القس عزر يكتب: أهمية المبادرة الملكية للأسبوع العالمي للوئام بين الأديان

القس سامر عازر
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/11 الساعة 08:27
مَرَّ الآن أربعةَ عشرَ عاما على تبني الجمعية العالمة للأمم المتحدة وبالإجماع في العام 2010 مبادرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم بأنْ يكون الأسبوع الأول من شباط من كل عام أسبوعا عالميا للوئام بين الأديان.ولقد شكل تبني هذه المبادرة الملكية العربية الأردنية الهاشمية لتصبح مبادرة عالمية نقطةً هامةً تستحق الوقف عندها، أولاً لما تجسده هذه المبادرة من حكمةٍ وبصيرةٍ ورؤيةٍ هاشميةٍ ثاقبة تستشرف أهم التحديات التي تواجه عالمَنا من جراء سوء استغلال الأديان والمشاعر والرموز الدينية لبث الفرقة والإنقسام والإقتتال والتعصب وخطاب الكراهية، مما يقود للتطرف والإرهاب في بعض الأحيان.وثانيا، لما تحمله هذه المبادرة من مضامين هامة في أهمية نشر ثقافة السلام والوئام الديني بين البشر وذلك لمقتضيات العيش المشترك والتفاعل الإيجابي بين جميع مكونات المجتمعات، لبناء الأوطان وتطورها الحضاري والإنساني الضرورين للبشرية جمعاء.والتحدي الكبير الذي تضعنا أمامه هذه المبادرة الملكية يكمن في ترجمة جوهر هذه المبادرة ببرامج وفعاليات واستراتيجيات وخطط عمل مستدامة لتحقيق الوئام بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المتنوعة، فعالمنا اليوم متنوع ومتعدد ولا يوجد مجتمعا واحدا متجانساً، فكل الدول والبلدان تتضمن أجناسا وأعراقا وألوانا وأعراقا وأديانا مختلفة، ومن الضروي العمل بجدية تامة لنشر ثقافة المحبة والسلام وقبول الآخر رغم التنوع الديني والثقافي والعرقي، بحيث يحافظ الجميع على خصوصياتهم ولكن ضمن سيادة القانون الذي من المفترض أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، ويجرّم ويعاقب كل من تسوّل هل نفسه الإساءة أو التطاول أو التعرض حرية الآخرين ومعتقداهم وكتبهم المقدسة وعباداتهم ورموزهم الدينية.فتطور البشرية وتوسعها وانطلاقتها في سائر العلوم والإختراعات ووسائل التواصل الإجتماعي والتكنلوجي والتقني لا يجب أن يكون مدعاة للإساءة للآخرين وسلب حقوقهم وحرياتهم، أوسبباً في زرع بذور الفتنة وإذكاء نار الفتنة وزيادرة التباعد والنفور بين المجتمعات المختلفة وحتى في داخل المجتمع الوحد، بل وجب أن يتم تطوير والتزام الجميع بمبادئ ومعايير مشتركة عالمية إنسانية تحافظ على كرامة الإنسان وحقوقه وحريته، لا أن يتم إنتهاكها لها تحت أية ذريعة أو عنوان أو التعدي عليها أو اغتصاب الحياة البشرية تحت أية سبب أو أي ذريعة.لذلك، لا بد من التعاطي مع هذه المبادرة الهامة على الصعيد المحلي والعالمي بكل جدية واقتدار لنضمن عالما أفضل تسوده ثقافة السلام والوئام والمحبة من أجل بناء عالم أفضل، مما يتطلب منّا التمسك بجوهر الأديان ورسالتها والبناء على المشتركات الكثيرة بينها، والنأي بالأديان عن أية أهواء وأهداف شخصية أو مطامع سياسية أو اقتصادية تتسبب في مفاقمة مآسي الشعوب والأمم. وكذلك العمل على تنقية ما يمكن أن يكون قد علق بتعليمنا أو ممارساتنا من آفاق ضيقة إقصائية أو عدائية أو تبني إفتراضات مسبقة مشوّهه عن الآخر المختلف عنّا.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/11 الساعة 08:27