التل يكتب: عن عوني الذي رحل
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/05 الساعة 22:01
عوني بدر الذي رحل عنا قبل أيام، نتمنى له من الله الرحمة الله، لم يكن بالنسبة لي مجرد زميل مهنة، قد تنتهي العلاقه معه بتغير مكان العمل، أو وقوع خلاف عابر. لكن عوني بدر كان بالنسبة لي صديق عمر، فقد امتدت العلاقة بيننا لما يقارب من نصف قرن من الزمان. حيث دخلنا مهنة المتاعب وبلاط صاحبة الجلالة الصحافة في وقت واحد هو مطلع سبعنيات القرن الماضي، وكان هو في جريدة الرأي قبل أن ينتقل إلى جريدة الدستور، مثلما عمل في جريدتي الأخبار وصوت الشعب ، وقد جمع بين العمل في هذه الصحف مع العمل في كالة الأنباء الأردنية التي ظل على كادرها حتى تقاعده.
قبل عمله في وكالة الأنباء تزاملنا هو وانا في دائرة الاخبار المحلية في التلفزيون الاردني، عندما كانت هذه الدائرة في جبل عمان.وكان من زملائنا في الاخبار المحلية في تلك الفترة قاسم الزعبي، وعلي الجابري وعزت حجاب ومحمود شلبية وصالح جبر وعبد المجيد ابو خالد وغيرهم. تنقل عوني بين العديد من الصحف ووسائل الاعلام فقدبدا عمله الصحفي المهني في جريدة الرأي مندوبا،يوم كانت التغطية الاخبارية تحتاج إلى مهنية وتخصص، وقبل ذلك الى جهد، و قدرة على المنافسة، فكان الخبر يحمل شخصية كاتبه واسلوبه، وقد ملكهما عوني باقتدار.كان ذلك قبل ان يعرف الناس البريد الإلكتروني ، والهاتف الجوال وتختفي المنافسة المهنية، ليقع القارئ في شرك الخبر المكرر الممل. كانت بداية عمل عوني في جريدة الرأي يوم كانت الرأي تنهض كطائرالعنقاء لتكون صوت الوطن، كما اراد لها شهيد الوطن وصفي التل، فقد كان رجال الدولة عونا لقائدهم، وكانوا أصحاب مشروع وطني هدفه الارتقاء بالأردن، والحفاظ على منعته.في تلك المرحلة كان الإعلام وخاصة الصحافة الورقية من أهم أسلحة الدولة الأردنية ، وكان الاعلاميون من أشرس مقاتليها، ادواتهم مهنية واحترافية وثقافة ، وقبل ذلك انتماء وطني لايتزعزع. في تلك المرحلة تعرفت على الراحل عوني بدر، وكان من ضمن مهامه في جريدة الرأي ، تغطية اخبار الجامعة الأردنية بل واعداد صفحة متخصصة بأخبار الجامعة ونشاطاتها، وهو مافعله أيضا في جريدة اللواء، وقد كانت الجامعة الوحيدة في الأردن، و كانت ترفع رأس الأردن عاليا بمستوى كادرها الاكاديمي، وكادرها الإداري، وبمستوى خدمتها للمجتمع من خلال انشطتها التي ترفد الحياة الثقافية و الفكرية في بلدنا. مثلما ترفد سوق العمل بخريجين على سوية عالية. وقد كان عوني بدر واحد منهم، تماما مثلما كان صديقنا الثالث عبد الحميد مسلم المجالي والذي تعرفت عليه عام1971اثناء تأسيس الاتحاد الأردني للطلبة وكان هو طالبا في الجامعة الأردنية، وكنت طالبا في المرحلة الثانوية، الذي تولى أعلى المناصب في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، كما كتب في جريدة الرأي، وقبلهاعمل في جريدة الدستور حيث تزامل فيها مع عوني بدر في دائرة الاخبار العربية والدولية.فكانا يجلسان في نفس غرفة المكتب، ومعهما الزملين محمد عوض الذي كان أيضا من أسرة جريدة اللواء وكذلك كان في نفس المكتب الزميل موسى عاطف، وكنا نلتقي ثلاثتنا عوني وعبد الحميد وانا بصورة شبه يومية،انا بحكم تواجدي في الدستور لمتابعة صف وطباعة جريدة اللواء وهما بحكم عملهما في جريدة الدستور بدون تفرغ، وهنا لابد من القول انني لا اتذكر ان عوني و عبد الحميد لم يكن الواحد منهما يكتف بعمل واحد، فقد كان نشاط كل منهما من جهه واحساسه بالمسؤولية من جهة أخرى يدفعه للعمل دائما في أكثر من وظيفة،حتى عندما انخرط عوني في العمل مع صندوق الملكة علياء، "الصندوق الهاشمي" فيما بعد مستشار إعلاميا، ودفعني للتعاون معه في فترة التأسيس لحملة البر والإحسان، حتى في تلك الفترة ظل عوني يعمل في عمليين أحدهما عشقه الأبدي أعني الصحافة.لم تكن لقائتنا نحن الثلاثة مقتصرة على مكاتب العمل، فقد كنا نترافق كثيرا في الأ ماسي خارج إطار العمل واحيانا على طريق الكرك حيث كانت تسكن رفيقة عمر عوني قبل زواجهما رحمهما الله، وكنا اذا وصلنا الكرك نتركه لزيارة بيت انسبائه ثم نلتقي في موعد معلوم. غير طريق الكرك كانت همة الشباب في كثير من الأحيان الشباب تحملنا إلى الشام، لنفطر في مطعم ابو كمال في شارع الحمرة الدمشقي، و نتناول غدائنا في بلودان في منطقة الزبداني ثم نعود للنوم في عمان. بعد أن نمر للتسوق من سوق التنابل في حي الشعلان الدمشقي العريق،وكان هءا النوع من التسوق مما يرضي زوجاتنا.كان ذلك قبل أن ينظم إلينا صديقنا الرابع صلاح أبو هنود خريح الجامعة الأردنية واحد مؤسسي أسرة المسرح الأردني في الجامعة الأردنية وخارجها، واحد أبناء الرعيل الأول في التلفزيون الاردني، وصاحب الأعمال التلفزيونية المعروفة، وقد صار من طقوسنا نحن الأربعة لسنوات ان نلتقي بشكل ثابت ودوري مساء كل يوم اثنين، عدا عن اللقاءات المتفرقة. لقد تعاون الراحل عوني بدر معنا في اللواء لسنوات طويلة، وصار واحدا منا، يذكرنا بأن (والدي)هو اول من شجعه على ولوج عالم الكلمة،دون أن يعرفه، وحكاية ذلك أن (والدي ) كان يعد ويقدم برنامجا ثقافيا في إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، فارسل له الطالب في المرحلة الألزامية عوني بدر بعض ماكتب ليفاجئ الطالب عوني باذاعة ماكتبه، بل وبصرف مكافأة مالية له، مقدارها خمسة دنانير، وهو مبلغ كبير في ذلك الزمن، فكيف اذا كان من نصيب طالب صغير السن، ظلت هذه الواقعة محفورة في وجدانه ، يذكرها بين الحين والآخر . وهي واقعة تؤكد ان الإعلام في بلدنا كان إعلام دولة يبحث عن الطاقات ليتبناها.وبعد فعلى امتداد نصف قرن عرفت فيه عوني بدر، في كل حالاته :صحته ومرضه رضاه وغضبه راحته وتعبه، في ذلك كله ظل إنسانا ودودا مبتسما. يشعر كل من يلقاه انه أقرب الناس اليه، رحمه الله.
قبل عمله في وكالة الأنباء تزاملنا هو وانا في دائرة الاخبار المحلية في التلفزيون الاردني، عندما كانت هذه الدائرة في جبل عمان.وكان من زملائنا في الاخبار المحلية في تلك الفترة قاسم الزعبي، وعلي الجابري وعزت حجاب ومحمود شلبية وصالح جبر وعبد المجيد ابو خالد وغيرهم. تنقل عوني بين العديد من الصحف ووسائل الاعلام فقدبدا عمله الصحفي المهني في جريدة الرأي مندوبا،يوم كانت التغطية الاخبارية تحتاج إلى مهنية وتخصص، وقبل ذلك الى جهد، و قدرة على المنافسة، فكان الخبر يحمل شخصية كاتبه واسلوبه، وقد ملكهما عوني باقتدار.كان ذلك قبل ان يعرف الناس البريد الإلكتروني ، والهاتف الجوال وتختفي المنافسة المهنية، ليقع القارئ في شرك الخبر المكرر الممل. كانت بداية عمل عوني في جريدة الرأي يوم كانت الرأي تنهض كطائرالعنقاء لتكون صوت الوطن، كما اراد لها شهيد الوطن وصفي التل، فقد كان رجال الدولة عونا لقائدهم، وكانوا أصحاب مشروع وطني هدفه الارتقاء بالأردن، والحفاظ على منعته.في تلك المرحلة كان الإعلام وخاصة الصحافة الورقية من أهم أسلحة الدولة الأردنية ، وكان الاعلاميون من أشرس مقاتليها، ادواتهم مهنية واحترافية وثقافة ، وقبل ذلك انتماء وطني لايتزعزع. في تلك المرحلة تعرفت على الراحل عوني بدر، وكان من ضمن مهامه في جريدة الرأي ، تغطية اخبار الجامعة الأردنية بل واعداد صفحة متخصصة بأخبار الجامعة ونشاطاتها، وهو مافعله أيضا في جريدة اللواء، وقد كانت الجامعة الوحيدة في الأردن، و كانت ترفع رأس الأردن عاليا بمستوى كادرها الاكاديمي، وكادرها الإداري، وبمستوى خدمتها للمجتمع من خلال انشطتها التي ترفد الحياة الثقافية و الفكرية في بلدنا. مثلما ترفد سوق العمل بخريجين على سوية عالية. وقد كان عوني بدر واحد منهم، تماما مثلما كان صديقنا الثالث عبد الحميد مسلم المجالي والذي تعرفت عليه عام1971اثناء تأسيس الاتحاد الأردني للطلبة وكان هو طالبا في الجامعة الأردنية، وكنت طالبا في المرحلة الثانوية، الذي تولى أعلى المناصب في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، كما كتب في جريدة الرأي، وقبلهاعمل في جريدة الدستور حيث تزامل فيها مع عوني بدر في دائرة الاخبار العربية والدولية.فكانا يجلسان في نفس غرفة المكتب، ومعهما الزملين محمد عوض الذي كان أيضا من أسرة جريدة اللواء وكذلك كان في نفس المكتب الزميل موسى عاطف، وكنا نلتقي ثلاثتنا عوني وعبد الحميد وانا بصورة شبه يومية،انا بحكم تواجدي في الدستور لمتابعة صف وطباعة جريدة اللواء وهما بحكم عملهما في جريدة الدستور بدون تفرغ، وهنا لابد من القول انني لا اتذكر ان عوني و عبد الحميد لم يكن الواحد منهما يكتف بعمل واحد، فقد كان نشاط كل منهما من جهه واحساسه بالمسؤولية من جهة أخرى يدفعه للعمل دائما في أكثر من وظيفة،حتى عندما انخرط عوني في العمل مع صندوق الملكة علياء، "الصندوق الهاشمي" فيما بعد مستشار إعلاميا، ودفعني للتعاون معه في فترة التأسيس لحملة البر والإحسان، حتى في تلك الفترة ظل عوني يعمل في عمليين أحدهما عشقه الأبدي أعني الصحافة.لم تكن لقائتنا نحن الثلاثة مقتصرة على مكاتب العمل، فقد كنا نترافق كثيرا في الأ ماسي خارج إطار العمل واحيانا على طريق الكرك حيث كانت تسكن رفيقة عمر عوني قبل زواجهما رحمهما الله، وكنا اذا وصلنا الكرك نتركه لزيارة بيت انسبائه ثم نلتقي في موعد معلوم. غير طريق الكرك كانت همة الشباب في كثير من الأحيان الشباب تحملنا إلى الشام، لنفطر في مطعم ابو كمال في شارع الحمرة الدمشقي، و نتناول غدائنا في بلودان في منطقة الزبداني ثم نعود للنوم في عمان. بعد أن نمر للتسوق من سوق التنابل في حي الشعلان الدمشقي العريق،وكان هءا النوع من التسوق مما يرضي زوجاتنا.كان ذلك قبل أن ينظم إلينا صديقنا الرابع صلاح أبو هنود خريح الجامعة الأردنية واحد مؤسسي أسرة المسرح الأردني في الجامعة الأردنية وخارجها، واحد أبناء الرعيل الأول في التلفزيون الاردني، وصاحب الأعمال التلفزيونية المعروفة، وقد صار من طقوسنا نحن الأربعة لسنوات ان نلتقي بشكل ثابت ودوري مساء كل يوم اثنين، عدا عن اللقاءات المتفرقة. لقد تعاون الراحل عوني بدر معنا في اللواء لسنوات طويلة، وصار واحدا منا، يذكرنا بأن (والدي)هو اول من شجعه على ولوج عالم الكلمة،دون أن يعرفه، وحكاية ذلك أن (والدي ) كان يعد ويقدم برنامجا ثقافيا في إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، فارسل له الطالب في المرحلة الألزامية عوني بدر بعض ماكتب ليفاجئ الطالب عوني باذاعة ماكتبه، بل وبصرف مكافأة مالية له، مقدارها خمسة دنانير، وهو مبلغ كبير في ذلك الزمن، فكيف اذا كان من نصيب طالب صغير السن، ظلت هذه الواقعة محفورة في وجدانه ، يذكرها بين الحين والآخر . وهي واقعة تؤكد ان الإعلام في بلدنا كان إعلام دولة يبحث عن الطاقات ليتبناها.وبعد فعلى امتداد نصف قرن عرفت فيه عوني بدر، في كل حالاته :صحته ومرضه رضاه وغضبه راحته وتعبه، في ذلك كله ظل إنسانا ودودا مبتسما. يشعر كل من يلقاه انه أقرب الناس اليه، رحمه الله.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/02/05 الساعة 22:01