مستشارية العشائر
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/04 الساعة 05:59
نشاهد كنيعان باشا البلوي على التلفاز، الناس تظن أن مستشار الملك لشؤون العشائر هو الشخص الذي عليه أن يتقن فنون الخطابة والإقناع في منع (الجلوة)، وهو الشخص الذي عليه أن يحقن الدم، ويكلف بإجراء الصلح بين عشيرتين...وهو الشخص الموزع بين القبيلة والقبيلة فقط.
كنيعان باشا البلوي.. صحيح أن اسمه يوحي بأنه الذي جاء من قلب العشيرة والبداوة، ومن عمق الروح الأردنية...ولكن عقله يختلف كثيرا، هو ابن سلاح الجو وقد وصل لرتبة لواء...أمضى ردحا من عمره في الخارج، وقد تلقى تعليما عسكريا وأكاديميا متقدما..درس في أرقى الكليات العسكرية، يتقن الإنجليزية...ولشغفه بالإسبانية قطع شوطا طويلا في تعلمها...هو من الناس الذي ساهموا في إعادة هيكلة سلاح الجو الملكي...صحيح أنه يرتدي العقال والشماغ ووجه تشعر أنه مأخوذ من سمرة الأرض..ولهجته ما زالت أردنية فصيحة بالمطلق..إلا أن تفكيره أعمق بكثير من الذين يدعون الليبرالية، ومن الذين أرهقونا بالدعوات لدولة مدنية.حين يتحدث يأسرك بحديثه المترابط، تأسرك الفكرة التي يطرحها...وقد تحدث لنا أمس عن التنمية والمجتمعات العشائرية، تحدث عن العشيرة كوحدة إنتاج زراعي، وكمؤسسة تنوير مهمة..تحدث عن الموروث....وفرق بين الموروثات التي تصب في خدمة المجتمعات والموروثات العروبية التي تهشم المجتمعات مثل: الثأر...تشعر كأنه قرأ التطور الإجتماعي لعشائر الأردن، ويعرفها ويحفظ منابتها وحركتها مثلما يحفظ كف يده.قال لنا أيضا: العشيرة في الأردن تمثل مجتمعا مدنيا حقيقيا، لقد تطورت كثيرا..وهي من ساهمت بتطوير الدولة أيضا، والمدنية لا تعني الإنقلاب على القيم والتراث أوعلى النسق الإجتماعي...بل تعني تحرير العقل من العصبية، تعني الإنفتاح على الاخر، تعني قبول التطور الإجتماعي، وتعني الإبتكار والإنخراط في إيقاعات المجتمع...وتعني أيضا القبول بالتغيرات الإجتماعية المصاحبة للتطور الإقتصادي.الذي صدمني في مستشارية شؤون العشائر هو الصورة النمطية المغلوطة والمأخوذة عن هذا الموقع..لقد جلست في مكاتبهم، واستمعت للشيوخ الذين يزورون الباشا ويتحدثون معه، كنت أظن أن حديثهم سيكون محصورا في (الجلوة)، وطلب المساعدة في عقد صلح...أو حل قضية..لكن تبين لي أن هؤلاء أكثر عمقا من نصف الأحزاب الموجودة لدينا، ويتحدثون في السياسة باحتراف أكثر من السياسين أنفسهم...وأحدهم تحدث لي عن مقال كتبته قبل سنوات، وعاتبني على موقف معين..كان محقا جدا فيه، لدرجة أنه نبهني لأخطاء في الصياغة...مستشارية شؤون العشائر، من مؤسسات الدولة المهمة..هي ليست معنية بالعشيرة فقط، هي معنية بكل صوت موضوعي حر يخدم البلد، معنية بالإنفتاح وسماع الاراء..معنية أيضا بتطوير التفكير، وخلق المبادرة وإنتاج الفرصة...من يعملون فيها من خيرة شبابنا..ومن يقدمون الخدمة للناس أيضا، هم من أفضل الكفاءات في الدولة...أنا معني بتسليط الضوء على هذه المؤسسة ليس من قبيل الإنحياز لصديقي الباشا كنيعان البلوي والذي أحببته من قلبي لأنه مثل أخلاق العسكرية الأردنية وأخلاق العشيرة..بل أيضا لأنها مؤسسة...تمثل ضرورة ملحة في المجتمع، ودعمها من الواجبات الوطنية...
كنيعان باشا البلوي.. صحيح أن اسمه يوحي بأنه الذي جاء من قلب العشيرة والبداوة، ومن عمق الروح الأردنية...ولكن عقله يختلف كثيرا، هو ابن سلاح الجو وقد وصل لرتبة لواء...أمضى ردحا من عمره في الخارج، وقد تلقى تعليما عسكريا وأكاديميا متقدما..درس في أرقى الكليات العسكرية، يتقن الإنجليزية...ولشغفه بالإسبانية قطع شوطا طويلا في تعلمها...هو من الناس الذي ساهموا في إعادة هيكلة سلاح الجو الملكي...صحيح أنه يرتدي العقال والشماغ ووجه تشعر أنه مأخوذ من سمرة الأرض..ولهجته ما زالت أردنية فصيحة بالمطلق..إلا أن تفكيره أعمق بكثير من الذين يدعون الليبرالية، ومن الذين أرهقونا بالدعوات لدولة مدنية.حين يتحدث يأسرك بحديثه المترابط، تأسرك الفكرة التي يطرحها...وقد تحدث لنا أمس عن التنمية والمجتمعات العشائرية، تحدث عن العشيرة كوحدة إنتاج زراعي، وكمؤسسة تنوير مهمة..تحدث عن الموروث....وفرق بين الموروثات التي تصب في خدمة المجتمعات والموروثات العروبية التي تهشم المجتمعات مثل: الثأر...تشعر كأنه قرأ التطور الإجتماعي لعشائر الأردن، ويعرفها ويحفظ منابتها وحركتها مثلما يحفظ كف يده.قال لنا أيضا: العشيرة في الأردن تمثل مجتمعا مدنيا حقيقيا، لقد تطورت كثيرا..وهي من ساهمت بتطوير الدولة أيضا، والمدنية لا تعني الإنقلاب على القيم والتراث أوعلى النسق الإجتماعي...بل تعني تحرير العقل من العصبية، تعني الإنفتاح على الاخر، تعني قبول التطور الإجتماعي، وتعني الإبتكار والإنخراط في إيقاعات المجتمع...وتعني أيضا القبول بالتغيرات الإجتماعية المصاحبة للتطور الإقتصادي.الذي صدمني في مستشارية شؤون العشائر هو الصورة النمطية المغلوطة والمأخوذة عن هذا الموقع..لقد جلست في مكاتبهم، واستمعت للشيوخ الذين يزورون الباشا ويتحدثون معه، كنت أظن أن حديثهم سيكون محصورا في (الجلوة)، وطلب المساعدة في عقد صلح...أو حل قضية..لكن تبين لي أن هؤلاء أكثر عمقا من نصف الأحزاب الموجودة لدينا، ويتحدثون في السياسة باحتراف أكثر من السياسين أنفسهم...وأحدهم تحدث لي عن مقال كتبته قبل سنوات، وعاتبني على موقف معين..كان محقا جدا فيه، لدرجة أنه نبهني لأخطاء في الصياغة...مستشارية شؤون العشائر، من مؤسسات الدولة المهمة..هي ليست معنية بالعشيرة فقط، هي معنية بكل صوت موضوعي حر يخدم البلد، معنية بالإنفتاح وسماع الاراء..معنية أيضا بتطوير التفكير، وخلق المبادرة وإنتاج الفرصة...من يعملون فيها من خيرة شبابنا..ومن يقدمون الخدمة للناس أيضا، هم من أفضل الكفاءات في الدولة...أنا معني بتسليط الضوء على هذه المؤسسة ليس من قبيل الإنحياز لصديقي الباشا كنيعان البلوي والذي أحببته من قلبي لأنه مثل أخلاق العسكرية الأردنية وأخلاق العشيرة..بل أيضا لأنها مؤسسة...تمثل ضرورة ملحة في المجتمع، ودعمها من الواجبات الوطنية...
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/04 الساعة 05:59