عمان
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/11 الساعة 06:23
في عمان, وحين تحسب المسافة الممتدة.. بين حراج السيارات في طبربور وحتى جسر وادي صقرة, تكتشف أنها تقدر تقريبا بـ (5) كيلو متر تقريبا... هذه المسافة كلها متروسة بمعارض السيارات... ولو حسبت كم تشغل هذه المعارض بالأمتار المربعة, ستكتشف أنها تشغل الألوف من الدونمات.. بالمقابل لم يأخذ هذا الشارع من الصحافة أو الأدب أو الرواية أو حتى الذكريات سطرا واحدا..
كشك أبو علي للكتب في البلد مساحته متر في متر ونص فقط لكنه أخذ من ذاكرة المدينة مساحات واسعة: حيدر محمود كتب عنه.. محمد طملية, خالد الكركي, ابراهيم نصر الله, حبيب الزيودي, ناهض حتر, جمال ناجي, زياد قاسم, عبدالرحيم عمر... وتطول قائمة المثقفين والكتاب الذين ارتادوه, كشك أبو علي دخل في الرواية والسياسة, دخل في تشكيل الحكومات وزيارات الرؤوساء.للعلم ثمن السيارات الموجودة في هذا الشارع, يتجاوز (500) مليون, مع ذلك فأنت تنظر فقط تنظر, ولا تجرؤ حتى على السؤال.. بالمقابل كلفة مطعم فؤاد في البلد بالمدخولات والمصروفات.. والبيع والقبض وحساب المخاطر لا تتعدى في الشهر (500) دينار... لكن مطعم فؤاد يستطيع الثري والفقير ومحدود الدخل والسائح الشراء منه والاستمتاع بالأكل.. لأنه يمثل ذاكرة مدينة, ويمثل مقصدا للجميع.. وقد أخذ مساحات واسعة من تحقيقات الصحف والمقالات والتقارير المتلفزة.. وظل دائما المكان الذي يعرفه كل أهل عمان صغارهم وكبارهم....دعوني أتجاوز البلد قليلا, وسأخبركم عن أمر اخر.. في الشارع الممتد من جسر طبربور حتى اخر وادي صقرة, لا يوجد اسم لمحل سيارات استطاع أن يدخل الذاكرة الشعبية أو الأدبية أو الإجتماعية.. بالمقابل إذا سألت أي مواطن عاش عمان في زمن التسعينات عن صالون الحرامي وعن (أبو معزوز). سيخبرك عن مكانه بالتحديد, وسيخبرك عما يجاوره وسيشرح عن (أبو معزوز) صاحب الصالون.. وكم من الأجيال مرت عليه, وكم صادق من أهل عمان.. وكم دار في الصالون أحاديث عن السياسة والحكومات, وعن البلد وجوع الناس وعن الحال.. وعن فلسطين, قد يغيب كل شيء عن الصالون إلا فلسطين فهي دائما حاضرة في قلب ولسان (ابو معزوز)..كل يوم أمر من شارع السيارات هذا, وأظن أن عمان تحتاج لإعادة ترتيب.. عمان تشبه غرفة المعيشة الحميمة.. التي يجتمع فيها الدفء والمحبة وحنان الأم, تحتاج لإنعاش ذاكرتها وتحتاج لإعادة الدفء إليها.أكثر من شهرين ربما مرت على حرب غزة, هل خرجت عن السياق ولم أكتب عن غزة اليوم.. مع أنها تحضر كل يوم في قلمي وقلبي وعقلي... لكن مادفعني لكتابة هذا المقال هو أني ومنذ أن بدأت الحرب لم أترك مشهدا ولا صورة من غزة إلا وطبعتها في قلبي... واكتشفت أنها المدينة العربية الوحيدة التي لا يوجد فيها: لاندكروزر، ولا جي كلاس... ولا كاديلاك, ولا يملك أهلها هذه الأنواع من السيارات.. يوجد فيها سيارات قديمة وعربات تجرها البغال.. ويوجد فيها كبرياء الدنيا وكرامة العرب وأنبل الناس عند الله وهم الشهداء... ألا يكفي هذا؟.لو أن المدن تزور بعضها لوجهت دعوة لغزة كي تزورنا.. ولتشرب عندنا فنجان قهوة فقط.. فقط فنجان قهوة.
كشك أبو علي للكتب في البلد مساحته متر في متر ونص فقط لكنه أخذ من ذاكرة المدينة مساحات واسعة: حيدر محمود كتب عنه.. محمد طملية, خالد الكركي, ابراهيم نصر الله, حبيب الزيودي, ناهض حتر, جمال ناجي, زياد قاسم, عبدالرحيم عمر... وتطول قائمة المثقفين والكتاب الذين ارتادوه, كشك أبو علي دخل في الرواية والسياسة, دخل في تشكيل الحكومات وزيارات الرؤوساء.للعلم ثمن السيارات الموجودة في هذا الشارع, يتجاوز (500) مليون, مع ذلك فأنت تنظر فقط تنظر, ولا تجرؤ حتى على السؤال.. بالمقابل كلفة مطعم فؤاد في البلد بالمدخولات والمصروفات.. والبيع والقبض وحساب المخاطر لا تتعدى في الشهر (500) دينار... لكن مطعم فؤاد يستطيع الثري والفقير ومحدود الدخل والسائح الشراء منه والاستمتاع بالأكل.. لأنه يمثل ذاكرة مدينة, ويمثل مقصدا للجميع.. وقد أخذ مساحات واسعة من تحقيقات الصحف والمقالات والتقارير المتلفزة.. وظل دائما المكان الذي يعرفه كل أهل عمان صغارهم وكبارهم....دعوني أتجاوز البلد قليلا, وسأخبركم عن أمر اخر.. في الشارع الممتد من جسر طبربور حتى اخر وادي صقرة, لا يوجد اسم لمحل سيارات استطاع أن يدخل الذاكرة الشعبية أو الأدبية أو الإجتماعية.. بالمقابل إذا سألت أي مواطن عاش عمان في زمن التسعينات عن صالون الحرامي وعن (أبو معزوز). سيخبرك عن مكانه بالتحديد, وسيخبرك عما يجاوره وسيشرح عن (أبو معزوز) صاحب الصالون.. وكم من الأجيال مرت عليه, وكم صادق من أهل عمان.. وكم دار في الصالون أحاديث عن السياسة والحكومات, وعن البلد وجوع الناس وعن الحال.. وعن فلسطين, قد يغيب كل شيء عن الصالون إلا فلسطين فهي دائما حاضرة في قلب ولسان (ابو معزوز)..كل يوم أمر من شارع السيارات هذا, وأظن أن عمان تحتاج لإعادة ترتيب.. عمان تشبه غرفة المعيشة الحميمة.. التي يجتمع فيها الدفء والمحبة وحنان الأم, تحتاج لإنعاش ذاكرتها وتحتاج لإعادة الدفء إليها.أكثر من شهرين ربما مرت على حرب غزة, هل خرجت عن السياق ولم أكتب عن غزة اليوم.. مع أنها تحضر كل يوم في قلمي وقلبي وعقلي... لكن مادفعني لكتابة هذا المقال هو أني ومنذ أن بدأت الحرب لم أترك مشهدا ولا صورة من غزة إلا وطبعتها في قلبي... واكتشفت أنها المدينة العربية الوحيدة التي لا يوجد فيها: لاندكروزر، ولا جي كلاس... ولا كاديلاك, ولا يملك أهلها هذه الأنواع من السيارات.. يوجد فيها سيارات قديمة وعربات تجرها البغال.. ويوجد فيها كبرياء الدنيا وكرامة العرب وأنبل الناس عند الله وهم الشهداء... ألا يكفي هذا؟.لو أن المدن تزور بعضها لوجهت دعوة لغزة كي تزورنا.. ولتشرب عندنا فنجان قهوة فقط.. فقط فنجان قهوة.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/12/11 الساعة 06:23