الموازنة في مجلس النواب

عصام قضماني
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/28 الساعة 07:32

يفترض ان يكتفي السادة النواب بنتائج اللجنة المالية فيه وتوصياتها وان يعفونا من الماراثون السنوي للخطابات.

لا نقول انه ليس حقهم بل واجبهم مناقشة الموازنة في جلسات عامة تحت القبة لكن سيكون الجهد اكثر جدوى ان ابدوا ملاحظاتهم وتوصياتهم ومداخلاتهم في جلسات النقاش التي تعقدها اللجنة المالية.
الحكومة قدمت الموازنة باعتبارها خطتها المالية والاقتصادية لسنة كاملة هي ٢٠٢٤ والنواب سيتعاملون معها على هذا الاساس، فليس لدى الحكومة خطة لما هو أبعد من ذلك. حتى الخطة التنفيذية لرؤية التحديث الاقتصادي ستمر عبر الموازنة فلا نفقات حولها خارجها وهذا جيد اذ يستطيع النواب ممارسة الرقابة على جودة تنفيذها اذا كانوا على قناعة بها. في مجلس النواب تجري المناقشة الحقيقية للموازنة في اللجنة المالية، حيث يحضر الوزير ومساعدوه للاجابة على الاستفسارات والرد على المطالبات، أما الجلسات العامة للموازنة في المجلس التي تستغرق ?يامًا طويلة فهي مكرسة لالقاء خطابات بعضها معد سلفًا حتى قبل الاطلاع على الموازنة. سيخوض النواب جلسات حوار بعضها لن يكون له علاقة بالموازنة، وبعضها سيكون رفضا عدميا، وبالنتيجة ستمر الموازنة بدون تغيير جوهري.
والحالة هذه فان ما ينبغي فعله هو تفعيل دور الكتل النيابية لتنتظم النقاشات وتصبح ذات دلالات سياسية تمثل اتجاهات ذات معنى وذات مناخ سياسي حقيقي بدلا من الاجتهادات الفردية والخطب البعيدة عن المنهجية.
يجدر ملاحظة أن التوجه بتوزيع نفقات الخطة التنفيذية للرؤية الاقتصادية على سنوات ضمن الموازنة هو توجه دستوري جاء خلافا لخطط سابقة وضعت نفقات الخطط خارج إطار الموازنة وكان بعضها خارج نطاق الرقابة فوسمت حكومات كثيرة متعاقبة بالفساد احيانا وبالاخفاق أحيانا اخرى.
الخطة الواقعية الوحيدة بحوزة الحكومة هي برنامج التصحيح الاقتصادي تحت إشراف صندوق النقد الدولي وهي معكوسة في الموازنة، ومرتكزاتها،، تحفيز النمو ومواصلة الإصلاحات الهيكلية.
الموازنة هي خطة عمل الحكومة وليست ارقاما مجردة بل وثيقة مالية واقتصادية واجتماعية وسياسية وما عداها تظل افكارا واجتهادات.
اقصى ما يمكن أن يطلبه النواب هو تخفيض النفقات الجارية، وهي التي قدمتها وزارة المالية بالحد الادنى بمعنى أنها صافية بل على العكس فهي زادت لهذه السنة... ما يستطيع مجلس النواب أن يفعله هو الدخول جراحيا الى النفقات بأن يقترح على الحكومة شطب مؤسسات يمكن الاستغناء عنها بما لا يؤثر على العاملين فيها والدخول الى أولويات الانفاق الرأسمالي ففيه قدر من الاجتهاد والنواب يعرفون أن الموازنة ليست مرنة حتى وزارة المالية لا تستطيع التصرف في بعض بنودها، لانها التزامات لكن بالامكان اجراء مناقلات بين بنود النفقات.
الحكومة قدمت موازنة تقول إنها مختلفة فهي منضبطة وتحفيزية، ومنسجمة مع الاصلاح الاقتصادي لكنها لم تقل انها جاءت في ظل حرب ممتدة في الجوار بدأت تلقي بظلالها على الاقتصاد.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/28 الساعة 07:32