ابو رمان يكتب: إسرائيل أمام القضاء الدولي مجدداً
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/21 الساعة 20:45
بعد ان تقدمت جنوب افريقيا بدعواها امام محكمة العدل الدولية ضد اسرائيل لملاحقتها عن جرائم الابادة الجماعية التي ترتكبها في غزة منذ ما يزيد عن 106 ايام والتي اسفرت عن استشهاد ما يزيد عن 54 الف غزي و80 الف مصاب والكثير من الذين لم يتم حصر عددهم ما زالوا تحت الركام.بعد ان باشرت المحكمة في الاستماع للبينات والمرافعات من كلى الطرفين لم يصدر حتى اليوم اي قرار بخصوص طلب جنوب افر يقيا المستعجل بوقف العدوان، وفي ذات السياق تقدمت شخصيات قانونية وحقوقية من دول مختلفة في العالم تبعتها تشيلي والمكسيك لملاحقة قادة اسرائيل عن جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني ولكن هذه المرة امام المحكمة الجنائية الدولية .ولا بد من التنويه هنا ان هناك اختلاف ما بين ولاية محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ، فالأولي تختص في البت في النزاعات بين الدول، في حين ان الاخيرة تختص في ملاحقة الافراد عن الجرائم التي تدخل ضمن اختصاصها، مثل جرائم الابادة الجماعية وجرائم الحرب والتهجير القسري ، والتي اقترفتها وتقترفها اسرائيل في الضفة الغربية وفي غزة دون اي اعتبار للملاحقة من انظمة العدالة الدولية.الا ان اسرائيل هذه المرة تخشى وهي دولة غير منضمة لميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية من العزلة والمقاطعة وعدم القبول الدولي في حال تم ادانتها بجرائم الحرب والابادة الجماعية من قبل محكمة العدل الدولية ، كما ان مثل هذه الادانة توفر البيئة القانونية المناسبة لملاحقة مسؤوليها امام المحكمة الجنائية الدولية كمبرر اضافي لجهة الادعاء.والمراقب يجد ان سلوك اسرائيل في السابق كان يتسم باللامبالاة رغم ملاحقتها امام القضاء الدولي، ولعل مرد ذلك انه سبق وان افلتت من الملاحقة امام المحكمة الجنائية الدولية بدعاوى سبق ان تقدمت بها دولة فلسطين رغم ان الادلة المقدمة كانت موثقة بالصوت والصورة والبينات الشخصية واعتراف الجناة احياناً، ويبدو ان مرد ذلك يعود الى ان نظام روما الاساسي الذي انشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية يشترط لمقبولية الدعوى ان تكون الدولة مقدمة الادعاء منضمة الى الميثاق، الامر الذي حفز فلسطين في عام 2015 الى التوقيع على ميثاق المحكمة واصبحت بذلك عضواً منضما، الامر الذي اتاح لها المخاصمة امام المحكمة، وفي عام 2015 تقدمت فلسطين وعلى اثر الاعتداء الغاشم على غزة في عام 2014 بشكوى الى المحكمة الجنائية الدولية بسبب ارتكاب اسرائيل جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، الا ان هذه الشكوى اعاقها الكثير من العقبات منها ان اسرائيل دولة غير منضمة الى ميثاق روما الاساسي وهي غير ملزمة بالتعاون مع المحكمة ولا تقر باختصاصها ، الامر الذي استغرق المحكمة ست سنوات لصدور قرار مباشرة التحقيق بشكوى فلسطين ، ولقد قوبل هذا القرار بالرفض من قبل حلفاء اسرائيل وكبيرتهم امريكا التي فرض رئيسها ترامب آنذاك عقوبات على المحكمة والمدعي العام فيها، بالإضافة لاتهام اسرائيل للمحكمة بمعادات السامية ، كما تذرعت بأن نظامها القانوني يعاقب على الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الامر الذي يكف يد المحكمة عن القيام بأية ملاحقات قانونية لقادتها. ويبدو انه وفي هذه المرة الامر مختلف تماماً لهول الفضائع التي ترتكبها اسرائيل في غزة من ابادة جماعية وتهجير قسري وقتل ممنهج للمدنيين وتجويع ودمار شامل للبنية التحتية وحرمان من الماء والكهرباء، الامر الذي جعل من غزة مكاناً غير قابل للحياة ، كل ذلك يتم بمشاهدة العالم اجمع بمشاهد تبث من ارض الواقع بالصوت والصورة بعد ان اصبح العالم قرية صغيرة بفعل وسائل الاتصال المرئي والمسموع، مع تراجع كفاءة وفاعلية ماكنة الاعلام الصهيونية وتلاشي حجتها الامر الذي شكل رأي عام عالمي دافع باتجاه وقف الحرب ومحاسبة اسرائيل وقادتها من مجرمي الحرب.ان تشكل الرأي العام الدولي بزخم غير مسبوق لمحاسبة اسرائيل عن جرائمها وبروز خلافات جوهرية ما بين الادارة الامريكية الحالية وقادة الكيان الغاصب ، سيمهد الطريق نحو احقاق الحق ونصرة المظلوم ومحاسبة المجرمين، وعكس ذلك سيجعلنا الامر نفقد الثقة بأدوات القانون الدولي وقدرتها على صون السلم والامن الدوليين، الامر الذي يدفع وبقوة للانحلال من هذا العقد والبحث عن ادوات جديدة تجعل العالم افضل.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/21 الساعة 20:45