د. محمد المومني
توقفت كل من أميركا وكندا وبريطانيا وألمانيا وفنلندا وإيطاليا وأستراليا وهولندا، وعدد آخر من الدول، عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، بشكل مؤقت، بعد تقديرات أن 12 من موظفي الوكالة كانوا ضالعين بهجمات 7 أكتوبر الماضي التي شنتها حماس على إسرائيل. الوكالة الأممية الأونروا ردت بشكل سريع، إدراكا منها بخطورة وقف التمويل، فقامت بفسخ عقود هؤلاء الموظفين والبدء بتحقيق شامل فوري عالي المستوى من قبل أجهزة الرقابة في الأمم المتحدة حول هذا الأمر. إسرائيل استغلت ما حدث وقالت إنها ستعمل على وقف أعمال المنظمة نهائيا في غزة بعد انتهاء الحرب، وتلك رغبة إسرائيلية قديمة اقتربت إسرائيل من تحقيقها بشكل كبير ابان حكم ترامب وكوشنر. الوكالة تشكل المنظمة الدولية الأهم لإغاثة ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين في خمسة مواقع أساسية أهمها غزة والضفة الغربية والأردن، بالإضافة للدول الأخرى المستضيفة للاجئين في سورية ولبنان ومصر، وقطع المساعدات معناه الإنساني كبير حيث الخدمات الطبية والتعليمية والإغاثية التي تقدمها المنظمة للاجئين الفلسطينيين. قرار التوقف عن التمويل وصف بالمؤقت، بمعنى أنه قد يستأنف في حال جرى التحقيق وأعلنت نتائجه وتم اتخاذ إجراءات بحق من تجاوزوا على أنظمة وتعليمات الأونروا، ولكن إلى حين حدوث ذلك ستبقى أعمال المنظمة وخدماتها المقدمة للاجئين في غزة في مهب الريح قد تصل لتعليق أعمال المنظمة.
الأردن متضرر رئيسي وكبير من هذا القرار، يتعارض مع موقفه ومصالحه، وإذا ما توقفت خدمات الأونروا فهذا يعني مزيدا من المعاناة للشعب الفلسطيني والمساهمة بخلق بيئة طاردة لهم، ومعناه أيضا عبء إيجاد جهة أخرى تتحمل عبء التعليم والخدمات الصحية والإغاثية المقدمة للفلسطينيين. بناء على كل ذلك، طالب الأردن فورا بإعادة النظر بقرار تلك الدول، محاججا أن معاقبة 12 موظفا من موظفي الأونروا من أصل 13 ألفا من طاقمها في غزة لا يجب أن يوقف أعمالها التي تقدم لمليون ونصف المليون لاجئ فلسطيني في غزة، فهذا ظلم وشكل من أشكال العقوبات الجماعية على منظمة إنسانية واللاجئين المستفيدين من خدماتها. الأردن يعتبر الأونروا منظمة مصيرية ليس فقط لجهة الخدمات المهمة والأساسية التي تقدمها والتي تقدر تكلفتها بمئات الملايين، ولكن أيضا لرمزية هذه المنظمة ولأن وجودها يعني إبقاء قضية اللاجئين حية على الأجندة الدولية، وقد قاوم الأردن بقوة محاولات تصفية الأونروا من قبل إدارة ترامب، وقاد جهدا دوليا لإيجاد تمويل بديل، وقد وقفت السويد مع الأردن وقفة تاريخية. إدارة بايدن أعادت التمويل الأميركي للأونروا الذي يقدر بما يقارب نصف احتياجاتها، وذلك توقف مؤقتا الآن.
القناعة أن التمويل سيعود بعد إجراء التحقيق، واتخاذ إجراءات أممية للتأكد أن الأونروا تقوم بأعملها بطريقة إنسانية محايدة واحترافية، تبتعد عن السياسة التي هي ليست من مهامها ولا أعمالها، والأردن سيكون فاعلا لجهة التأكد من اقناع الممولين بالعودة عن قرارهم واستئناف التمويل للأونروا وعدم معاقبة الشعب الفلسطيني في غزة وباقي موظفي الأونروا جراء ما حدث.