الموازنة العامة للأردن لعام 2024 و قانون أوكن (14)
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/23 الساعة 21:09
الدورات اقتصادية هي تقلبات دورية تطرأ على النشاط الاقتصادي ، ويمر الاقتصاد عادة بأربع دورات أو مراحل هي :
الكساد (Depression)، الانتعاش (Recovery)، الرواج ((Boom،و الانكماش (Recession) ، وتحدث الدورات الاقتصادية عندما يشهد الاقتصاد تحسن عام وزيادة في الانتاج وتوظيف كامل للموارد الاقتصادية ويكون الناتج المحلي عند حدوده العليا ومستوى البطالة عند حدها الادنى ، وزيادة في المعروض النقدي الناتج عن التشغيل الكامل للموارد ، وتبدأ هنا حالة التضخم وهي مرحلة تتضمن ارتفاع في الاسعار بشكل عام ، ويبدأ اصحاب رؤوس الاموال بخفض حجم العمالة للمحافظة على ارباحهم ،او يقومون بالانسحاب من السوق ، بالتالي ترتفع معدلات البطالة ( مرحلة الركود )، وينخفض الناتج المحلي الإجمالي والطلب الكلي (مرحلة الكساد ) فتنخفض الأسعار مصاحبة لانخفاض الطلب الكلي ، وتتراجع مستويات التضخم ، ونتيجة انخفاض الاسعار يقوم المنتجون بزيادة كميات الانتاج وبالتالي يرتفع الطلب على العمالة ، فيبدأ الناتج المحلي الاجمالي بالازدياد وتنخفض معدلات البطالة ، وندخل مرحلة الانتعاش الاقتصادي مرة اخرى وهكذا .
يصعب التنبؤ بالدورات الاقتصادية التي تختلف مدتها من اقتصاد إلى اقتصاد اخر ، وتسمى الدورة الاقتصادية بدورة الاعمال (Business Cycle) ، والتي تتضمن تقلبات في المتغيرات الاقتصادية الكلية مثل: الناتج المحلي الاجمالي ، معدل البطالة ،مستوى التشغيل ،التضخم ، الانتاج ،الميزان التجاري وغيرها ، ويمكن التمييز بين الدورات الاقتصادية التي تحدث لأي اقتصاد في العالم بشكل دوري وطبيعي ، وبين الازمات الاقتصادية الغير طبيعية الناتجة عن اضطراب مفاجئ في النشاط الاقتصادي نتيجة اختلال احدى القطاعات الاقتصادية (على سبيل المثال أزمة الرهن العقاري الامريكي 2008)، وعندما ينمو الاقتصاد تميل الشركات إلى توظيف المزيد من العمال لتلبية الطلب المتزايد على السلع والخدمات ، وهذا من الممكن ان يؤدي إلى تخفيض معدلات البطالة .
ان الزيادة في معدلات النمو الاقتصادي تؤدي إلى خلق كيانات اقتصادية جديدة وتوسع في أنشطة المؤسسات الاقتصادية القائمة ، بالتالي توفير فرص عمل جديدة ، وقد لخصها العالم الاقتصادي الأمريكي آرثر أوكن في عام 1962بقانون يحمل أسمه وهو قانون أوكن Okun’s Law ) ) حيث يشير إلى العلاقة العكسية بين معدل البطالة ومعدلات النمو الاقتصادي ( متغيرين رئيسيين في الاقتصاد الكلي )، بالتالي يظهر العلاقة بين سوق العمل وسوق السلع ، حيث أشار إلى ان زيادة النمو الاقتصادي بمعدل 3% ، سو ف يؤدي إلى انخفاض معدل البطالة بنسبة 1%، والعكس صحيح ، وقد طرح العالم آرثر أوكن هذا المفهوم في الستينيات بعد الحرب العالمية الثانية والطفرات الاقتصادية ، حيث يوفر قانون أوكن نظرة ثاقبة على العلاقة بين نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات البطالة .
إن البطالة الهيكلية والتي تشير إلى عدم التوافق بين مهارات القوى العاملة المتاحة والمهارات اللازمة للوظائف المتاحة يمكن ان يستمر حتى خلال فترات النمو الاقتصادي ، ويمكن ان يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة ، اما البطالة الدورية فهي البطالة الناتجة عن التقلبات في دورة حياة العمل ، فخلال فترات الركود الاقتصادي قد تقوم الشركات بتخفيض العمالة لديها لتخفيض التكاليف ،وهذا يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة ،والعكس خلال النمو الاقتصادي ، قد تقوم الشركات بتوظيف المزيد من العمال ، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات البطالة الدورية ،اما البطالة الاحتكاكية فهي البطالة التي تسببها التحولات المؤقتة بين الوظائف ، على سبيل المثال عندما يترك العامل وظيفته للبحث عن وظيفة افضل .
وتشير العديد من الدراسات ان العلاقة التوازنية بين معدل النمو الاقتصادي ومعدل البطالة
( The relationship between economic growth and unemployment rate)
تتحقق في المدى الطويل ، لذا لا بد من اتباع سياسات اقتصادية تمس مرونة وهيكل الاقتصاد و تشمل إصلاح مؤسسات سوق العمل ، لان العلاقة بين النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة ليست مستقرة ، وتختلف من اقتصاد لآخر في الاتجاه والمقدار، لذا يمكن التعامل مع قانون أوكن كقاعدة عامة ، وليس كمبدأ مطلق .
ويشير العديد من الاقتصاديين إلى أن قانون " أوكن" اداة لا تقدر بثمن يمكنها التنبؤ بتأثير التغيرات في معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي على معدل البطالة ، حيث ان دقة هذا القانون على المدى القصير أكثر من المدى الطويل ، وفي دراسة لصندوق النقد الدولي تحت عنوان : هل يؤمن الخبراء الاقتصاديون بقانون أوكن ؟ تم اجراء اختبار القانون على 9 بلدان واظهر العلاقة السلبية بين معدل البطالة ومعدل النمو للناتج المحلي الاجمالي وهذ ما يتفق مع القانون .
في عام 2023 بقي العالم يعاني من بعض التطورات على الصعيد الدولي منها: الحرب الروسية الاوكرانية الممتدة من عام 2022 ، وارتفاع اسعار النفط ، وحسب صحيفة " الإيكونوميست " نما الاقتصاد العالمي بنسبة 3% في عام 2023،مقارنة مع الاقتصاد الصيني الذي سجل نمو اقتصادي نسبته 5.2% .
أما فيما يتعلق بالاقتصاد الأردني فقد حقق معدل نمو قدره 2.6% في عام 2023 ويتوقع في عام 2024 ان يحقق معدل النمو ذاته ، لكن مع وجود معدلات بطالة عالية تبلغ 22.3% ، وحجم دين عام بلغ لنهاية شهر 9 لعام 2023 ما يزيد عن 40.7مليار دينار ونسبته الى الناتج المحلي الإجمالي(113.4%) ، مقارنة مع 38.5مليار دينار في عام 2022 (111.4% من GDP) بزيادة أكثر من 2.2 مليار دينار ،ما هي الخطوة القادمة لحل هذه المشكلة الاقتصادية ، وما هو معدل النمو المطلوب الذي يساهم في حل مشكلة البطالة بناء على قانون أوكن ؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/23 الساعة 21:09