القيسي تكتب: عندما تُفقد الثقة ..!
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/19 الساعة 03:11
يقال إن الطريق الأمثل للسيطرة على العقل البشري هي من خلال أحلامه طموحاته إشباع ملذاته و غرور (الأنا) وتعظيمها في ذاته ليرى في الأسراب حقائق في الخيالات وقائع و في جنون العظمة استحقاق لغايات يجب أن تفرض مهما كانت الطرق والوسائل فيسهل انقياد العقل وتوجيهه من خلال كل ما يلبي و لو جزئياً ما يعتمل في صرح أوهامه. فقد بدأت صناعة الوهم بنزغ الشياطين على مختلف أنواعهم وما زالت مستمرة باغراءات المُلك الذي لا يبلى منذ بدء الخليقة حتى يومنا هذا فلا اندثار ولا انتهاء حتى يحل بنا الفناء و يصبح كل ما على الدنيا بما فيها مجرد هباء.
إن تغييب العقول لعبة احترافية تمارس منذ مئات السنين باستخدام العديد من الأساليب فما عاد هناك رمزية معينة بحد ذاتها تعبر عن كل ما يمارس من تضليل افتراءات و تزوير فما بين التصريحات والخطب العصماء وما بين الاشاعات الأقاويل وحتى المواعظ و الإرشاد الموجه (لغايات في نفس يعقوب) أصبحت كلها ذات أبعاد متباينة ما بين قطبين متعاكسين متكاملين بين نور الحقيقة و ظلام الفجور. فالاستعمار لم ينته أبداً إنما اختلفت أدواته ليتحول من وجود احتلالي إلى احتلال وجودي يعمل على اغتصاب الفكر الحر واغتياله بطرق ممنهجة على أمداد مختلفة الأزمان لتركيع العقل البشري وتهميش التنوير الفكري والأفهام مما يؤدي لتحجير الوعي وتجميده عند لحظات معينة ليرسخ بدلاً عنه مفاهيم غير قابلة للنقاش تصبح من المسلمات التي تُخضع بني البشر في نوع من الأسر الأبدي المتمثل بأشكال مختلفة من الجهل الخوف الخرافات النعرات والعصبية الأصولية ووصولاً إلى التعصب الديني المذهبي أو الطائفي. ولقد كان للإعلام بمختلف وسائله (المسموع المقروء والمرئي) ومنذ نشوءه بالمفهوم الحديث دوراً فاعلاً في هذا الصراع الظاهر المستتر بين التحرر أوالانقياد. فكان الاعلام الرسمي في أنحاء العالم هو المصدر المنفرد لاستقاء الأخبار من مصادرها بالروايات المعتمدة بغض النظر عن مدى مصداقيتها أو انعدامها مما كان يسهل عملية تسيس هذا المصدر المعلوماتي وتوجيهه حسب ما يتناسب مع مخططات كل منظومة. لكن بظهور الثورة التقنية والتقدم التكنولوجي بدأت السيطرة على الاعلام الرسمي تُفقد تدريجياً بتحول العالم الشاسع الممتد إلى قرية افتراضية صغيرة تنتقل فيها المعلومه صوتاً صورة و كتابة بطرق شتى بدون أي تقييد مما خلق نوعاً جديداً من الحريات التي قمعت إلى حد ما الاستعمار الفكري وسيطرته المبطنة على الوعي المجتمعي لتنهار الكثير من الصروح والأساطير التي تم بناؤها بمخططات عالمية على مر السنين بثورة فكرية تحررية تقرر بذاتها ما هو الحق وما هو الباطل حسب معاييرها الذاتية بعد أن فقدت الثقة المطلقة في المنظومات المهيمنة منذ أمد بعيد.وإن في حرب غزة المثال الحي على مثل هذه الثورة الفكرية التي أيقظت إنسانية الشعوب في مختلف أنحاء العالم لتسقط خرافات قلب الموازين التي اقتاتوا عليها من أيادي الصهيونية العالمية ومخططاتها الشيطانية الممتدة منذ عقود لتنطلق الحملات المسيرات التظاهرات بملايين النسمات حول العالم ترفض ما يحدث في أرض فلسطين المحتلة ولتعيد برمجة العقول و استنارتها بفهم حقيقة الصراع الفلسطيني الصهيوني واكتشاف زيف الإدعاءات التي سممت الوجدان العالمي ضد الحق العادل للشعب الفلسطيني وقضيته المصيرية لسنوات عدة و إثارة الفضول -إن صح التعبير- للاستكشاف خلف هذا اليقين والقوة العقائدية التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية مما صحح كثيراً من المفاهيم التي رسخت في الأذهان حول العقيدة الإسلامية والمسلمين؛ ثم ليأتي رفع دولة جنوب أفريقيا قضية ضد الكيان الصهيونى أمام محكمة العدل الدولية طلباً لإدانة اسرائيل بجرائم الحرب والإبادة الجماعية كانتصار معنوي نوعي آخر غير مسبوق يمثل الإرادة الحرة المتحررة من الاستعمار العقلي بانتهاج وعي فكري أخلاقي مسؤول اتجاه الإنسانية البحتة بعد فقدان الثقة بمصداقية الأنظمة السياسية المسيطرة اتجاه إنهاء الحرب الدائرة بضراوة ضد الشعب الفلسطيني.السؤال الذي يتأرجح بقوة ماذا بعد غزة ؟ أم على الأصح ماذا بعد اسرائيل؟ الكيان الذي بني على باطل بأسطورة الأرض الموعودة التي حرمت عليهم في التيه وجعلوها لبني صهيون أرض الأحلام الوردية التي سيتعاظم فيها وجودهم ويعاد ملكهم المنشود فتكون مملكتهم التي صورت بأكاذيبهم أنها الملجأ والمأمن لشعبهم المكلوم المظلوم الناجي من محرقة النازية المفترضة والاضطهاد الغربي المزعوم والذين خططوا تآمروا و مدوا أذرع نفوذهم الخبيثة في كل بقاع الأرض على مر السنين ليحققوا مطامعهم و غاياتهم بالسيطرة على العقول الاقتصادات والسياسات العالمية ليكون لهم العلو المنشود ويكتسبوا ثقة بلا حدود تؤيد كل مزاعمهم. لكن ماذا حدث؟ هل استيقظت الأمة النائمة ليستردوا في عام ما أضاعوا في مائة عام و ليهدم كل ما بني على الباطل الزور والبهتان؟ هاهم شتات الأرض الذي أنفقت إسرائيل الثروات لتجمعهم وتستوطن بهم ما لا يحق لها قد فروا بأرواحهم منذ بدء الحرب الأخيرة ليعودوا من حيث أتوا بلا رجعة بعد ما فقدوا الثقة في كل ما وعدوا به تحت مسمى أرض الميعاد. وهاهي الآن أقنعة الصهيونية تتساقط واحدة تلو الأخرى أمام العالم بأسره لتبدد كل ما أنفقوا عليه من خرفات لتبهرج صورتهم العالمية محققين خسائر فادحة لا تعوض في حرب لم تكن نتائجها كما المتوقع على يد فئة قليلة مؤمنة بالله عز وجل طبقوا قوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم). إننا نحيا بكل يقين إن لكل طغيان و طغاة اندثار مهما عاثوا في الأرض مفسدين فقد تكون هذه فعلياً هي بداية النهاية التي لم تكن بالحسبان لبني صهيون والله أعلى وأعلم.والله دوماً من وراء القصد
إن تغييب العقول لعبة احترافية تمارس منذ مئات السنين باستخدام العديد من الأساليب فما عاد هناك رمزية معينة بحد ذاتها تعبر عن كل ما يمارس من تضليل افتراءات و تزوير فما بين التصريحات والخطب العصماء وما بين الاشاعات الأقاويل وحتى المواعظ و الإرشاد الموجه (لغايات في نفس يعقوب) أصبحت كلها ذات أبعاد متباينة ما بين قطبين متعاكسين متكاملين بين نور الحقيقة و ظلام الفجور. فالاستعمار لم ينته أبداً إنما اختلفت أدواته ليتحول من وجود احتلالي إلى احتلال وجودي يعمل على اغتصاب الفكر الحر واغتياله بطرق ممنهجة على أمداد مختلفة الأزمان لتركيع العقل البشري وتهميش التنوير الفكري والأفهام مما يؤدي لتحجير الوعي وتجميده عند لحظات معينة ليرسخ بدلاً عنه مفاهيم غير قابلة للنقاش تصبح من المسلمات التي تُخضع بني البشر في نوع من الأسر الأبدي المتمثل بأشكال مختلفة من الجهل الخوف الخرافات النعرات والعصبية الأصولية ووصولاً إلى التعصب الديني المذهبي أو الطائفي. ولقد كان للإعلام بمختلف وسائله (المسموع المقروء والمرئي) ومنذ نشوءه بالمفهوم الحديث دوراً فاعلاً في هذا الصراع الظاهر المستتر بين التحرر أوالانقياد. فكان الاعلام الرسمي في أنحاء العالم هو المصدر المنفرد لاستقاء الأخبار من مصادرها بالروايات المعتمدة بغض النظر عن مدى مصداقيتها أو انعدامها مما كان يسهل عملية تسيس هذا المصدر المعلوماتي وتوجيهه حسب ما يتناسب مع مخططات كل منظومة. لكن بظهور الثورة التقنية والتقدم التكنولوجي بدأت السيطرة على الاعلام الرسمي تُفقد تدريجياً بتحول العالم الشاسع الممتد إلى قرية افتراضية صغيرة تنتقل فيها المعلومه صوتاً صورة و كتابة بطرق شتى بدون أي تقييد مما خلق نوعاً جديداً من الحريات التي قمعت إلى حد ما الاستعمار الفكري وسيطرته المبطنة على الوعي المجتمعي لتنهار الكثير من الصروح والأساطير التي تم بناؤها بمخططات عالمية على مر السنين بثورة فكرية تحررية تقرر بذاتها ما هو الحق وما هو الباطل حسب معاييرها الذاتية بعد أن فقدت الثقة المطلقة في المنظومات المهيمنة منذ أمد بعيد.وإن في حرب غزة المثال الحي على مثل هذه الثورة الفكرية التي أيقظت إنسانية الشعوب في مختلف أنحاء العالم لتسقط خرافات قلب الموازين التي اقتاتوا عليها من أيادي الصهيونية العالمية ومخططاتها الشيطانية الممتدة منذ عقود لتنطلق الحملات المسيرات التظاهرات بملايين النسمات حول العالم ترفض ما يحدث في أرض فلسطين المحتلة ولتعيد برمجة العقول و استنارتها بفهم حقيقة الصراع الفلسطيني الصهيوني واكتشاف زيف الإدعاءات التي سممت الوجدان العالمي ضد الحق العادل للشعب الفلسطيني وقضيته المصيرية لسنوات عدة و إثارة الفضول -إن صح التعبير- للاستكشاف خلف هذا اليقين والقوة العقائدية التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية مما صحح كثيراً من المفاهيم التي رسخت في الأذهان حول العقيدة الإسلامية والمسلمين؛ ثم ليأتي رفع دولة جنوب أفريقيا قضية ضد الكيان الصهيونى أمام محكمة العدل الدولية طلباً لإدانة اسرائيل بجرائم الحرب والإبادة الجماعية كانتصار معنوي نوعي آخر غير مسبوق يمثل الإرادة الحرة المتحررة من الاستعمار العقلي بانتهاج وعي فكري أخلاقي مسؤول اتجاه الإنسانية البحتة بعد فقدان الثقة بمصداقية الأنظمة السياسية المسيطرة اتجاه إنهاء الحرب الدائرة بضراوة ضد الشعب الفلسطيني.السؤال الذي يتأرجح بقوة ماذا بعد غزة ؟ أم على الأصح ماذا بعد اسرائيل؟ الكيان الذي بني على باطل بأسطورة الأرض الموعودة التي حرمت عليهم في التيه وجعلوها لبني صهيون أرض الأحلام الوردية التي سيتعاظم فيها وجودهم ويعاد ملكهم المنشود فتكون مملكتهم التي صورت بأكاذيبهم أنها الملجأ والمأمن لشعبهم المكلوم المظلوم الناجي من محرقة النازية المفترضة والاضطهاد الغربي المزعوم والذين خططوا تآمروا و مدوا أذرع نفوذهم الخبيثة في كل بقاع الأرض على مر السنين ليحققوا مطامعهم و غاياتهم بالسيطرة على العقول الاقتصادات والسياسات العالمية ليكون لهم العلو المنشود ويكتسبوا ثقة بلا حدود تؤيد كل مزاعمهم. لكن ماذا حدث؟ هل استيقظت الأمة النائمة ليستردوا في عام ما أضاعوا في مائة عام و ليهدم كل ما بني على الباطل الزور والبهتان؟ هاهم شتات الأرض الذي أنفقت إسرائيل الثروات لتجمعهم وتستوطن بهم ما لا يحق لها قد فروا بأرواحهم منذ بدء الحرب الأخيرة ليعودوا من حيث أتوا بلا رجعة بعد ما فقدوا الثقة في كل ما وعدوا به تحت مسمى أرض الميعاد. وهاهي الآن أقنعة الصهيونية تتساقط واحدة تلو الأخرى أمام العالم بأسره لتبدد كل ما أنفقوا عليه من خرفات لتبهرج صورتهم العالمية محققين خسائر فادحة لا تعوض في حرب لم تكن نتائجها كما المتوقع على يد فئة قليلة مؤمنة بالله عز وجل طبقوا قوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم). إننا نحيا بكل يقين إن لكل طغيان و طغاة اندثار مهما عاثوا في الأرض مفسدين فقد تكون هذه فعلياً هي بداية النهاية التي لم تكن بالحسبان لبني صهيون والله أعلى وأعلم.والله دوماً من وراء القصد
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/19 الساعة 03:11