ابو زيد يكتب: فلسطين هبة الشعب العظيم!
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/25 الساعة 22:03
ابتدأت الهدنة المؤقتة بين المقاومة والكيان الصهيوني المحتل ببعض التعقيدات بعد قرابة ال 50 يومًا على الحرب على قطاع غزة أو بشكل أدق بعد مجازر عددية قد بلغت أكثر من 1350 مجزرة على المدنيين وبعد قطع كل الحدود الحمراء باستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا التي راح ضحيتها آلاف الأطفال والنساء والرجال والشيوخ واستهداف البنايات والمساجد والكنائس، بل ولم تسلم المدارس والمستشفيات من هذا العدوان الغاشم الذي رأينا كلنا فظاعته وبشاعته في ظل سكوت دولي يقودها الغرب المسكون بالولاء لإسرائيل، متحججين بمشروعية الكيان المحتل البغيض ومبررين أفعاله بأنها أنها دفاع عن نفسه مظهرين وجههم الحقيقي وأن كل منظمة أنشأوها من منظمات حقوق الانسان والطفولة والهلال والصليب الأحمر المزعومة ما هي إلا منظمات فاسدة تخدم أفكارهم المريضة ومعتقداتهم غير السوية.
أما عن الهدنة وقد دخلت يومها الثاني بمخالفات واضحة لبنود منها، باستمرار تسليم الأسرى المحتجزين لدى المقاومة وما رأيناه من صور عظمة المقاومة في يومها الأول، وهي تسلم أسرى الاحتلال الصهيوني بكل عطف ورقة وأخلاق لا يمتلكها الا من تربى في المجتمع العربي والإسلامي، وبمقابلها رأينا الصورة المعتادة للكيان الصهيوني وبني صهيون واستمرارهم بنكث العهود والوعود ابتداءًا باعتداء الكيان المحتل على أهلنا بغزة المتوجهين من الجنوب الى الشمال، وقد ارتقى بعضهم شهيدًا وأصيب الآخر يتبعه تعاملهم مع أسيراتنا البطلات بل أقول مع اخواتنا المحتجزات لديهم بدون سبب الا تأكيدًا لعنجهيتهم ودناءة الإحتلال الغاصب، فقد افتعلوا بعض الأفعال تدل على احباطهم وقهرهم وانهم حثالة الأمم فقد دخلوا على بيت أسيرة وافسدوا ما كان فيه من مظاهر إحتفال الأهل بعودة ابنتهم او منع اقتراب الفلسطينيين من بيوت المحررين بل أنهم اخلفوا أيضا شروط دخول المساعدات الى شمال قطاع غزة كما كان متفقًا من شروط الهدنة مما جعل قيادة المقاومة توقف استكمال تحرير الأسرى الى حين دخول المساعدات الى القطاع كما كان متفتُا ، هذه الأفعال من هذا الكيان المجرم لا تدل إلا على انهم كيان لا ينفع معه السلام والحل الوحيد هو المقاومة وتخليص أرضنا ارض العرب والمسلمين منه.
وهنا على الرغم من الدور القطري _ المصري الواضح في ابرام الصفقة فنؤكد للجميع أن هذه الصفقة ما كانت لتمر لولا دور أردني ضاغط قاده جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله المعظم في كل المجالات السياسية دوليًا لإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني المقاوم والصامد على أرضه ومواجهة كل المؤامرات، وكذلك صمود المقاومة الفلسطينية الاسطوري وتحرك شعوب العالم ضد العدوان الغاشم، وهنا أشيد مجددًا ببراعة وحنكة وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي ودوره الكبير بتوجيه جلالة الملك المفدى.
أما عن غزة بعيدا عن فرحنا بما حققته مقاومتنا العظيمة من صفقة تحرير الأسرى وانتصارها المستمر على الكيان المحتل في المعارك البرية في قطاع غزة فقد كشف دخول الصحفيين إلى غزة العزة حجم الدمار الذي تسبب به هذا الكيان العنصري الصهيوني المجرم، فقد محيت أحياء بأكملها، وقتلت عائلات بأكملها، وسقطت منظمات حقوق الإنسان في مستنقع توازنات القوى العالمية طوال مدة الحرب وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولية والمحكمة الدولية.
ولكن وفي غمرة انشغال العالم كله عن فلسطين رغم ان الأبرياء من أبناء الشعب العظيم يرتقون شهداء دون شجب او إدانة من العالم الحر كما يسموه، وفي ضجيج ما نسمعه من تطرف دولة الإحتلال الارهابية وزجها للعالم في أتون معركة عالمية غير محسوبة العواقب، ولا زالت متوقعة من خلال تهديدات نتنياهو وفريقه، ورغم ان الفضائيات تتحسب وكتاب الصحف والمحللين لحرب عالمية ثالثه أراها موجودة فعلاً بحكم مساحات الصراع وعدد الدول المشاركة في الصراع المتكثف في منطقتنا العربية، الاَ ان ذلك كله لم يمنعني ان استذكر قول الشاعر العربي وهو يخاطب أمته قائلاً:
أمتي هل لك بين الأمم موضع للسيف أو للقلم
وقد أدهشني قول الشاعر بعد مرور أكثر من سبعة عقود على إحتلال فلسطين، وأنَ الحال نفس الحال، والضياع نفس الضياع، والسفينة العربية من محيطها الى خليجها توشك على الغرق. والكيان الصهيوني يسرح ويمرح، ويشرب من دمائنا كؤوسًا أغنته عن نشوة الخمور، وفي غمرة الضياع والنسيان المجبول بدماء الشباب العربي في حروب اهلية وتفجر للفتن والطائفية خلال العقدين الأخيرين ضاعت حتى بيانات الادانة التي كنا نتسلى بصدورها وتداولها منتظرين الفعل فاذا بنا نتحسر على تلك الأيام، كما نتحسر على قمم بلا مضمون عملي على الأرض.
قلَبت الفكر، وراجعت النفس، وقلت صحيح ان انشغال العرب بقضايا تفجر الصراع وخوفهم من حادث مقلق يغير كل المعادلات فجأة ، وقد يصاحبها كما حدث قبل ذلك نزوح الملايين، وهي حوادث قد تقع في أي وقت أثناء الهدنة او بعدها، ولكن دهشتي في حسابات السياسي ان أكثر ما فجر العنف في المشرق العربي هو نسيان القضية الفلسطينية وترك شعبها يواجه التهويد والتشريد والقتل وحده.
لقد كانت فلسطين جرح الأمة العميق فأصبحت كل الامة جرح عميق، وأدمتها وقسمتها النكبات، وأُضيفت الى نكبة فلسطين الأليمة التي تصيب العرب منذ عدة قرون، ونتجت عنها مآس عديدة.. ولكن الشعب الفلسطيني سيبقي شعباً حياً يناضل ويعمل على تحرير أرضه رغم ضعف إمكانياته ومقدراته عبر انتفاضاته المتواصلة ولو وحده، ولن يهنأ الإحتلال وستعود فلسطين حرة عربية إلى حضنها العربي ولو طال الزمن..ما دامت المقاومة باقية في وجه الإحتلال الصهيوني .
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/25 الساعة 22:03