الشوبكي يكتب: العراق.. بين الاستمرار أو الانسحاب
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/09 الساعة 13:29
يشهد العراق حالة من الجدل بشأن مصير التحالف الدولي الذي شكله مع الولايات المتحدة ودول أخرى لمحاربة تنظيم داعش، حيث تمكن التحالف من القضاء على معظم عناصر التنظيم ومواقعه في العراق وسوريا، فمن جهة ترى الحكومة العراقية وبعض القوى السياسية أن وجود قوات التحالف يمثل تدخلا في شؤون العراق ويهدد سيادته وأمنه، ومن جهة بعض القوى وخاصة في اقليم كردستان يرون أن التحالف يقدم دعما حيويا للعراق في مختلف المجالات، وان انسحابه سيترك فراغا قد تستغله (داعش، ايران وتركيا) .نستعرض هنا تأسيس التحالف الدولي ودوره في العراق ، واسباب ودوافع طلب انسحابه ، والتداعيات المحتملة لهذا الطلب على الوضع الامني والسياسي والاقتصادي في العراق والمنطقة.- اكدت الحكومة العراقية في نهاية عام ٢٠٢٣ انها ماضية قدما باتجاه إنهاء وجود قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش ، وتشكيل لجنة ثنائية لجدولة انسحابها من العراق ، ارتباطا بالهجمات الامريكية على مقرات الحشد الشعبي، الذي قام منذ الهجوم البربري الاسرائيلي على غزة ب (١١٥) هجوما على القواعد الامريكية في العراق وسوريا .- تم تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عام ٢٠١٤ ، عقب سيطرة داعش على اجزاء من الاراضي العراقية والسورية واعلان دولتهم ، وقام التحالف بعمليات عسكرية وأمنية أدت إلى انهاء تنظيم داعش واضعافه وملاحقة قادته وتصفيتهم .حسب تقرير للامم المتحدة ( ايلول /٢٠٢٣) لتقييم وضع داعش بشكل دوري ، فأن التنظيم لا زال يشكل خطرا ، ويمتلك (٥-٧) الالاف من المقاتلين ، وان التنظيم وبالرغم من انخفاض عملياته ، إلا انه لم يهزم تماما ، وهذا يتوافق مع تقييم عسكري وامني امريكي ( نيسان / ٢٠٢٣ ) ان تنظيم الدولة يتمتع بأيديولوجية غير مقيدة ونشطة، بالرغم من عدم استحواذه على اي اراضي ، ويسعى لاعادة تشكيل نفسه مع انخفاض في نشاطه العملياتي .- جرى حوار استراتيجي امريكي عراقي عام ٢٠٢١ ، تم فيه الاتفاق على إنهاء الدور القتالي لقوات التحالف ، وانتقال مهمتها إلى تقديم المشورة والمساعدة والتدريب للقوات العراقية ، ووصل عديد قوات التحالف إلى ( ٢٥٠٠) عسكري في العراق ، و (٩٠٠ ) عسكري في سوريا ، علما بأن هجمات المليشيات في العراق على القواعد الامريكية كانت قبل الهجوم على غزة ، لاسباب عديدة .- التساؤلات المهمة تتعلق بالموقف الأمريكي من مطالبة الحكومة العراقية وكيف سيكون؟ في ظل وجود رفض من قبل الأكراد يعارض انسحاب قوات التحالف ، وقد يكون هناك ادراك امريكي ان توقيت ذلك غير مناسب وتعزز نفوذ إيران في العراق ، خاصة ان ايران ترتبط بتحالفات مع روسيا والصين ، وهو أمر بالغ الأهمية للولايات المتحدة في ضوء تنامي صراع النفوذ بينها وبين الصين وروسيا .- بالمجمل، انسحاب قوات التحالف ممكن شريطة أن يكون ضمن ترتيبات وشروط محددة، وضمن خارطة طريق وفق خطة زمنية قد تستغرق سنوات ، ويحقق المصالح الأميركية ، علما بان الحكومة العراقية وجّهت رسائل عبر الهاتف للمواطنين العراقيين يتضمن سؤال ( هل انت مع استمرار مهمة التحالف الدولي في العراق؟) وطلبت الاجابة عليه عبر رابط اسفل الرسالة .- ختاما، العراق يقف امام خيار مصيري بشأن مستقبل التحالف ، ولا يمكن أن يتخذ هذا القرار بانفعالية ، ويحتاج إلى توافق داخلي عراقي ، وتوافق اقليمي ودولي ، لضمان المصالح العليا للعراق وتحمي سيادته وأمنه واستقراره ، والتركيز على الاستمرار بتطوير القدرات الامنية والعسكرية العراقية ، لتقليل اعتماده على الدعم الخارجي الاقليمي.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/09 الساعة 13:29