الحرب على غزة.. اقتصادية عالمية بامتياز
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/27 الساعة 01:59
قد يسأل البعض لماذا أرسل الغرب أساطيله هذه المرة في حرب غزة لدعم إسرائيل ولم ترسله في سلسلة الحروب التي شنتها إسرائيل سابقاً على غزة؟ ولماذا إنسعر الإعلام الغربي في تغطيته للحرب البربرية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة, على عكس الحروب السابقة على غزة منذ إنسحابها منها عام 2005, حيث شهدت تلك الحروب أعوام 2008, 2012،2014،2019, 2022,2021 سقوط شهداء وجرحى فلسطينيين كان أشدها عام 2014, لارتفاع أعداد الشهداء الفلسطينيين حيث استشهد فيها 2322 شهيدا و11 ألف جريح, وجميع هذه الحروب السابقة انتهت بهُدنات وتفاهمات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بوساطات عربية وإقليمية ودولية رضخت لها إسرائيل وحلفاؤها من الغرب.
للإجابة على هذا السؤال, سنتطرق إلى أهداف مبطنة يخفيها الغرب يريد تحقيقها من الحرب الهمجية على غزة, هذه الأهداف أقوى من الإنسانية التي تنادي بها جمعيات حقوق الإنسان, وكذلك أي وساطات عربية من الدول الحليفة للغرب أو وساطات إقليمية أو دولية لإيقاف الحرب, والخروج إلى الأفق السياسي لحل القضية الفلسطينية والذي نادى به الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين, وآخرها ما كتبه جلالته في مقالته الأخيرة في جريدة الواشنطن بوست عندما خاطب العالم بشكل عام والغرب بشكل خاص وقال مقولته الشهيرة: «حل الدولتين انتصار لإنسانيتنا المشتركة» فهذه العبارة من أبلغ الرسائل العالمية التي تدعو إلى الحل الدبلوماسي في عصرنا الحديث.إن الأسباب التي جعلت الغرب وإسرائيل يتجاهلون استشهاد قرابة 12 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 32 ألف لغاية هذا اليوم, حيث تجاوز هذا العدد جميع الحروب السابقة التي شنتها إسرائيل على غزة, لا بل في هذه الحرب لم يبق أي بند من بنود هيئة الأمم المتحدة الإنسانية التي أسسها وشرّعها العالم من حقوق الإنسان والمرأة والطفل وحماية المدنيين في الحرب إلا وتم مخالفته وتجاوزه وتحديه من قبل إسرائيل, وذلك من أجل القضاء على حركة المقاومة الفلسطينية, لتبدأ بتنفيذ المشاريع الإقتصادية الكبرى التي ستؤمن المستقبل الإقتصادي لها وللغرب, ومن هذه المشاريع:أولاً: مشروع إمداد أوروبا بالغاز, بعد انقطاع تزويد أوروبا بالغاز من قبل روسيا والتي وصلت قبل الحرب الروسية–الأوكرانية إلى أكثر من 40% من إجمالي احتياجات الدول الأوروبية, وهذا المشروع قد تبلور بعد اكتشاف حقول نفطية جديدة باحتياطات كبيرة جداً في شرق حوض البحر المتوسط ومن ضمها غزة التي يمتد ساحلها بطول 41 كم, في حين تحتل إسرائيل على البحر طولاً يبلغ 273 كم, فهي تعتقد أن إضافة ساحل غزة إليها سيكون بمثابة زيادة كمية الإحتياطي والتصديري لهذا الغاز والذي يقدر ب15%-25% من إحتياطات الغاز الإسرائيلي, إضافة إلى ضمان أمن المشروع في المستقبل كونه مشروعاً حيوياً غربياً بإمتياز, وسيدر دخلاً على الحكومة الإسرائيلية الغارقة في الديون بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً, وسيوفر تدفق الغاز الإسرائيلي على أوروبا 50% من السعر الذي أصبحت تشتريه بعد إندلاع الحرب الروسية–الأوكرانية.ثانياً: مشروع قناة مائية تحل محل قناة السويس, تفكر إسرائيل والغرب منذ عقود بشق قناة تربط خليج إيلات بالبحر المتوسط لتشكل ممراً مائياً للتجارة البحرية العالمية لتمرير 12% منها بديلاً عن قناة السويس, لتحقق المكاسب المادية التي قد تصل إلى 10 مليارات دولار في السنة, إضافة إلى السيطرة الأمنية الكاملة على هذا الممر, ومما زاد الضغط على أهمية هذا المشروع من قبل الغرب هو ضمان الطريق البحري الذي سيربط أوروبا والساحل الشرقي من الولايات المتحدة وكندا بالشرق ليكون منافساً لمشروع الحزام والطريق الصيني, إضافة إلى تأمين المشروع الجديد «طريق التوابل» للسكك الحديدية البرية الذي سيربط الهند وشرق آسيا بأوروبا من خلال ميناء حيفا ليكون آمناً, وهذا المشروع أطلقه الرئيس الأمريكي في شهر أيلول الماضي في قمة العشرين التي عقدت في نيودلهي.ثالثاً: مشروع الرقاقات الإلكترونية, نتيجة الأزمة التايوانية, حيث تبلغ حصة شركة TSMC الموجودة في تايوان من الإنتاج العالمي لهذه الرقائق 64%, ثم تأتي شركة SAMSUNG الموجودة في كوريا الجنوبية 18% وتأتي بعدها الصين 5% أما بقية العالم فينتج 12% ومن ضمنه الولايات المتحدة من خلال شركة INTEL, وتمتاز رقاقات شركة TSMC التايوانية بتقنيات عالية جداً من حيث صغرها الذي يمكّن الصناعات الإلكترونية التي تستخدمها من التفوق التكنولوجي, مثل على سبيل لا الحصر مصانع السلاح والأجهزة ذات الإستخدامات المتنوعة الطبية والزراعية والذكاء الإصطناعي والروبوتات والحواسيب والهواتف المحمولة والسيارات والطائرات والمنظومات الأمنية ووسائل النقل والمركبات الفضائية والأقمار الإصطناعية وغيرها, لتكون إسرائيل المنفذة لمشروع ضخم للرقاقات الإلكترونية بعد سيطرتها على غزة وإقامتها لذلك المشروع بجنوب إسرائيل, حيث استثمرت شركة INTEL الأمريكية ب11 مليار دولار قبل 3 سنوات في مصنع الرقاقات جنوب إسرائيل في كريات جات التي تبعد عن غزة 45 كم, فوجود هذا المشروع وبناء مصانع جديدة للرقاقات بجنوب إسرائيل لتكون آمنة, وقريبة من المصانع الأوروبية والولايات المتحدة. مما سبق نستنتج أن الحرب على غزة هي حرب بين الأقطاب العالمية, حرب إقتصادية بامتياز فهي تدور بين القطب الجديد روسيا والصين من طرف, والقطب القديم المتمثل بالولايات المتحدة وأوروبا من طرف آخر, وحيث أن الفلسطينيين هم من سيدفعون الثمن لأنهم جزء من الحلول الإقتصادية التي ستمنع التفوق الإقتصادي عن القطب الجديد وعلى رأسه الصين التي تنافس الولايات المتحدة للتربع على عرش الإقتصاد العالمي عام 2030, كانت تلك الإجراءات القاسية في حرب غزة للقضاء على المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب البربرية, فهل سيبقى سكوت كل من روسيا والصين عن ما يجري في غزة طويلاً؟.
للإجابة على هذا السؤال, سنتطرق إلى أهداف مبطنة يخفيها الغرب يريد تحقيقها من الحرب الهمجية على غزة, هذه الأهداف أقوى من الإنسانية التي تنادي بها جمعيات حقوق الإنسان, وكذلك أي وساطات عربية من الدول الحليفة للغرب أو وساطات إقليمية أو دولية لإيقاف الحرب, والخروج إلى الأفق السياسي لحل القضية الفلسطينية والذي نادى به الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين, وآخرها ما كتبه جلالته في مقالته الأخيرة في جريدة الواشنطن بوست عندما خاطب العالم بشكل عام والغرب بشكل خاص وقال مقولته الشهيرة: «حل الدولتين انتصار لإنسانيتنا المشتركة» فهذه العبارة من أبلغ الرسائل العالمية التي تدعو إلى الحل الدبلوماسي في عصرنا الحديث.إن الأسباب التي جعلت الغرب وإسرائيل يتجاهلون استشهاد قرابة 12 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 32 ألف لغاية هذا اليوم, حيث تجاوز هذا العدد جميع الحروب السابقة التي شنتها إسرائيل على غزة, لا بل في هذه الحرب لم يبق أي بند من بنود هيئة الأمم المتحدة الإنسانية التي أسسها وشرّعها العالم من حقوق الإنسان والمرأة والطفل وحماية المدنيين في الحرب إلا وتم مخالفته وتجاوزه وتحديه من قبل إسرائيل, وذلك من أجل القضاء على حركة المقاومة الفلسطينية, لتبدأ بتنفيذ المشاريع الإقتصادية الكبرى التي ستؤمن المستقبل الإقتصادي لها وللغرب, ومن هذه المشاريع:أولاً: مشروع إمداد أوروبا بالغاز, بعد انقطاع تزويد أوروبا بالغاز من قبل روسيا والتي وصلت قبل الحرب الروسية–الأوكرانية إلى أكثر من 40% من إجمالي احتياجات الدول الأوروبية, وهذا المشروع قد تبلور بعد اكتشاف حقول نفطية جديدة باحتياطات كبيرة جداً في شرق حوض البحر المتوسط ومن ضمها غزة التي يمتد ساحلها بطول 41 كم, في حين تحتل إسرائيل على البحر طولاً يبلغ 273 كم, فهي تعتقد أن إضافة ساحل غزة إليها سيكون بمثابة زيادة كمية الإحتياطي والتصديري لهذا الغاز والذي يقدر ب15%-25% من إحتياطات الغاز الإسرائيلي, إضافة إلى ضمان أمن المشروع في المستقبل كونه مشروعاً حيوياً غربياً بإمتياز, وسيدر دخلاً على الحكومة الإسرائيلية الغارقة في الديون بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً, وسيوفر تدفق الغاز الإسرائيلي على أوروبا 50% من السعر الذي أصبحت تشتريه بعد إندلاع الحرب الروسية–الأوكرانية.ثانياً: مشروع قناة مائية تحل محل قناة السويس, تفكر إسرائيل والغرب منذ عقود بشق قناة تربط خليج إيلات بالبحر المتوسط لتشكل ممراً مائياً للتجارة البحرية العالمية لتمرير 12% منها بديلاً عن قناة السويس, لتحقق المكاسب المادية التي قد تصل إلى 10 مليارات دولار في السنة, إضافة إلى السيطرة الأمنية الكاملة على هذا الممر, ومما زاد الضغط على أهمية هذا المشروع من قبل الغرب هو ضمان الطريق البحري الذي سيربط أوروبا والساحل الشرقي من الولايات المتحدة وكندا بالشرق ليكون منافساً لمشروع الحزام والطريق الصيني, إضافة إلى تأمين المشروع الجديد «طريق التوابل» للسكك الحديدية البرية الذي سيربط الهند وشرق آسيا بأوروبا من خلال ميناء حيفا ليكون آمناً, وهذا المشروع أطلقه الرئيس الأمريكي في شهر أيلول الماضي في قمة العشرين التي عقدت في نيودلهي.ثالثاً: مشروع الرقاقات الإلكترونية, نتيجة الأزمة التايوانية, حيث تبلغ حصة شركة TSMC الموجودة في تايوان من الإنتاج العالمي لهذه الرقائق 64%, ثم تأتي شركة SAMSUNG الموجودة في كوريا الجنوبية 18% وتأتي بعدها الصين 5% أما بقية العالم فينتج 12% ومن ضمنه الولايات المتحدة من خلال شركة INTEL, وتمتاز رقاقات شركة TSMC التايوانية بتقنيات عالية جداً من حيث صغرها الذي يمكّن الصناعات الإلكترونية التي تستخدمها من التفوق التكنولوجي, مثل على سبيل لا الحصر مصانع السلاح والأجهزة ذات الإستخدامات المتنوعة الطبية والزراعية والذكاء الإصطناعي والروبوتات والحواسيب والهواتف المحمولة والسيارات والطائرات والمنظومات الأمنية ووسائل النقل والمركبات الفضائية والأقمار الإصطناعية وغيرها, لتكون إسرائيل المنفذة لمشروع ضخم للرقاقات الإلكترونية بعد سيطرتها على غزة وإقامتها لذلك المشروع بجنوب إسرائيل, حيث استثمرت شركة INTEL الأمريكية ب11 مليار دولار قبل 3 سنوات في مصنع الرقاقات جنوب إسرائيل في كريات جات التي تبعد عن غزة 45 كم, فوجود هذا المشروع وبناء مصانع جديدة للرقاقات بجنوب إسرائيل لتكون آمنة, وقريبة من المصانع الأوروبية والولايات المتحدة. مما سبق نستنتج أن الحرب على غزة هي حرب بين الأقطاب العالمية, حرب إقتصادية بامتياز فهي تدور بين القطب الجديد روسيا والصين من طرف, والقطب القديم المتمثل بالولايات المتحدة وأوروبا من طرف آخر, وحيث أن الفلسطينيين هم من سيدفعون الثمن لأنهم جزء من الحلول الإقتصادية التي ستمنع التفوق الإقتصادي عن القطب الجديد وعلى رأسه الصين التي تنافس الولايات المتحدة للتربع على عرش الإقتصاد العالمي عام 2030, كانت تلك الإجراءات القاسية في حرب غزة للقضاء على المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب البربرية, فهل سيبقى سكوت كل من روسيا والصين عن ما يجري في غزة طويلاً؟.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/27 الساعة 01:59