة, فرصة بايدن ـ تابعَ برنياع ـ هي أيضاً فرصة نتنياهو. الصراع ضد دولة فلسطينية يُتيح له ?ن يُعيد إليه قسماً من الناخبين. أنتم لا تريدون 7 أكتوبر في كفار سابا، سيقول لهم نتنياهو. أنا فقط سأوقِف الإنجراف.لكن تسفي برئيل كتبَ في «هآرتس» يقول: أحد الخيارات الذي يمكن أن يضع الولايات المتحدة على «مسار تصادُم مع اسرائيل» هو الاعلان مع الاتحاد الأوروبي عن الاعتراف بدولة فلسطينية, يتم ترسيم حدودها في المفاوضات مع إسرائيل، وإلى حين انتهاء هذه المفاوضات, فإنه ـ أضافَ ـ «لن» يتم طرح أي اقتراحات في مجلس الأمن, المُخول بالاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، ولكن ـ ختَمَ ـ لا يُوجد حتى الآن ما يشير إلى أن واشنطن مُستعدة لِتسلّق هذا المتراس.فـ«تأمّلوا».
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/19 الساعة 03:50