النائب ابوصعيليك يكتب: موازنة 2024 في الميزان
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/25 الساعة 23:48
مدار الساعة -تحليل بقلم النائب خير أبو صعيليكأولا: المقتضى الدستوريالتزمت الحكومة بتقديم مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024 متضمنا موازنة الوحدات الحكومية الى مجلس الامة ضمن التوقيت المحدد في المادة 112-1 من الدستور وهي (قبل ابتداء السنة المالية بشهر واحد على الأقل)، وذلك بموجب كتاب دولة رئيس الوزراء بتاريخ 26/11/2023 والموجه الى رئيس مجلس النواب متضمنا مشروع القانون.وللسنة الثانية على التوالي تظهر الموازنة بكتيب واحد وفي قانون واحد، حيث سيتم التصويت عليه مرة واحدة بخلاف السنوات التي سبقت موازنة 2023 حيث كان هناك مشروعان يتم التصويت عليهما بشكل منفصل، و يأتي هذا الاجراء انسجاما مع التعديلات الدستورية التي تمت في عام 2022.وقد أحال مجلس النواب مشروع القانون الى لجنته المالية طبقا للنظام الداخلي للمجلس.ثانيا: المشهد الجيوسياسي
تأتي موازنة عام 2024 في ظرف جيوسياسي مضطرب أدى الى حالة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي و الاقليم برمته، فقد توالت الازمات منذ تفشي جائحة كورونا وما تبعها من إجراءات ثم تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية والتي اثرت سلبا على أسعار الطاقة و سلاسل التزويد يضاف الى ذلك قانون قيصر الذي يحد من التبادل التجاري مع سوريا وأخيرا العدوان الغاشم و المستمر على غزة و الضفة الغربية وما نجم عنه من تراجع الاستهلاك و تدهور دخل عدد من القطاعات ابرزها قطاع السياحة و اضطراب حركة الملاحة البحرية.ومما فاقم هذه التحديات رفع أسعار الفائدة عالميا كجزء من مواجهة التضخم العالمي والذي سجل نسبة 6.9% في عام 2023 حيث يتوقع المحافظة على أسعار الفائدة المرتفعة خلال العام القادم 2024.اما محليا فقد توصلت الحكومة مع صندوق النقد الدولي الى برنامج جديد يتضمن ضوابط معقولة مدته 4 سنوات و بقيمة 1.2 مليار دولار في اطار تسهيل الصندوق الممدد (EFF).وقد برزت الحاجة الى ضرورة تعزيز امن التزود بالمياه من خلال مشروعات استراتيجية و وطنية بالإضافة الى تعزيز قدرات القوات المسلحة للقيام بواجبها في حماية حدود المملكة من كافة الاخطار وفي مقدمتها التصدي لمهربي المخدرات و السلاح. ثالثا: النفقات العامة
بلغ الانفاق المجمع (الموازنة العامة و موازنة الوحدات الحكومية) لعام 2024 ما مجموعة 14033 مليون دينار وهو حجم الانفاق الأعلى على الاطلاق في تاريخ المملكة، مرتفعا بنسبة 9.6 % عن العام الذي سبقه و مرتفعا بنسبة 47% عن عام 2015 (أي قبل عشر سنوات)، في حين بلغ معدل الارتفاع في الانفاق العام للسنوات العشر الأخيرة ما نسبته 5.4%، والحقيقة ان ارتفاع الانفاق العام بهذه النسب يحتاج الى توضيح سيما ان نسب النمو الاقتصادي ما زالت تراوح مكانها مما يعزز ضرورة ضبط و ترشيد الانفاق العام.
الجدول التالي يبين معدل نمو الانفاق للسنوات العشر الأخيرة، مع ملاحظة ان تأثير عملية دمج الوحدات و الهيئات المستقلة المتعددة خلال السنوات العشر الأخيرة لم تسهم بشكل ملحوظ في خفض نفقات الوحدات الحكومية.
و رغم ان الانفاق الرأسمالي في موازنة 2024 هو الأعلى في تاريخ المملكة حيث بلغ 1729 مليون دينار، الا ان الملاحظة الأبرز على هذا البند هي تدني قيمة المقدر للمشاريع الجديدة لتبلغ 73 مليون دينار فقط وهي القيمة الأقل من 10 سنوات [1]، ويبدو ان هناك دفع من الحكومة تجاه تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المستمرة وتلك التي هي قيد التنفيذ عبر رصد مزيد من المبالغ لها ،او اعتبار هذا البند بمثابة مخصص آمن او تحوط مالي يمكن ان تتكأ عليه الحكومة حال الحاجة الى نفقات إضافية او طارئة نتيجة السيناريوهات الإقليمية المحتملة بحيث تتجاوز المبلغ المرصود في بند النفقات الطارئة، و يشوب بند الانفاق الرأسمالي عدد من التشوهات تتمثل بما يلي:- لم تلتزم الحكومات المتعاقبة بإنفاق ما هو مقدر من بند النفقات الرأسمالية حيث لم تتجاوز نسبة الانفاق الفعلي خلال الأعوام 2016-2020 ما نسبته 75% من المبلغ المقدر.- ان مدة الصرف الفعلي تبدأ بعد إقرار مشروع قانون الموازنة ( غالبا في نهاية شهر شباط ) و تستمر الى نهاية شهر أيلول ، و بالتالي تكون الوزارات و المؤسسات مقيدة بهذه المدة.- قامت وزارة المالية خلال العام 2023 بإنفاق حوالي 350 مليون دينار كدعم لفرق أسعار المشتقات النفطية حيث تم صرف هذا المبلغ من بند النفقات الرأسمالية.- يتم انفاق جزء من هذا المبلغ على المصاريف الجارية في المشاريع قيد التنفيذ و المشاريع المستمرة.- عدم تناسب القيمة المضافة للمشاريع مع المبالغ المصروفة وخاصة مشروعات اللامركزية و البلديات.رابعا : الإيرادات
سترتفع الإيرادات العامة في موازنة العام 2024 بمقدار 844 مليون عن مستواها في عام 2023 و بنسبة تصل الى 8.9 %، و سترتفع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية لتصل الى 90%.اما معدل نمو الإيرادات خلال السنوات العشر الأخيرة فقد بلغ ما نسبته 4.95 %.وقد شكلت الإصلاحات الضريبية المتمثلة بمحاربة التهرب الضريبي و كذلك التعديلات التشريعية للحد من التجنب الضريبي عنصرا هاما في زيادة الإيرادات الضريبية بالإضافة الى تطبيق نظام الفوترة حيث سترتفع في عام 2024 بمقدار 673 مليون دينار مقارنة مع عام 2023، رغم انخفاض الإيرادات الضريبة ( إعادة التقدير) لعام 2023 عن المقدر بمقدار 57 مليون دينار.و اعتقد ان فرضية تحصيل الإيرادات ضريبية خلال العام 2024 بارتفاع نسبته 10.2 % عن مستواها في إعادة التقدير للعام 2023، فيها قدر من التفاؤل الذي يحتاج الى جهد كبير لتحقيقه سيما ان احد اهم فرضيات الموازنة تستند الى استمرار الوضع الإقليمي الراهن دون حدوث تطورات كبيرة في الاطار الجيوسياسي. خامسا: خدمة الدين العام و العجز
تفاقمت فاتورة فوائد الدين العام بشكل ملحوظ عن المقدر لعام 2023 و بفارق مقداره 126 مليون، ويعود السبب في ذلك الى الرفع المتكرر لمعدلات الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، حيث اضطرت الحكومة لإجراء مناقلة في موازنة عام 2023 ليرتفع مبلغ خدمة الدين العام ( إعادة تقدير) ليصبح 1703 مليون دينار. ومن المتوقع ان تبقى أسعار الفائدة مرتفعة خلال العام 2024 او النصف الأول على الأقل مما أدى الى زيادة مخصصات خدمة الدين للعام 2024 بمبلغ 278 مليون ليصل اجمالي المبلغ الى 1980 مليون دينار و بنسبة ارتفاع مذهلة عن العام السابق مقدارها 16% لتشكل نسبة 5.16% من الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، هذا وقد نمت فوائد الدين العام خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 9.14 % مما يشكل استنزاف للإيرادات العامة.
وكما يلاحظ فان عجز الموازنة العامة بدأ يرتفع فوق فوائد الدين العام منذ عام 2020 وذلك اثر الارتفاع الكبير في العجز والذي ظل باق لغاية اليوم بكل اسف، بمعنى ان معدل العجز من عام 2015 ولغاية عام 2019 كان ما مقداره 868 مليون دينار اما معدل عجز الموازنة منذ العام 2020 ولغاية العام 2024 فقد بلغ 1882 مليون دينار، أي انه تضاعف بأكثر من 216 %.و يشكل عجز الموازنة لعام 2024 ما نسبته 16.7% من الموازنة العامة في حين بلغ العجز المجمع ( الموازنة و الوحدات الحكومية ) ما مجموعه 2877 مليون دينار ما يشكل نسبته 20.5 % من مجموع النفقات العامة شاملا" الوحدات الحكومية، وهو رقم كبير بالنسبة و بالرقم المطلق.اما عجز الوحدات الحكومية فقد بلغ 809 مليون دينار، و تجدر الإشارة الى ان موازنة الوحدات الحكومية تحقق فائضا مقداره 41 مليون فيما لو تم استثناء شركة الكهرباء الوطنية و سلطة المياه حيث يبلغ العجز في هاتين المؤسستين لوحدهما ما مجموعه 850 مليون دينار.
وقد أشار وزير المالية في خطابه امام مجلس النواب ان نقطة الانعطاف في العجز الاولي و تحقيق اول فائض سيكون في عام 2028 وان الدين العام سيصل الى 79% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2028 [3]، ويعرف العجز الاولي ( Primary Deficit) مجموع النفقات العامة باستثناء مدفوعات الفائدة مطروح منها الإيرادات المحلية .وقد بلغ العجز الاولي لعام 2024 ما مجموعه 812 مليون دينار ، و تستند فرضية وزير المالية الى تحقيق معدلات نمو للإيرادات المحلية ( الضريبية و غير الضريبية ) وهو ما يستحق التوضيح في ظل حالة عدم اليقين المصاحبة للحالة الجيوسياسية في الإقليم.الاستنتاجات والتوصيات1- ان نجاح الأردن في التوصل الى برنامج جديد مع الصندوق يمثل استقرار نسبي للمالية العامة واستدامة الدين العام ونوصي باستمرار المتابعة الحثيثة لزيارات المراجعة التي يقوم بها الصندوق.2- ضرورة الاستمرار بضبط الانفاق واستمرار جهود مكافحة الفساد المالي و الإداري حيث ما زال هناك متسع لضبط الانفاق في الوزارات و الوحدات الحكومية3- ان الإصلاحات التي تمت في محاربة التهرب الضريبي و توسيع قاعدة المكلفين تستحق الإشادة وقد جاءت كثمرة للعمل الجاد المستند الى الاطار التشريعي، و نوصي بتطبيق نظام الفوترة و تعزيز مبدأ الالتزام الطوعي.4- ضرورة التأكيد على جاهزية الوزارات والوحدات الحكومية لتنفيذ المشاريع الرأسمالية و الاستفادة المثلى من مخصصات النفقات الرأسمالية المرصودة في قانون الموازنة، باعتبار ان الانفاق الرأسمالي السليم و الذكي و المنسجم مع البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي هو احد أسباب زيادة النمو الاقتصادي وتحسين بيئة الاستثمار.5- ان الية اخيار المشاريع الممولة من الانفاق الرأسمالي يجب ان تتضمن معيار تحقيق القيمة المضافة وذلك بهدف إيجاد النمو الاقتصادي المطلوب.6- أهمية الدراسة المتأنية لفوائد القروض و تقليل حدة ارتفاعها من خلال تنويع الأدوات و توفير مصادر تمويل بديلة ، خاصة في ظل الارتفاع الحاد لفوائد الدين العام لعام 2024 وذلك بمقدار 552 مليون دينار مقارنة مع الانفاق الفعلي لعام 2022.7- ان مراجعة ملفي شركة الكهرباء الوطنية و سلطة المياه اصبح ضرورة وطنية نظرا لما تتحمله الخزينة من أعباء ضخمة نتيجة العجز في هاتين المؤسستين.8- مراجعة ملف المتأخرات المالية و دفع المستحقات مما يمكن القطاع الخاص من الاستمرار و تأدية الخدمات بالشكل اللائق[1] المصدر: بيانات المنشورة على موقع دائرة الموازنة العامة https://gbd.gov.jo[2] تقرأ مع الاخذ بعين الاعتبار عمليات دمج الوحدات والهيئات المستقلة التي تمت في السنوات العشر الأخيرة[3] خطاب مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2024 ، كانون الأول 2023 صفحة 18
تأتي موازنة عام 2024 في ظرف جيوسياسي مضطرب أدى الى حالة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي و الاقليم برمته، فقد توالت الازمات منذ تفشي جائحة كورونا وما تبعها من إجراءات ثم تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية والتي اثرت سلبا على أسعار الطاقة و سلاسل التزويد يضاف الى ذلك قانون قيصر الذي يحد من التبادل التجاري مع سوريا وأخيرا العدوان الغاشم و المستمر على غزة و الضفة الغربية وما نجم عنه من تراجع الاستهلاك و تدهور دخل عدد من القطاعات ابرزها قطاع السياحة و اضطراب حركة الملاحة البحرية.ومما فاقم هذه التحديات رفع أسعار الفائدة عالميا كجزء من مواجهة التضخم العالمي والذي سجل نسبة 6.9% في عام 2023 حيث يتوقع المحافظة على أسعار الفائدة المرتفعة خلال العام القادم 2024.اما محليا فقد توصلت الحكومة مع صندوق النقد الدولي الى برنامج جديد يتضمن ضوابط معقولة مدته 4 سنوات و بقيمة 1.2 مليار دولار في اطار تسهيل الصندوق الممدد (EFF).وقد برزت الحاجة الى ضرورة تعزيز امن التزود بالمياه من خلال مشروعات استراتيجية و وطنية بالإضافة الى تعزيز قدرات القوات المسلحة للقيام بواجبها في حماية حدود المملكة من كافة الاخطار وفي مقدمتها التصدي لمهربي المخدرات و السلاح. ثالثا: النفقات العامة
بلغ الانفاق المجمع (الموازنة العامة و موازنة الوحدات الحكومية) لعام 2024 ما مجموعة 14033 مليون دينار وهو حجم الانفاق الأعلى على الاطلاق في تاريخ المملكة، مرتفعا بنسبة 9.6 % عن العام الذي سبقه و مرتفعا بنسبة 47% عن عام 2015 (أي قبل عشر سنوات)، في حين بلغ معدل الارتفاع في الانفاق العام للسنوات العشر الأخيرة ما نسبته 5.4%، والحقيقة ان ارتفاع الانفاق العام بهذه النسب يحتاج الى توضيح سيما ان نسب النمو الاقتصادي ما زالت تراوح مكانها مما يعزز ضرورة ضبط و ترشيد الانفاق العام.
الجدول التالي يبين معدل نمو الانفاق للسنوات العشر الأخيرة، مع ملاحظة ان تأثير عملية دمج الوحدات و الهيئات المستقلة المتعددة خلال السنوات العشر الأخيرة لم تسهم بشكل ملحوظ في خفض نفقات الوحدات الحكومية.
و رغم ان الانفاق الرأسمالي في موازنة 2024 هو الأعلى في تاريخ المملكة حيث بلغ 1729 مليون دينار، الا ان الملاحظة الأبرز على هذا البند هي تدني قيمة المقدر للمشاريع الجديدة لتبلغ 73 مليون دينار فقط وهي القيمة الأقل من 10 سنوات [1]، ويبدو ان هناك دفع من الحكومة تجاه تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المستمرة وتلك التي هي قيد التنفيذ عبر رصد مزيد من المبالغ لها ،او اعتبار هذا البند بمثابة مخصص آمن او تحوط مالي يمكن ان تتكأ عليه الحكومة حال الحاجة الى نفقات إضافية او طارئة نتيجة السيناريوهات الإقليمية المحتملة بحيث تتجاوز المبلغ المرصود في بند النفقات الطارئة، و يشوب بند الانفاق الرأسمالي عدد من التشوهات تتمثل بما يلي:- لم تلتزم الحكومات المتعاقبة بإنفاق ما هو مقدر من بند النفقات الرأسمالية حيث لم تتجاوز نسبة الانفاق الفعلي خلال الأعوام 2016-2020 ما نسبته 75% من المبلغ المقدر.- ان مدة الصرف الفعلي تبدأ بعد إقرار مشروع قانون الموازنة ( غالبا في نهاية شهر شباط ) و تستمر الى نهاية شهر أيلول ، و بالتالي تكون الوزارات و المؤسسات مقيدة بهذه المدة.- قامت وزارة المالية خلال العام 2023 بإنفاق حوالي 350 مليون دينار كدعم لفرق أسعار المشتقات النفطية حيث تم صرف هذا المبلغ من بند النفقات الرأسمالية.- يتم انفاق جزء من هذا المبلغ على المصاريف الجارية في المشاريع قيد التنفيذ و المشاريع المستمرة.- عدم تناسب القيمة المضافة للمشاريع مع المبالغ المصروفة وخاصة مشروعات اللامركزية و البلديات.رابعا : الإيرادات
سترتفع الإيرادات العامة في موازنة العام 2024 بمقدار 844 مليون عن مستواها في عام 2023 و بنسبة تصل الى 8.9 %، و سترتفع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية لتصل الى 90%.اما معدل نمو الإيرادات خلال السنوات العشر الأخيرة فقد بلغ ما نسبته 4.95 %.وقد شكلت الإصلاحات الضريبية المتمثلة بمحاربة التهرب الضريبي و كذلك التعديلات التشريعية للحد من التجنب الضريبي عنصرا هاما في زيادة الإيرادات الضريبية بالإضافة الى تطبيق نظام الفوترة حيث سترتفع في عام 2024 بمقدار 673 مليون دينار مقارنة مع عام 2023، رغم انخفاض الإيرادات الضريبة ( إعادة التقدير) لعام 2023 عن المقدر بمقدار 57 مليون دينار.و اعتقد ان فرضية تحصيل الإيرادات ضريبية خلال العام 2024 بارتفاع نسبته 10.2 % عن مستواها في إعادة التقدير للعام 2023، فيها قدر من التفاؤل الذي يحتاج الى جهد كبير لتحقيقه سيما ان احد اهم فرضيات الموازنة تستند الى استمرار الوضع الإقليمي الراهن دون حدوث تطورات كبيرة في الاطار الجيوسياسي. خامسا: خدمة الدين العام و العجز
تفاقمت فاتورة فوائد الدين العام بشكل ملحوظ عن المقدر لعام 2023 و بفارق مقداره 126 مليون، ويعود السبب في ذلك الى الرفع المتكرر لمعدلات الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، حيث اضطرت الحكومة لإجراء مناقلة في موازنة عام 2023 ليرتفع مبلغ خدمة الدين العام ( إعادة تقدير) ليصبح 1703 مليون دينار. ومن المتوقع ان تبقى أسعار الفائدة مرتفعة خلال العام 2024 او النصف الأول على الأقل مما أدى الى زيادة مخصصات خدمة الدين للعام 2024 بمبلغ 278 مليون ليصل اجمالي المبلغ الى 1980 مليون دينار و بنسبة ارتفاع مذهلة عن العام السابق مقدارها 16% لتشكل نسبة 5.16% من الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، هذا وقد نمت فوائد الدين العام خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 9.14 % مما يشكل استنزاف للإيرادات العامة.
وكما يلاحظ فان عجز الموازنة العامة بدأ يرتفع فوق فوائد الدين العام منذ عام 2020 وذلك اثر الارتفاع الكبير في العجز والذي ظل باق لغاية اليوم بكل اسف، بمعنى ان معدل العجز من عام 2015 ولغاية عام 2019 كان ما مقداره 868 مليون دينار اما معدل عجز الموازنة منذ العام 2020 ولغاية العام 2024 فقد بلغ 1882 مليون دينار، أي انه تضاعف بأكثر من 216 %.و يشكل عجز الموازنة لعام 2024 ما نسبته 16.7% من الموازنة العامة في حين بلغ العجز المجمع ( الموازنة و الوحدات الحكومية ) ما مجموعه 2877 مليون دينار ما يشكل نسبته 20.5 % من مجموع النفقات العامة شاملا" الوحدات الحكومية، وهو رقم كبير بالنسبة و بالرقم المطلق.اما عجز الوحدات الحكومية فقد بلغ 809 مليون دينار، و تجدر الإشارة الى ان موازنة الوحدات الحكومية تحقق فائضا مقداره 41 مليون فيما لو تم استثناء شركة الكهرباء الوطنية و سلطة المياه حيث يبلغ العجز في هاتين المؤسستين لوحدهما ما مجموعه 850 مليون دينار.
وقد أشار وزير المالية في خطابه امام مجلس النواب ان نقطة الانعطاف في العجز الاولي و تحقيق اول فائض سيكون في عام 2028 وان الدين العام سيصل الى 79% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2028 [3]، ويعرف العجز الاولي ( Primary Deficit) مجموع النفقات العامة باستثناء مدفوعات الفائدة مطروح منها الإيرادات المحلية .وقد بلغ العجز الاولي لعام 2024 ما مجموعه 812 مليون دينار ، و تستند فرضية وزير المالية الى تحقيق معدلات نمو للإيرادات المحلية ( الضريبية و غير الضريبية ) وهو ما يستحق التوضيح في ظل حالة عدم اليقين المصاحبة للحالة الجيوسياسية في الإقليم.الاستنتاجات والتوصيات1- ان نجاح الأردن في التوصل الى برنامج جديد مع الصندوق يمثل استقرار نسبي للمالية العامة واستدامة الدين العام ونوصي باستمرار المتابعة الحثيثة لزيارات المراجعة التي يقوم بها الصندوق.2- ضرورة الاستمرار بضبط الانفاق واستمرار جهود مكافحة الفساد المالي و الإداري حيث ما زال هناك متسع لضبط الانفاق في الوزارات و الوحدات الحكومية3- ان الإصلاحات التي تمت في محاربة التهرب الضريبي و توسيع قاعدة المكلفين تستحق الإشادة وقد جاءت كثمرة للعمل الجاد المستند الى الاطار التشريعي، و نوصي بتطبيق نظام الفوترة و تعزيز مبدأ الالتزام الطوعي.4- ضرورة التأكيد على جاهزية الوزارات والوحدات الحكومية لتنفيذ المشاريع الرأسمالية و الاستفادة المثلى من مخصصات النفقات الرأسمالية المرصودة في قانون الموازنة، باعتبار ان الانفاق الرأسمالي السليم و الذكي و المنسجم مع البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي هو احد أسباب زيادة النمو الاقتصادي وتحسين بيئة الاستثمار.5- ان الية اخيار المشاريع الممولة من الانفاق الرأسمالي يجب ان تتضمن معيار تحقيق القيمة المضافة وذلك بهدف إيجاد النمو الاقتصادي المطلوب.6- أهمية الدراسة المتأنية لفوائد القروض و تقليل حدة ارتفاعها من خلال تنويع الأدوات و توفير مصادر تمويل بديلة ، خاصة في ظل الارتفاع الحاد لفوائد الدين العام لعام 2024 وذلك بمقدار 552 مليون دينار مقارنة مع الانفاق الفعلي لعام 2022.7- ان مراجعة ملفي شركة الكهرباء الوطنية و سلطة المياه اصبح ضرورة وطنية نظرا لما تتحمله الخزينة من أعباء ضخمة نتيجة العجز في هاتين المؤسستين.8- مراجعة ملف المتأخرات المالية و دفع المستحقات مما يمكن القطاع الخاص من الاستمرار و تأدية الخدمات بالشكل اللائق[1] المصدر: بيانات المنشورة على موقع دائرة الموازنة العامة https://gbd.gov.jo[2] تقرأ مع الاخذ بعين الاعتبار عمليات دمج الوحدات والهيئات المستقلة التي تمت في السنوات العشر الأخيرة[3] خطاب مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2024 ، كانون الأول 2023 صفحة 18
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/25 الساعة 23:48