القوائم الإنتخابية ونجاح التجربة شكلاً وجوهراً؛ كيف ستختارها الأحزاب ؟

سلطان عبد الكريم الخلايلة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/21 الساعة 09:59

دعونا نستند إلى السيناريو الذي يتبناه عدد كبير من المُطّلعين على شؤون الانتخابات النيابية المقبلة والذي يؤكد أن الانتخابات القادمة ستفضي إلى شكل وجوهر لم يألفه الأردنيين من قبل.

تُعد الانتخابات النيابية القادمة بمثابة الامتحان والاختبار الأول للأحزاب السياسية، ليس فقط فيما ستحصده من مقاعد نيابية في البرلمان العشرين، ولكن في مدى كسب ثقة الناس والمؤازرين لها عبر اختيار ممثليهابقوائمها الانتخابية من خلال الدوائر المحلية أو القوائم العامة " الوطنية " .
انتخابات قادمة لم يألفها الاردنيون من قبل، تسعى للتأسيس لمرحلة جديدة في مسيرة التحوُّل الديمقراطي، معزّزِةً المشاركة الشعبية في صناعة القرار، وصولاً للانتقال إلى نهج الحكومات البرلمانية في إطار عملية تراكمية من التطوير والتحديث، مبنية على التدرّج بشكل أساسي دون التركيز بأن تكون الحكومات البرلمانية آنية التشكيل، فالذهاب نحو الكتل البرلمانية المتماسكة والقوية يشكل حضوراً وتأثيراً، وتقوم هذه الكتل حتماً على التوافقات، يتم خلالها اختيار أسماء الفريق الوزاري بعد التشاور مع البرلمان ثم السير حسب الإجراءات الدستورية المنصوص عليها.
إنّ المرحلة المُقبلة تستدعي حضوراً لافتاً للمواطنين الأردنيين، حيث يعتمد نجاح التجربة القادمة على وعيه وقدرته على الاختيار الذكي وتمييز الغثّ من السمين وأن يذهب صوت الناخبين لأصحاب البرامج الواقعية، فالناخب الذي سيذهب إلى صندوق الاقتراع لن يجد أمامه إلا ورقتين: الأولى تشمل القوائم المحلية بالدائرة الانتخابية، والأخرى على القوائم العامة " الوطنية " ومن هنا نعود إلى المربع الأول وهو حُسن الاختيار.
وبالعودة إلى العنوان، فنجد أن هناك غياب للنصوص في هذه عملية اختيار مرشحي القوائم حيث تعتبر هذه العملية من أهم أركان استراتيجية الحزب في الانتخابات، وهنا يصبح الاجتهاد بما يجده قيادات تلك المنظومة السياسية، ويعلم الجميع بأن هذه الانتخابات هي الامتحان الأول في مشوار الأحزاب ضمن مرحلة التحديث السياسي، وبهذه التفاصيل ومع غياب نصوص واضحة بالأغلب، يصبح الاجتهاد بما يجده قيادات تلك المنظومة السياسية، وبما يتناسب مع الحالة الأردنية سياسياً، خاصة إذا ما ذهبنا لخيار القوائم العامة، حيث ستكون القائمة نسبية مغلقة تترتب بها الأسماء وتحدد من قبل الحزب، دون وجود تفضيل بترتيب المرشحين من قبل الناخب، وهذا سيجعل كسب الصوت بناءً على طروحات الحزب وبرامجه وهويته وبناءً على ترتيب واختيار المرشحين داخل القائمة .
هذا يجعلني اسأل كما الآخرون: كيف سيتم اختيار مرشحي الحزب، وعلى أي أساس سيحفرون الأسماء في القائمتين؟ وهنا أيضاً، لا بد من الإشارة إلى الانتباه لاختيارات الاحزاب لمن سيمثل الشباب في القائمة العامة، فالاختيار لذلك سيكون محط اهتمام الكثيرين من المتابعين ومن الممكن أن يكون ذو تأثير لعدد كبير من الذاهبين لصناديق الاقتراع، خاصة مع العدد الكبير ممن سيحق لهم الاقتراع وهم من يسمّون بالناخبين الجدد لمن لم تسنح لهم الفرصة بممارسة الانتخاب بسبب عمرهم الفتي، كما أن ثمة أحزاب ستذهب في اختياراتها للاستقطاب لغاية أن تكون تلك الاستقطابات روافع للقائمة للحصول على ثقة الناخبين وخاصة في انتخابات مليئة بأدوات الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي ووصولها للناس بدلاً من الطرق التقليدية.
إن الأحزاب مطالبة أمام منتسبيها ومناصريها بأن تقوم بتسمية لجنة خاصة لاختيار أسماء مرشحيها للانتخابات، ويمكن أن تكون هذه الطريقة من أنجع الطرق وأكثرها نجاحاً لأنها ستذهب نحو العمل الجماعي بعيداً عن القرارات الفردية وستكون قائمة على أسس واضحة للاختيار، كما أنّ نجاح تلك اللجنة بالعمل بشفافية ووضوح ومهنية يُمهِّد الطريق للحزب ويظهر قوته من خلال البدء بإيجاد قناعة تامة لدى الأعضاء جميعاً على أنهم ضمن مؤسسة تقدم الجميع بشكل متساوٍ، وعليه فإن تلك التصرفات الحزبية تجعلهم يذهبون تجاه قناعاتهم.
من المعروف سياسياً بأنّ الأحزاب اليوم تُشكِّل رافعة العمل السياسي وطريق التحديث والتطوير المنشود والمأمول الذي من خلاله نسعى للوصول إلى أردننا الديمقراطي، كما أن هذه المرحلة السياسية الهامة تأتي وسط مناخات اقليمية تستدعي من المراقبين التشاؤم لمستقبل المنطقة بأسرها، ولكن الأردن يقدم نموذجه الخاص الذي يقوم على كلمة سر واحدة وهي: "الانتخابات".

مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/21 الساعة 09:59