الاقتصاد.. بين عامين وخطابين

عصام قضماني
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/01 الساعة 00:58

لست في وارد عقد مقارنة بين الوضع الاقتصادي لسنة فائتة وتوقعات سنة مقبلة وهو ما يمكن ملاحظته بين خطابي الموازنة لسنة ٢٠٢٣ ولسنة ٢٠٢٤ وهو عرض حال تقدمه الحكومة على لسان وزير المالية نهاية كل سنة.

عنوان الاستقرار في سنوات الأزمات أو العجاف إن جاز التعبير هو الوجه المضيء للقطاع النقدي والمصرفي وهو انعكاس لحالة الاقتصاد الذي يمكن أن نصفه بالاستقرار المتارجح.
في خطاب الموازنة لسنة ٢٠٢٣ استدعى وزير المالية الظروف الاقليمية والعالمية غير المستقرة كعامل ضغط على الاقتصاد وها هو ذا يستدعي ذات الظروف، وإن تغيرت أشكالها كعوامل ضغط على الاقتصاد لسنة قادمة.
ونحن نقول منذ متى لم تكن هناك ظروف وعوامل ضاغطة؟. لكن الدول التي افلتت من مثل هذه الظروف تمكنت من أن تتجاوزها بالفعل وعبر خطط هجومية عظمت عوامل القوة والمتعة وقفزت فوق المعيقات وانطلقت في اثر النمو وفتحت الأبواب على مصراعيها أمام الاستثمار الحر وكانت جريئة في التضحية باجراءات تمسكت بها على اعذار انها روافع هامة للمالية العامة لكنها كانت كوابح ضارة، أنه تلخيص للفرق بين النظرة قصيرة الأجل والنظرة طويلة الاجل.
لا نزعم هنا أن اداء المالية العامة لم يكن جيدا لكنه ظل حبيسا لما يمكن ان نطلق عليه دوام الحال افضل من كسر اقفال المحال، وقد اعتدنا على القبول بسياسة سكن تسلم لدرء المخاطر ولعدم اقتحام مسارات تتطلب منا جرأة وقررنا ان لا نخوض التجربة، نفشل فيها وننجح وفي نهاية المطاف نستفيد من نتائجها ونصل الى ما نريد.
لا نقلل من تأثير الأوضاع الضاغطة لكن المشكلة تبدأ بنا وتنتهي بنا أيضا..!.
في ظل هـذه الظروف المحلية والإقليمية والدولية غير المواتية، يعتبر إنجازاً أن لا يتحقـق تراجع في الاقتصاد الأردني، بل على العكس فان النمو كان إيجابياً ولو كان متدن بالمقاييس التاريخية.
المشكلة الحقيقيـة التي تهدد الاسـتقرار والأمن الاقتصاديين هي مشكلة العجـز المتفاقم في الموازنة العامة، ويتم تغطيته بالاقتراض محلياً وخارجياً. ونتصرف وكأن الأردن دولة رفاهيـة.
الفرق بين مديونيتنا ومديونية دول اخرى تبدو خيالية، ذلك أن تلك الدول ذات اقتصاديات قوية متنوعة الايرادات وجريئة المبادرات.
زيادة الانفاق العام في تلك الدول يتحول الى اصول واستثمارات وليس إلى استهلاك وانفاق جار غير مسترد.
لكن مع ذلك أهم المعيقات هي ما يسود بيننا من حالة التشاؤم سياسياً واقتصاديا، واجواء ملبدة بوجهات نظر قاتمة حول المستقبل.
الأوضاع الاقتصادية صعبة، ولكنها تحت السيطرة، وهي لن تسوء أكثر من ذلك والظروف الإقليمية كانت دائما حجة العاجز فهذه الظروف لم تتغير وإن اختلفت في أشكالها.
الاقتصاد الأردني معروف بصموده، وأنه كان ينمو إيجابياً حتى في أسوأ الظروف ولو بمعدلات أقل، ولكنه لم يتراجع أبداً.
لا خوف على الدينار إذا كان البنك المركزي يملك ١٨ مليار دولار من الاحتياطيات الحقيقية، ما يدعم سعر صرف الدينار كما فعل منذ أكثر من عشرين عاماً.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/01 الساعة 00:58