أنس الشريف

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/28 الساعة 07:34
ما يعجبني في المشهد هو (أنس الشريف) مراسل الجزيرة....
صباح الخير يا أنس، أنا أتابعك وأخجل من رجولتك..فأنت لم تترك مكانا في غزة إلا واقتحمته، لم تترك مجزرة إلا وقمت بتغطيتها، لم تترك جريمة إلا وكنت شاهدا عليها..يا أنس صوتك والكاميرا التي رافقتك..ستكون مستقبلا الشاهد في محكمة جرائم الحرب على كل دناءة اقترفوها وكل انحطاط مارسوه، وكل بشاعة ارتكبوها.أنس في العشرين من العمر ما زال فتيا، لا أظنه وصل ال (30)... قصفوا منزله وقتلوا والده، وظل مصرا على التغطية...هو الوحيد الذي يجوب غزة، من شمالها لجنوبها هو الوحيد الذي يتجول بين جثث الشهداء، هو الوحيد الذي يرفع الغطاء عن وجه طفل استشهد وترك في الشارع..هو الوحيد الذي وثق كل شيء وجمع كل شيء.من هو الصحفي يا أنس؟ أنا أم أنت؟ أنا الذي أجلس على فنجان قهوتي في الصباح وأكتب مقالا ممتدا من العجز وصولا للدمع..أم أنت الذي يترصد بك الإحتلال ويريد قنصك، وأخاف يا ابن دمي أن يأتي يوما...ويستهدفوك به، من هو الصحفي يا أنس؟ الذي يجلس خلف شاشة الكاميرا بربطة العنق الفاخرة...أم الذي يتجول بين الزقاق ويوثق الإشتباكات...ويتفادى القذائف والطلقات الغادرة؟أنت قدمت التعريف الحقيقي للفلسطيني والصحفي والفدائي، وأنت قمت بتعرية الإحتلال تماما...وأتمنى من الجزيرة بعد انتهاء الحرب أن تقوم بتكريمك، أنا لا أشعر أن من يخترق كل تلك المناطق المحظورة في غزة هو صحفي..بل هو مقاتل من النخبة، أنت تستحق رتبة (مارشال) على صغر سنك، تستحق أعلى الأوسمة العسكرية...تستحق أن نسمي شوارع كبيرة في عالمنا العربي باسمك، وتستحق أن نوثق كل التقارير التي صنعتها...نوثقها في فيلم (خاص)....كي يدرس في جامعات الغرب، فيلم لا يتحدث عن إبداع الصحافة بل يتحدث عن الرجولة في غزة..وكيف أن للمايكريفون ?وهة تشبه فوهة القذيفة وأحيانا تكون أخطر.قبل الحرب لم نكن نعرف عنك شيئا، ولكن الحرب قامت بإنتاجك...وتبين لنا أيها الفلسطيني الوسيم العذب الصوت، أن الكتب التي علمونا اياها عن اللغة وأبجديات الإعلام مجرد هراء..وأن كل الدورات التي تلقيناها عن المصداقية والحياد..هي مجرد ثرثرة لا غير...وأن كل العضويات التي حصلنا عليها..سخيفة، تبين لنا يا أخي وابن دمي...أن تراب غزة أعظم من كل الكتب، وأن البحر فيها أكبر من كل التقنيات والقوانين وشروط البث..تبين لنا أن (الشطة الغزاوية) وحدها أهم من كل كليات الإعلام في العالم العربي...صرت أؤمن أن (الشطة) يجب أن تكون مساقا?تدريسيا في كليات الإعلام...أنس الشريف...هو هيكل العرب الجديد، هيكل لم يقم بتغطية المعارك..كان مفكرا عربيا عظيما صنع مشهدا سياسيا في فترة ما من حياته وقام بتأليف أهم الكتب، بالمقابل أنس الشريف هو الاخر صنع نهجا في الصحافة وهو نهج الإقتحام...وأسس مدرسة أخرى في الإعلام العالمي وهي فضح الجريمة...والأهم من كل ذلك أنه الفتى الذي يحمل روحه على كفه ويؤمن أن المايك لايختلف عن (قذيفة الياسين) أبدا.غزة لا تنتج مقاومة فقط، هي تنتج الشخصية العربية الجديدة...هي تقدم للعالم معنى العروبة الحقيقي..وتقدم معنى الفداء والصبر والصمود، والأهم أنها وطن الإيمان والقضية.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/28 الساعة 07:34