حكومة الكيان الصهيوني تمثل خطرا على المصالح الأمريكية
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/15 الساعة 22:10
كل ما طال أمد الحرب على غزة تكتشف إدارة الرئيس الأمريكي بإيدن أنها غرقت في وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأنها أصبحت جزء من الصراع لا بل في معادلة الصراع ، وأن إطالة أمد الحرب على غزه لم يعد في صالح الولايات المتحدة وتخشى أمريكا من تدحرج الصراع ليشمل المنطقة بأكملها نتيجة تهور نتنياهو الذي لم يعد يهمه من الحرب سوى حماية نفسه، وهناك خشيه أمريكية حقيقية أن تجر لحرب مع إيران ومحورها نتيجتها محفوفة العواقب والمخاطر على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط .في تصريح لافت " بإيدن في انتقاد لاذع لدولة الاحتلال " إسرائيل بدأت تفقد الدعم بسبب القصف العشوائي لغزة وعلى نتنياهو تغيير حكومته المتشددة وحكومته “لا تريد” حل الدولتين.. وقد ربط محللين ومتابعين تصريحات بإيدن أنها تأتي في سياق وضع البداية والنهاية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكنها بالتأكيد ليست مؤشراً على تغيير جذري في الموقف الأميركي من جوهر الصراع العربي-الإسرائيلي.وقد أثارت هذه التصريحات التي وجه من خلالها انتقادات صريحة إلى تركيبة حكومة نتنياهو المتطرفة وطريقة إدارتها الحرب على قطاع غزة، جملة تساؤلات عن سر هذا التحول في الموقف الأميركي ومدى مصداقية تلك التصريحات وما يمكن أن تسفر عنه، سواء لجهة الوقت المعطى لـ"إسرائيل" في عدوانها على قطاع غزة أو لجهة مستقبل العلاقات الثنائية في ظل استمرار الحكومة الإسرائيلية الحالية التي وصفها بايدن بأنها الأكثر تطرفاً في تاريخ الحكومات الصهيونية.لقد كان الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل– سياسياً ومالياً وعسكرياً – ركيزة طويلة الأمد لسياستها الخارجية في الشرق الأوسط، لكن هذه السياسة تكلف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الكثير من الخسائر، على الصعيدين المحلي والدولي، وفقاً لشبكة “سي إن بي سي”، التي أشارت إلى أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة أدى إلى مقتل ما يزيد عن ثمانية عشر ألف وخمسمائة شخص في غزة، غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ وهذه القائمة من الشهداء المرشحه للزياده بفعل القصف الهمجي تثير حفيظة حلفاء أمريكا ودول العالماستعمال حق النقض الفيتو الأميركي ضد مشروع قرار تقدمت به الإمارات المتحدة مع الدول العربية لوقف الحرب جاء ليعبر عن حقيقة الموقف الأميركي تجاه "إسرائيل"، وأيضاً جميع القضايا والملفات الدولية، فيما التصريحات الإعلامية والانتخابية ليست أكثر من محاولة للتأثير في توجهات الرأي العام، بدليل أن جميع المسئولين الأميركيين يتحدثون منذ الحرب على القطاع عن تنسيق مع "تل أبيب" لتحييد المدنيين وتجنيبهم الاستهداف والعمل وفقاً للقانون الدولي الإنساني في عملياتها الإسرائيلية، لكن عملياً كان القصف الإسرائيلي، ولا يزال، يستهدف الأبنية السكنية والمستشفيات والمدارس ومراكز الأمم المتحدة، بل إنها كانت تتبنى الرواية الصهيونية لحادثة قصف المستشفيات وإعدام المرضى والكادر الطبي.- تصويت 13 دولة لمصلحة مشروع القرار وامتناع بريطانيا عن التصويت هو تطور له تداعياته وأسبابه. وتالياً، كان من غير المنطقي أن تتجاهل واشنطن هذا التغيير في المواقف الدولية، وهو تغير لم ينحصر في مواقف أعضاء مجلس الأمن، إنما في الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار، ومن دول عديدة كانت تساند الكيان الصهيوني وتعتبر ما يقوم به دفاعاً عن النفس.وحتى مع وجود تنسيق أميركي بريطاني فرنسي لتوزيع الأدوار داخل مجلس الأمن، فإن واشنطن كانت مضطرة أمام الرأي العام إلى إجراء تعديلٍ ما في موقفها، ولو إعلامياً، وإلا فإنها كانت ستبدو معزولة دولياً في موقفها المساند للكيان الصهيوني.من الضروري التمييز بين الموقف الأميركي الداعم للعدوان على غزة بذريعة حق الكيان الصهيوني في الدفاع عن نفسه، وطريقة تنفيذ ذلك العدوان، وهذا تحديداً ما تعبر عنه جميع التصريحات والمواقف الأميركية، بما فيها التصريحات الأخيرة لبايدن، التي تفرق بين استمرار العدوان لتحقيق أهدافه وما تعتبره واشنطن مجرد أخطاء يجب تجنبها لكي لا تفقد "إسرائيل" الدعم الدولي.لذلك، فإن انتشار صور المجازر المروعة والدمار الهائل هو ما يقلق الولايات المتحدة، وليس استمرار العدوان أو حتى احتلال القطاع أو الرفض الإسرائيلي لحل الدولتين المنادى به غربياً وعربياً أيضاً.ونتيجة الموقف الأمريكي من المحتمل أن يكون بإيدن معزولاً على الساحة العالمية بسبب قربه من إسرائيل كما كان الروس عند غزو أوكرانيا لأول مرة ، وتقدم الولايات المتحدة بالفعل لإسرائيل نحو 3.1 مليار دولار سنوياً في هيئة مساعدات عسكرية، الأمر الذي يجعلها أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأميركية في العالم، لكن في الأيام والأسابيع التالية، أدى الحجم الهائل وغير المتناسب للوفيات الفلسطينية في غزة بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية والعمليات الهجومية البرية إلى إثارة الغضب في أجزاء كثيرة من العالم تجاه كل من إسرائيل وبايدن، وخاصة في الجنوب العالمي، كما تصدرت الاحتجاجات في المدن الكبرى، بما في ذلك في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، لدعم الفلسطينيين والمطالبة بوقف إطلاق النار، عناوين الأخبار العالمية.وخلال عمليات التصويت المتعددة في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي دعت إلى وقف إطلاق النار، كانت إسرائيل والولايات المتحدة في كثير من الأحيان “الدولتين” الوحيدتين أو من بين أقلية صغيرة للغاية التي صوتت ”ضد”.هناك تحد حقيقي للولايات المتحدة في حال استمرت الحرب التي تشنها إسرائيل على غزه ، فقد أدان العديد من القادة ومنظمات حقوق الإنسان الولايات المتحدة لدعمها المستمر لإسرائيل، ولكن إدارة بايدن أصرت على المزاعم المعتادة بأن “إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها” وهو ما يرى النقاد بأنه استمرار في إعطاء إسرائيل التفويض المطلق في عملياتها العسكرية التي تبطش بالمدنيين وتدمير قطاع غزهوالسؤال هل تصريحات الرئيس بايدن بداية النهاية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكنها بالتأكيد ليست مؤشراً على تغيير جذري في الموقف الأميركي من جوهر الصراع العربي-الإسرائيلي، ولا توفر ضمانة ألا تتكرر مجازر النازية الجديدة بحق أبناء الشعب الفلسطيني مرة أخرى، والدليل على ذلك هو عدد الشهداء الذين سقطوا في مدن الضفة الغربية على أيدي الجنود وقطعان المستوطنين الإسرائيليين ومن جرى اعتقالهم وأسرهم منذ السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.كما أن تلك التصريحات لن تكون مقدمة لتحقيق سلام عادل في المنطقة يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، كما تتمنى بعض الأنظمة والقيادات.هذه التصريحات التي تصدر من مسئولين أمريكيين رغم تناقضها إلا أنها تندرج تحت مسمى تصريحات الضرورة التي أجبرت الإدارة الأميركية على قولها بفعل هول المجازر والجرائم الصهيونية واستشهاد أكثر من 18 ألف مدني فلسطيني من جهة، وبفعل الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني وما فرضته من معدلات جديدة في إدارة الصراع مع سلطة الاحتلال من جهة ثانية.ورغم كل ذلك هناك أصوات أمريكية تحذر من الانجرار وراء نتني اهو وتعتبره غير جدير بالثقة ، يقول الكاتب الصحفي الأميركي البارز توماس فريدمان إن ما يجري في إسرائيل كشف عن حقيقة جديدة مقلقة للولايات المتحدة، هي أنها تتعاطى لأول مرة مع زعيم إسرائيلي غير عقلاني، ويمثل خطرا على المصالح والقيم الأميركية المهمة، فضلا عن خطره على إسرائيل.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/15 الساعة 22:10