'نتائج' جولة بلينكن: 'رفضٌ' لوقف الحرب.. و'إنكارٌ' للإبادة الجماعية؟؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/11 الساعة 01:34
انتهت جولة رئيس الدبلوماسية الأميركي الرابعة للمنطقة (الخامسة لـ"إسرائيل"), بلا نتائج تُذكر مقارنة بالآمال "العريضة" التي راهنت عليها أوساط دبلوماسية وسياسية وإعلامية في المنطقة، بانية تلك "الآمال" على تصريحات وتسريبات غير مؤكدة، تتحدّث – كما قالوا أو توهّموا- أن إدارة بايدن "عيل صبرها", وأن الوقت الطويل الذي منحته لحكومة الفاشيين الصهاينة آخد بالنفاد, مُتّكِئين على تصريح "قديم/يتيم" لبايدن قال فيه أن إسرائيل ستخسَر الدعم الدولي بسبب هجماتها العشوائية على غزة، فضلاً ـ توهّم هؤلاء ــ عن اقتراب موعد بدء معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية، في ظل استطلاعات تتحدث عن تراجع شعبية بايدن.
شيئ من هذا القبيل لم يحدث, بل كرّر بلينكن اسطواناته المشروخة المعروفة, عن ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية, مُتجاهلاً عن قصد الإشارة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2720 الذي يدعو لاتخاذ خطوات عاجلة, من أجل السماح وتوسيع عمليات المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق, وخلق الظروف المواتية من أجل الوقف المُستدام للأعمال العِدائية. ويبدو أن هذا هو الهدف الأساسي الذي جاء من أجله, دون أن يتطرّق ولو بكلمة واحدة عن "وقف النار", فضلاً عن عدم الإشارة إلى الطرَف الذي يعوق إدخال المساعدات وعرقلتها عبر تعمّد التأخير والتفتيش الاستفزازي الطويل للشاحنات التي تحملها.
المُدقق لتصريحات الوزير الأميركي, سواء في ما خص تركيزه على أن واشنطن "تُريد أن ترى حُكماً فلسطينياً" و"مُستقبلاً أفضل" لغزة قائم على الأمن والسلام, فضلاً عن تعليقه اللافت/والمنافِق في الوقت نفسه عن "إغتيال حمزة", نجل الصحفي الفلسطيني الشجاع والمكلوم وائل الدحدوح, قائلاً/بلينكن: أنا آسف جداً جداً على الخسارة التي لا يُمكن تخيّلها التي عانى منها زميلكم وائل الدحدوح، أنا والد –أضاف بلينكن- أيضاً، لا أستطيع أن أتخيّل المعاناة التي عاشها ليس مرّة بل مرّتين, مُتابِعاً بنفاق: هذه مأساة لا يمكن تصوّرها وهذا هو الحال أيضاً كما قلت, لعدد كبير جداً من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء والمدنيين, وكذلك الصحفيين من الفلسطينين وغيرهم". انتهى الإقتباس..
هل هي صحوة ضمير لهذا الدبلوماسي العنصري؟.
بالتأكيد لا.. بدليل أنه لم يُشِر لـ"الدولة" أو الجيش الذي قام باستهداف نجل الدحدوح وعائلته، كذلك عشرات الآلاف من المدنيين الغزيين أطفالاً ونساء ورجالاً, وبنى تحتية من المشافي والشوارع والبنايات والمتاجر والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس وكل أسباب الحياة, فضلاً عن آلاف الشهداء الذين ما يزالون تحت الأنقاض، بل خرجَ ومن "سفارة بلاده في القدس المحتلة", نافياً حدوث إبادة جماعية في القطاع الفلسطيني, مُنتقداً وغامزاً من قناة دولة جنوب افريقيا ودعواها لدى محكمة العدل الدولية, التي تبدأ جلساتها اليوم الخميس 11/1 قائلاً فُضَّ فوه: الولايات المتحدة "تعتقد" أن دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب افريقيا (بلا أساس), لكن ــ أضاف في تناقُض وفي وقاحة أيضاً ــ العدد اليومي للقتلى المدنيين مُرتفع للغاية (!!).
وفي ردّ له على سؤال قال بلينكن بعبارة ملغومة وغامضة: على إسرائيل أن تكون "شريكاً" للقادة الفلسطينيين الذين يُريدون قيادة شعبهم"(؟؟), وعلى إسرائيل –تابعَ- أن تكفَّ عن اتخاذ خطوات تُقوّض من قدرة الفلسطينيين على "حُكم أنفسهم بشكل فاعل".
في إطار تصريحات استهلاكية مُكرّرة ومغسولة كهذه, تقول كل شيئ لكنها لا تقول شيئاً في الحقيقة، كشفَ وزير الخارجية الأميركية في المؤتمر الصحافي ذاته: أن إسرائيل وافقت على "مبدأ" إرسال بعثة للأمم المتحدة لـِ"تقييم الوضع في شمال قطاع غزة, تمهيداً لعودة الفلسطينيين الذين نزحوا بسبب الحرب".. مُضيفاً أنه ونتنياهو إتّفقا على "خطة تتيح للأمم المتحدة إرسال بعثة تقييم, تُحدّد ما ينبغي القيام به, للسماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى منازلهم بشكل آمن تماماً في شمال غزة". في الوقت ذاته أفاد موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أول أمس/الثلاثاء، بأن دولة العدو تفحص إمكانية "إشتراط التوصّل إلى صفقة جديدة مع حركة حماس", تتيح إعادة المُحتجزين الإسرائيليين "مقابل عودة الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة".
وعود أميركية عمومية مائعة وحمّالة أوجُه, واتفاقات مع مجرم الحرب/نتنياهو, لا تعدو كونها شراء وقت لآلة الحرب الصهيوأميركية, لمواصلة تدمير ما تبقّى من القطاع الفلسطيني المنكوب, كي يُركّز جيش النازية الصهيونية قصف طائراته ونيران مدفعيته على جنوب غزة وتحديداً خان يونس ورفح, حيث "نصحَ" تحالف الشر الصهيوأميركي, سكان شمال ووسط القطاع, للنزوح إلى المنطقة الآمنة في جنوب القطاع. إستعداداً بالطبع لإرتكاب "محرقته" الخاصة, وتمهيد الطريق لتهجير أهالي القطاع, بذريعة أن "القطاع" لم يعُد صالِحاً للسكن ولا تتوفر فيه أسباب الحياة. لهذا كله.. أكد مُنسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض أول أمس الثلاثاء, أن الولايات المتحدة "لا تُؤيّد وقفاً لإطلاق النار حالياً في قطاع غزة"، لكنها ــ أضاف الجنرال/جون كيربي... "تدعم هُدنة إنسانية".
يا لصفاقة "الرجل الأبيض"... ووقاحته.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/11 الساعة 01:34