«هذا التساؤل».. لا يخدم المعركة الأردنية الكبرى
مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/28 الساعة 16:24
مدار الساعة - كتب: المحامي بشير المومني
من الواضح أن منظومة الفساد ومافياته ومجاميعه وشلله وطواغيته والمستفيدين منه قد بدأت بالتحرك ومن يعتقد أن ماكينة الفساد تتجسد في ضبط ماكينات لطحن الدخان فهو مغفل فهؤلاء لديهم ماكينات إعلامية ومال ونفوذ ومنظومة عمل فعالة وفرق ميدانية حتى على مواقع التواصل الاجتماعي وهي قادرة على التأثير في الراي العام الأردني ومن الصعوبة بمكان تفكيكها ..
بكل صراحة نقول اننا نخشى من ماكينات هذه المنظومة طحنها للسلطة التنفيذية بكل سطوتها وقوتها ونفوذها حيث بدأ الرأي العام ينحرف عن جادة الصواب وبدأت حملات إعلامية مسعورة مدفوعة الأجر تعمل بذكاء للتشكيك بالدولة الأردنية إعلاميا ومن قبيل ذلك نشر فيديوهات مفبركة لا أخلاقية لمسؤولين أو شخصيات عامة لاشغال الرأي العام ووضع علامات استفهام عن جدوى القرار الحاسم بتفكيك جذور الفساد بالدولة والقيام بعمليات التهديد بالقتل ونشر الاشاعات بتهديدات جوفاء (فضح الطابق) وكشف أسماء كبيرة متورطة .. الخ
لكن أكثر شيء مؤسف في المعادلة الوطنية الأردنية كلها أننا نقرأ ونشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي انعكاساً وإثماراً لجهود منظومة الفساد لدى العديد من المواطنين الذين بدأوا يستجيبون لحملات الفاسدين المنظمة في التشكيك بمرحلة تاريخية انتهت وصدر قرار حاسم بحرقها للأبد ومن قبيل هذا النجاح لمنظومة الفساد تساؤل حول ( أين كانت أجهزة الدولة من هذا كله؟!)
ربما يكون التساؤل مشروعا هذا صحيح لكن الأهم في المعادلة الوطنية اليوم أننا بدأنا في مكافحة حقيقية للفساد ومن يقف خلفه وبدأت الدولة الأردنية تستعيد ذاتها وتنظف ثوبها من الدنس والرجز واوثان الفساد والحقيقة والعقل يقولان بان الحكومة اليوم بحاجة إلى من يسندها شعبيا وبحاجة إلى دعم موقفها حتى تكون قادرة على الصمود في هذه المعركة الأردنية الكبرى وآخر ما نحتاجه هو تكسير مجاديف الدولة وارادتها الحقيقية في مكافحة الفساد وتفكيك منظومته ..
( أين كنتم من هذا كله؟!) هو تساؤل مشروع ولابد من الإجابة عليه وتحميل أهل الغفلة من المسؤولين عن الوطن نتائج وتبعات الإجابة بكل تأكيد لكن في هذه الأيام وهذا التوقيت نقول أن السؤال سابق لاوانه ولا يخدم معركة الكرامة الأردنية الثانية فعندما تشتعل النار في المنزل فإن الإجراء الصحيح هو العمل على إطفائها ثم البحث عن السبب لمعالجته أو المتسبب لمحاسبته ..
هل نريد تكسير مجاديف حكومة صادقة في تلبية مطلب جماهيري وضرورة وطنية لطالما حلمنا في تحقيقها وهل المطلوب أن نكون سندا لمنظومة الفساد بمواجهة رجل صادق ونظيف لم يأت على وطننا مثله منذ عقود وهل المطلوب أن نوصل الرزاز لمرحلة يستكين فيها ويخضع للفساد ويبقى وحيدا في الشارع دون إسناد شعبي مكشوف الظهر!!
هل سندفع كشعب منظومة الحق لأن تخضع للباطل بعلم أو بجهل وهل سنجعل أصحاب القرار الوطني الصادق النظيف والإرادة الحرة المعتبرة إلى (بوس التوبة) وعدم تكرار (كارثة) فتح ملفات الفساد وصولا لأكبر فاسد أعتقد يوما انه بمنأى عن المساءلة والمحاكمة الجنائية العادلة؟! أخشى أن يكون الرزاز الآن وصل إلى مرحلة بدأ يتحدث فيها مع نفسه ويقول (احترنا يا قرعة من وين نبوسك!!) ..
إذا بقينا نفكر بهذا الطريقة ونتصرف وفقا لهذه الأسس ولا يجد الرزاز وقفة وفزعة وإسنادا من الأردنيين النشامى فأعتقد انه على الاردن وضميرنا الجمعي السلام وسيبسط الفساد ذراعيه على وصيد الوطن بوقاحة لم يكن لها يوما مثيل في تاريخ الأمم وسيصل الرزاز ليس لمرحلة (بوس التوبة) فقط لا بل إلى مرحلة (بوس الواوا) ..
مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/28 الساعة 16:24