الطاهات يكتب: الإخوان المسلمون وفرض الفوضى في الساحة الأردنية

ا.د. خلف الطاهات
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/28 الساعة 12:41

المتابعون والمحللون داخل الأردن وخارجه للأوضاع المتّأّزمة في المنطقة، وتحديدا في غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، يرصدون قوة وصلابة الموقف الرسمي الأردني ازاء ما يحصل في غزة، وهي مواقف ارتقت في أكثر من موضع الى مواجهة وتهديدات اعلامية علنية غير مسبوقة بين الأردن وإسرائيل.

جماعة الاخوان المسلمين المنحلة قانونيا في الأردن تعيش لحظة استثمار عواطف الشارع الغاضب، ولا تنفك تأتمر بأوامر خارج الحدود الوطنية، فلا غرابة ان نرى بين الحين والأخر من بين صفوفها المنفلت من يتنطّح لكل شاردة ووارده ولا يتركون فرصة هنا او هناك للطعن والمزاودة على مواقف الاردن، عبر استمرار منهج التشكيك بمواقف الدولة الأردنية، واستصغار مواقف الأردن مما يجري في غزة، هذه المواقف لو اتخذت عند جماعات او دول أخرى غير الأردن، لعجّوا ساحات الفضاء الالكتروني وشوارع الأردن بالتطبيل والتسحيج لها.
يجب ان ندرك انه إذا كانت الانتهاكات والاشتباكات المستمرة بين الجش الأردني والميليشيات الإرهابية الايرانية على الحدود الشمالية مع سوريا وجماعات الحشد الشعبي الموالية لإيران على حدود الأردن الشرقية مع العراق هما تهديدا واضحا ومباشرا للأمن الخارجي الأردني، وقدم الأردن وجيشه الباسل عشرات الشهداء من ضباطه وافراده حماية للأردن في ظرف استثنائي، فان مركز القرار الرسمي في الأردن يجب ان يعلم ان محاولات جماعة الاخوان تفجير الوضع الداخلي في الأردن وبصورة متعمدة هو اكبر تهديد للأمن الداخلي الاردني عبر استثمار غضب الشارع المتعاطف مع الاهل في غزة، والمزاودة المستمرة على مواقف الدولة الأردنية الانقى والاوضح في دعم غزة.
ورغم ان الأردن الرسمي والشعبي كان ولا زال منذ السابع من أكتوبر عبارة عن غرفة عمليات لدعم الاهل في غزة، وتحديدا الموقف الرسمي الأردني تجاوز دعمه لغزة سقوفا غير مسبوقة إعلاميا ودبلوماسيا ومجتمعيا متمثلة في (انزالات جوية لمساعدات طبية، قوافل إغاثة، مستشفيات ميدانية، تحرك دبلوماسي لم ينقطع، سحب السفير الأردني من تل ابيب، مظاهرات ومسيرات لم تتوقف لدعم غزة، مراجعة اتفاقية وادي عربة مع إسرائيل)، وهي سقوف دفعت بتيارات متطرفة في إسرائيل الى تهديد الأردن بالعطش والتهجير والتجويع. هذا الموقف المتقدم والثابت والراسخ للأردن الرسمي الداعم لغزة، قطع الطريق على أي طرف للمزايدة على الأردن من قضيته المركزية: فلسطين. ومع ذلك ظل هذا الموقف الرسمي الاردني ومنذ اليوم الأول للاعتداء على غزة عرضه للنهش وتجييش غير مسبوق من جماعة الاخوان المسلمين واذنابهم وذبابهم الإلكتروني داخليا وخارجيا، في محاولة لإضعافه ومشاغلته داخليا عبر الانسياق وراء دعوات بعض قادة حماس في الخارج والتي تستهدف نقل الفوضى وتوسيع نطاق الصراع من غزة ليمتد الى الساحة الأردنية.
فعليا، وأكثر من مائة يوم والاخوان يحتلون شوارع عمان وبقية المدن الأردنية عبر الشعارات الفارغة والشعبويات الزائفة والمزايدات الرخيصة، لا يجدون ما يُعيبون فيه الموقف الرسمي الأردني، لكن الابتزاز السياسي ليس مصطلحا جديدا في قاموس هذه الجماعة التي اعتادت على المتاجرة بدماء الأبرياء، كما اعتادت تهميش مواقف الدولة الأردنية، لا بل أكثر من ذلك لا تنفك عن فرض خطاب اعلامي مأزوم وإنفعالي يدعوا الى التمرد وفرض الفوضى وارهاق الدولة وأجهزتها لأجل شعبويات ومنافع ومكاسب سياسية غابت عنهم منذ زمن طويل.
نعلم يقينا ان الدولة الأردنية لا تتعامل بانفعال في الازمات، ولا يغيب عن ذهنها كل من طعنها من الخلف وهي منشغلة في معركة دعم صمود غزة وأهلها، وتتغافل الى حين عن بعض الأخطاء، لكن الأكيد ان الأردن بعد ان تضع الحرب اوزارها هناك في غزة، لن تتهاون مع من تتطاول علينا، وأمعن في محاولة تشويه مواقفنا والطعن بعروبتنا ومشاغلة اجهزتنا الأمنية، واولى هذه المراجعات يجب ان تكون على جماعة الاخوان المنحلة.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/28 الساعة 12:41