اطردوهم

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/07 الساعة 01:40
حين تنتهي الحرب،وحين تعود الناس لمنازلها....ستفتح المعابر، حتما ستفتح..ويزهر النصر مثل الورد...
سيأتي لغزة، مئات من الصحفيين الأمريكان والأوروبيين...كي يوثقوا حجم الخراب، وحجم الدمار..أنصحكم بطردهم لا تدخلوهم، لأن هذا التراب الحر بعد اليوم يجب أن لا يلوث بالأنفاس الغربية أبدا...ستأتي ألف منظمة لدراسة اثار الحرب على الإنجاب، وربما تريد إصدار بعض التقارير عن النساء وعن تأثر الجنين والطفل...لا تدخلوهم أنصح أهل غزة بعدم إدخالهم، لأن من يحتاج لدراسة ارتفاع مناسيب الخسة والدناءة هم..لأن من يحتاج إلى أجوبة عن من يسمي نفسه بالعالم الحر هو نحن...أي حرية تلك لها أنياب، أي حرية تلك التي لا تملك ضميرا ولا إنسانية وتقف متفرجة..وتعتبر دم أهل غزة، مجرد فائض دموي ينزف من فائض بشري...اطردوهم وارموهم بالأحذية، هؤلاء هم الأولى بأن ندرس سواد قلوبهم ورجعيتهم.ستأتي أيضا محطات الدول الغربية بانواعها، لإنتاج أفلام وثائقية...عن الحرب وقصص النزوح....أطردوهم أيضا هم وكاميراتهم، من يحتاج لأفلام وثائقية هم...يحتاجون لأن يقرأوا عن قطاع هو في الجغرافيا أصغر من مدينة (هامبورغر)، لكن بالإرداة أكبر من كل القارة الأوروبية بتاريخها السياسي والعسكري وبتاريخها الثقافي...على الأقل غزة لم تخضع بالمقابل هم خضعوا للرغبة الأمريكية، وسقطوا أمام إسرائيل..تبين أنهم لايملكون قرارا ولا موقفا..هم مجرد ملحق بالإدارة الأمريكية ينتظرون ما يصدر عنها من أوامر وينفذون فقط...غزة احتملت من القنابل ما لم تحتمله كل مدنهم في الحرب العالمية الثانية.سيأتي أيضا ما يسمى بالوسيط الدولي أو اللجنة الدولية، هؤلاء أيضا يستحقون الطرد...لأنهم سيأتون بسيارات مصفحة مدججة بالكاميرات، وأجهزة التنصت..هؤلاء همهم أن يعرفوا كيف تقاتلون وكيف صمدتم وكيف حققتم النصر، هؤلاء مجرد جواسيس ببدلات وربطات عنق..ويطلقون ابتسامات كاذبة، وتعاطفهم كاذب وتقاريرهم كاذبة.. اطردوهم من على المعبر.سيأتي أيضا...إلى غزة، مجموعة من الفنانين واللاعبين الدوليين حاملين بعض التبرعات السخية، محملين بنظرات الشفقة...وأظن أن من يحتاج للشفقة هم وليس أهل غزة..لأن الشفقة تجوز على العاجز، وغزة كسرت كل أغلال العجز العربي..وتبين أن إسرائيل هي المصابة بالعجز، لم تحقق هدفا..لم تأسر قائدا، لم تفلح باختراق حي بيوته من (الزينكو) والطوب القديم، صهرت دباباتها..,جنودها سجل صراخهم في الكثير من الأفلام...أي جيش هذا الذي لايقهر؟..وجنوده عند أول كمين بدأوا..بالصراخ مثل النساء، أو مثل راقصة ابتليت بتقدم العمر..وما عاد المسرح يحتملها..وما عاد لها في النخاسة مكان...أو في الإبتذال مساحة.غزة أم الشهداء..غزة الطاهرة المطهرة، بعد الحرب لا تدخلوا إليها أحدا...هي أكبر منهم وأكبر من عالم، اكتشف نفسه بأنه صغير أمامها..حتما ستداوي جراحها بنفسها، حتما سيطوف رجالها وهم يحملون الأطفال في حي الشجاعية ويحتلفون بالشهداء والنصر....وحتما ستقلب الموازين كلها....على الأقل حين خلعت المدن حجابها، غزت ظلت تردي (يانس الصلاة)..ولم تسجد إلا لله.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/07 الساعة 01:40