لدينا أزمة عميقة ومتراكمة في النقاش العام وفي الخطاب العام
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/17 الساعة 00:28
يجب أن نعترف، لدينا أزمة عميقة ومتراكمة في النقاش العام، وفي الخطاب العام، (وفي قيم وأشياء أخرى ليس هذا وقت الحديث عنها) نخشى أن تتوسع، ونلحّ كثيرا على فهم أسبابها وسياقاتها، ومن يقف وراءها، ثم تطويق ما أفرزته من وقائع وإصابات على صعيد جبهتنا الداخلية، ومصالحنا الوطنية العليا.
لا يراودني أي شك بأن مواقف معظم الأردنيين مشروعة، كما انها مفهومة في سياق ما يحدث من عدوان على غزة واهلها، وبأن وطنيتهم تسمو على كل ما قد يقال عنها من توصيفات او محاولات تشكيك، لكن الغائب في النقاش الدائر هو المصارحة بين الدولة والأردنيين، حول من يجب أن يقود الآخر : الدولة ام الشارع ؟ وحول من يجب ان يكون حاضرا : العقل ام الانفعالات والعواطف، لحظة النشوة والصدمة بحساباتها الآنية، ام لحظة فهم الواقع وتدبير أدوات التعامل معه لتأمين المستقبل ؟ هذا واجب ادارات الدولة والنخب الوطنية الحقة التي ما يزال بعضها غائبا، وهذا ما يجب أن يكون في صلب أولوياتنا خلال هذه المرحلة الخطيرة التي يواجهها بلدنا، هذا الذي ليس لنا غيره.في هذا الإطار، لا بد أن ننتبه لارتدادات الحرب على جبهتنا الداخلية وأمننا الوطني، كما ظهر ذلك واضحا في تصعيد الخطاب، وحراكات الشارع وهتافاته، ودعوات بعض النخب السياسية التي تصدرت الصفوف، ثم فيما تسلل لمجتمعنا من تقمصات لحالة الحرب وأطرافها، حدث هذا التقمص في المدارس والجامعات، وفي الإضراب الذي فاجأنا، وقد ثبت انه كان رسالة جس نبض وتحذير لقادم اخطر.الأردنيون بوعيهم يدركون أن ثمة خطة خبيثة تسعى إلى إيقاعهم في «فخ» الخصومة مع الدولة (دولتهم) وإداراتها، او فرض ارداة مجهولة المصدر عليهما، ويدركون، أيضا، ان تمرير استحقاقات المرحلة القادمة من بوابة العبث بالديموغرافيا، وتصنيف الأردنيين على مساطر أصبحت معروفة، هو جزء من هذه الخطة، ولن يتوقف عندها أيضا.لدى الأردنيين «قضية وطنية» ما زالت في طور الإنضاج، وفي مواجهتهم محاولات لحرف هذه القضية وتوظيفها في سياقات تضرّ بهم وبمؤسساتهم، بل وربما تتجاوز ذلك إلى تهديد وجودهم، صحيح، لا بأس أن تكون الصرخات والمطالبات والضغوطات التي نسمعها من البعض إنذارات لكل الذين يتربعون على كراسي المسؤولية بكافة إدارات الدولة ومؤسساتها، هذا انكشاف جديد لواقع وتراكمات تجاهلناها على مدى العقود الماضية، ويجب أن يحظى (هذا الانكشاف) بالاعتراف والفهم والمراجعة، لكن الأهم هو أن نفتح عيوننا ، أولا، على الأسباب والسياقات التى خرج منها كل ذلك، وثانيا، على التعامل معه بكل مسؤولية، ثم أن نمنع أي عملية اختراق أو دخول او توظيف له خارج إطار القضية الأردنية.لدي، هنا، عدة مخاوف وهواجس مما يجري، الأول : إعادة فتح الشارع، بهذه الطريقة، لاسترضائه ثم الانصياع لسقوفه والتسابق معه في مارثون تأكيد القيام بالواجب الوطني، هذا الذي نُتهم دائما أننا لا نقوم به، دون أن نعرف مآلات هذه التعبئة وكلفتها مستقبلا، الثاني : غياب العقلاء، سواء في دفة المسؤولية، أو المجتمع، عن النقاشات التي تجري، وامتناعهم عن المشاركة فيها.الثالث : توظيف « لافتة» الحرب ونشوة الانتصار وصدمة العدوان لاستدعاء المظلوميات التي يشعر بها بعض الأردنيين، هذا الاستدعاء لمن يعرف الشخصية الأردنية مسألة خطيرة، ويجب أن نتعامل معها بحكمة وبمنطق الدولة، لا بأي منطق آخر، الرابع : اختزال الأزمة الكبرى في توقيت عابر او لحظة صادمة فقط، وفي دائرة جغرافيا و ديموغرافيا واحدة، دون فهم أسباب ذلك، والاعتراف بأنها كانت موجودة وستستمر إذا لم ننتبه لها، ودون حل ألغاز التحولات التي طرأت على المجتمع وإدارات الدولة، وأفرزت مخاوف العبث بالهوية، أو بالمكتسبات التاريخية لدى الاردنيين.قلت : نحتاج إلى إدارة النقاش العام حول هذه الأزمة، ثم تصحيح الخطاب العام، من منطلق مصارحة الأردنيين ومصالحتهم، وتطمينهم والإجابة عن اسئلتهم، وتبديد هواجسهم على مستقبل بلدهم، وأضيف، هنا، فقط : إن هذه المهمة تحتاج إلى رجالات دولة قادرين على إيصال الرسالة بخطاب وطني صادق، وبروح أردنية عالية الهمة والموثوقية. أين هم؟ لا أدري
لا يراودني أي شك بأن مواقف معظم الأردنيين مشروعة، كما انها مفهومة في سياق ما يحدث من عدوان على غزة واهلها، وبأن وطنيتهم تسمو على كل ما قد يقال عنها من توصيفات او محاولات تشكيك، لكن الغائب في النقاش الدائر هو المصارحة بين الدولة والأردنيين، حول من يجب أن يقود الآخر : الدولة ام الشارع ؟ وحول من يجب ان يكون حاضرا : العقل ام الانفعالات والعواطف، لحظة النشوة والصدمة بحساباتها الآنية، ام لحظة فهم الواقع وتدبير أدوات التعامل معه لتأمين المستقبل ؟ هذا واجب ادارات الدولة والنخب الوطنية الحقة التي ما يزال بعضها غائبا، وهذا ما يجب أن يكون في صلب أولوياتنا خلال هذه المرحلة الخطيرة التي يواجهها بلدنا، هذا الذي ليس لنا غيره.في هذا الإطار، لا بد أن ننتبه لارتدادات الحرب على جبهتنا الداخلية وأمننا الوطني، كما ظهر ذلك واضحا في تصعيد الخطاب، وحراكات الشارع وهتافاته، ودعوات بعض النخب السياسية التي تصدرت الصفوف، ثم فيما تسلل لمجتمعنا من تقمصات لحالة الحرب وأطرافها، حدث هذا التقمص في المدارس والجامعات، وفي الإضراب الذي فاجأنا، وقد ثبت انه كان رسالة جس نبض وتحذير لقادم اخطر.الأردنيون بوعيهم يدركون أن ثمة خطة خبيثة تسعى إلى إيقاعهم في «فخ» الخصومة مع الدولة (دولتهم) وإداراتها، او فرض ارداة مجهولة المصدر عليهما، ويدركون، أيضا، ان تمرير استحقاقات المرحلة القادمة من بوابة العبث بالديموغرافيا، وتصنيف الأردنيين على مساطر أصبحت معروفة، هو جزء من هذه الخطة، ولن يتوقف عندها أيضا.لدى الأردنيين «قضية وطنية» ما زالت في طور الإنضاج، وفي مواجهتهم محاولات لحرف هذه القضية وتوظيفها في سياقات تضرّ بهم وبمؤسساتهم، بل وربما تتجاوز ذلك إلى تهديد وجودهم، صحيح، لا بأس أن تكون الصرخات والمطالبات والضغوطات التي نسمعها من البعض إنذارات لكل الذين يتربعون على كراسي المسؤولية بكافة إدارات الدولة ومؤسساتها، هذا انكشاف جديد لواقع وتراكمات تجاهلناها على مدى العقود الماضية، ويجب أن يحظى (هذا الانكشاف) بالاعتراف والفهم والمراجعة، لكن الأهم هو أن نفتح عيوننا ، أولا، على الأسباب والسياقات التى خرج منها كل ذلك، وثانيا، على التعامل معه بكل مسؤولية، ثم أن نمنع أي عملية اختراق أو دخول او توظيف له خارج إطار القضية الأردنية.لدي، هنا، عدة مخاوف وهواجس مما يجري، الأول : إعادة فتح الشارع، بهذه الطريقة، لاسترضائه ثم الانصياع لسقوفه والتسابق معه في مارثون تأكيد القيام بالواجب الوطني، هذا الذي نُتهم دائما أننا لا نقوم به، دون أن نعرف مآلات هذه التعبئة وكلفتها مستقبلا، الثاني : غياب العقلاء، سواء في دفة المسؤولية، أو المجتمع، عن النقاشات التي تجري، وامتناعهم عن المشاركة فيها.الثالث : توظيف « لافتة» الحرب ونشوة الانتصار وصدمة العدوان لاستدعاء المظلوميات التي يشعر بها بعض الأردنيين، هذا الاستدعاء لمن يعرف الشخصية الأردنية مسألة خطيرة، ويجب أن نتعامل معها بحكمة وبمنطق الدولة، لا بأي منطق آخر، الرابع : اختزال الأزمة الكبرى في توقيت عابر او لحظة صادمة فقط، وفي دائرة جغرافيا و ديموغرافيا واحدة، دون فهم أسباب ذلك، والاعتراف بأنها كانت موجودة وستستمر إذا لم ننتبه لها، ودون حل ألغاز التحولات التي طرأت على المجتمع وإدارات الدولة، وأفرزت مخاوف العبث بالهوية، أو بالمكتسبات التاريخية لدى الاردنيين.قلت : نحتاج إلى إدارة النقاش العام حول هذه الأزمة، ثم تصحيح الخطاب العام، من منطلق مصارحة الأردنيين ومصالحتهم، وتطمينهم والإجابة عن اسئلتهم، وتبديد هواجسهم على مستقبل بلدهم، وأضيف، هنا، فقط : إن هذه المهمة تحتاج إلى رجالات دولة قادرين على إيصال الرسالة بخطاب وطني صادق، وبروح أردنية عالية الهمة والموثوقية. أين هم؟ لا أدري
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/17 الساعة 00:28