الفضيّة في زمن الملكّية
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/07 الساعة 09:22
من الطبيعي أن يختلف القوم على مؤشرات التنمية الوطنية منذ بداية النصف الثاني من عقد الثمانينات، تصاعداً إلى ثلاثة عقود ونيف مرّ بها الأردن في موجات تصاعدية أحياناً وسبات في أحياناً أخرى، ومع كل ما جرى حولنا من حروب لم نفهم لها أي تفسير في دولة مجاورة كالعراق الذي واجه حربين دمرتا بناه التحتية وغيرت ملامحه و ما جرى من بعد فيما أطلق عليه الربيع العربيّ والذي أدى إلى كوارث سياسية ومتغيرات اجتماعية كسوريا و ليبيا ومصر بقدر أخفّ، مدعومة بالفوضى الخلاقّة التي أطلقتها أمريكا كحلّ لمشاكل العالم، ما نتج عنه كوارث على جميع الصعد، وبقي الأردن صامداً يداوي جراحه وجراح الأشقاء.
خمسة وعشرون عاماً عاصرها الأردن بقيادة ملكٍ رأى منذ تسلمه عهدة الوطن أن العناصر الوطنية يجب أن تستند على مرتكزات قوية في البناء للجيل القادم والذي بات اليوم خزّاناً يرّفد الوطن بشبابٍ طموّح، مع ما يعانيه هذا البلدّ من تكالُب التكالبّ، والحرّوب الناعمة اقتصادياً وسياسياً رغم شُح إمكانياته، فإنه بقيّ على العهد الذي نادى فيه الحُسين البانيّ طيلة سبعة وأربعين عاماً من عمره، ضمن بُعد نظر ثاقب ترجمه على أرضية مستقبلٍ أبعدّ، يكون فيه خليفته مشروعٌ وطنيّ جدّيد وهو الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي بدأ من فوره راعياً لحفظ تاريخ الأردن وحامياً للدستور ومدافعاً عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
الملك عبدالله الثاني هو أسبق ملكٍ أو رئيس دولة في العالم العربيّ، ولو استعدنا الذاكرة لوجدناه الملك الوحيد الذي عاصر العديد من الملوك والرؤساء قبل رحيلهم، وهو الوحيد الذي يخصّص جولاته في جميع محافظات الوطن، والوحيد الذي يجلس على الفراش المتواضع عندما يزور العائلات الفقيرة وهو الذي يوعز بنقل الحالات المصابة أو الوفيات التي تقع للأردنيين خارج البلاد، وهو الذي يدرك أن قدره مرتبط بعمق شعبه و لهذا لا ينفك يجوب الدول الصديقة والشقيقة ليكون الأردن محط الأنظار و جلب الاستثمارات وتوطين الخبرات في هذا الوطن.
ومن هناك نرى كيف يتناطح البعض بالغمّز من قناة الدولّة الأردنية التي يقودها الملك، وكيف يتعاطى البعض الآخر مع الأردن على أنه فندق أو ممّر عبور، ولو بحثنا عن الجذور لوجدنا أن الأغلبية منهم ليسوا سوى صائدو فرص ليركبوا الموّجه، وإن أُعطوا منصباً أو فضّلا لتجدن منهم من تعَود بهم «حليمة» للعادة القديمة، فالأسرار المؤتمن عليها توَزع على العامّة كي يؤلبوا البعض ممن تستهويهم لعبة السياسة وهم أبعد ما يكونون عنها.
إن هذا الوطن الذي بناه العظماء منذ بداية التأسيس، لا يزال شاهداً على الموروث التاريخي لوطن احتضن كل من لجأ أو هاجر إلى هذه البقعة التي حباها الله بنعمة الرحمّة والشهامّة والألفة وفتح شعبها ودولتهم أذرعهم لكل من دخل «بيت عبدالله»، ومع ذلك نجد أن هناك من يطعن بخاصرة الأردن، ولو فتح لهم الطريق ما وطئوا أرضاً ولا قطعوا وادياً للقتال، ومع هذا تَحُلم دولتنا على صغارها ممن لا يعرفون سوى الهتافات التي لا تحرر فلسطين ولا تنقذ أشقاءنا في غزة التي يقوم جيشنا الأرّدني العظيم بتكليف من الملك مباشرة لنقل كافة المساعدات الطبية والعينية والمستلزمات، وهذه ليست منّة بل واجٌب علينا جميعاً.
عندما نرى اليوم كيف كفّ البعض عنّا أيديهّم، نرى في المقابل أن الملك في ذكرى توليه عرش المملكة، عكف منذ جاء ملكاً ليزيد أعداد الصروح التعليمية والمستشفيات حتى أصبحت الأميّة في خبر كانَ، وها هو يوعز لرئيس ديوانه مقابلة أبناء شعبه ويستمع لمطالبهم، ويتابع عن كثبّ كافة المواضّيع والمشاريّع التنموية وتحديث الإدارة العامة وترشيق النظام العام وغيرها من المحاور التي أطلقها لتحديث الرؤية الاقتصادية.
ومن جانب آخر يدعّم جلالة الملك هيبة النظام وحماية الحدود، فجيشنا الأردني يقف بشموخ بين مقاتل يحمي حدودنا من الاختراقات الإرهابية وعصابات المخدرات والأسلحة لحماية وطننا وشعبنا وفي المقابل يقود سلسلة من عمليات الإنزال المظلّي لإيصال آلاف الأطنان من المساعدات لأهلنا في غزة، وسيبقى الملك مدافعاً عن الحق العربي للفلسطينيين، ولهذا نرى الغضب الذي يتملك قادة الاحتلال ويستثنون الأردن أحياناً ولكن سيبقى هذا الوطن وقائده المفدى وشعبه العظيم شوكة عصية لا تهزه رياح الشر.
كل عام والأردن والملك والشعب فوق هام السحّاب مكرمّاً بفضّية ملكّية لمستقّبل أفضّل.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/07 الساعة 09:22