البشير يسأل: هل يستطيع الرزاز

مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/29 الساعة 02:11
المحامي الدكتور سعد علي البشير * قال الله تعالى في محكم تنزيله:﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ ( الروم: 41)، وأخبرنا الله تعالى بأنه لا يحب الفساد: ﴿ ... وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ ( البقرة: 205)، ولكن الله تعالى لم يُخبرنا عن الفساد وأسبابه ونتائجه وأنه لا يُحبه فحسب؛ وإنما أخبرنا أيضاً بأنه كان يجب أن يكون هناك بعض المصلحين في الزمن الغابر من الذين كانوا ينهون عن الفساد؛ حتى يحفظوا الأمة والمجتمع: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ (هود: 116-117)، فالأولى ثم الأولى أن نتعظ بغيرنا فما وصول مديونية الأردن إلى نسب غير مقبولة إلا دليل على تغلغل الفساد في هذه الدولة الفتية التي تزخر بالطاقات البشرية الحية والتي هُمش البعض منها فيما طفش قسم آخر نظراً لانتشار المحسوبية والواسطة والفساد. ورغم أن دولة الرئيس عمر الرزاز انطلق في مكافحته لمظاهر الفساد من الكتاب السامي لجلالة الملك عبد الله الثاني بالتكليف الوزاري، ورغم أن دولة الرئيس صرح بأنه انتحاري في مسألة محاربة الفساد وبدأ فعلاً بداية قوية في محاربة إحدى مظاهر الفساد، ولكن هذا لا يكفي لمكافحة هذه الظاهرة، فالفساد لا يقتصر على مصنع دخان مزور أو مصنع متهرب من الضرائب، وليس الفساد حصول أحدهم على رخصة لزراعة التبغ، ولكن محاربة الفساد يجب أن تنطلق من نقطة البداية الصحيحة، التي هي مفتاح عودة ثقة الشعب الذي اهتزت ثقته بهذه الوزارة عندما صُدم بتشكيلتها، وكانت الصدمة أشد عندما حازت الوزارة على ثقة مجلس النواب الذي هو فاقد لثقة أفراد الشعب أصلاً بنسبة تتجاوز ال 67% وفقاً لما تم نشره في العديد من المواقع، فيا دولة الرئيس لتعود ثقة أفراد الشعب بوزارتك لا بد من معالجة حقيقية للفساد، فمنذ عدة سنوات خرج الشعب مطالباً بمكافحة الفساد، وعاد وخرج مجدداً منذ عدة أشهر مطالباً بمكافحة الفساد؛ ذلك لأن الشعب وصل إلى قناعة بأنه لم يكن هناك مكافحة جادة لهذه الظاهرة، لا بل زادت مديونية الدولة. ورغم أن جلالة الملك عبد الله الثاني هو أول من طالب بمكافحة الفساد في أوراقه النقاشية، وفي كتابه السامي لتشكيل وزارة الدكتور عمر الرزاز إلا أن أفراد الشعب لا يزال لديهم التخوف من أن يكون مكافحة الفساد مجرد أقوال، فمعظم رؤساء الوزراء السابقين قد صرحوا أنهم جادون في مكافحة الفساد، لا بل أحالو بعض ملفات الفساد إلى القضاء إلا أنه للأسف ارتبط في ذاكرة الشعب أنها مجرد قضايا لا يوجد فيها فاسدون؛ الأمر الذي أشعرهم أن هناك أيدي قوية وخفية تعبث في مقدرات هذا الوطن وثروته القومية، فالدين العام يزداد مع كل وزارة جديدة، وظاهرة الفساد تستفحل أكثر وأكثر وتنتشر في جسم الدولة نظراً لعدم استئصال المسببين والقائمين عليها؛ فكان الله في عونك يا دولة الرئيس في مكافحة هذه الظاهرة. والسؤال هنا هل تستطيع الحكومة أن تحقق ما طلبه جلالة الملك عبد الله الثاني في أوراقه النقاشية وكتاب التكليف السامي بخصوص محاربة الفساد؟ وهل تستطيع الحكومة أن تجابه هؤلاء العابثين في مقدرات الوطن وثروته القومية بمنهجية مختلفة عن الحكومات السابقة لحماية الوطن وإعادة ثقة أفراد الشعب بحكومته؟ * عضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي للحقوقيين
مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/29 الساعة 02:11