ما علاقة غزة بصفقة القرن؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/23 الساعة 23:51

في مقالي رأي نشرتهما صحيفة واشنطن بوسط و"سي إن إن"، حذر أربعة من أكثر المسؤولين الأميركيين نفوذا من أن "الصراع المدفوع من حماس" في غزة، سيقوض جهود إعادة بناء اقتصاد قطاع غزة، في إشارة إلى الخطة التي تبناها مستشار الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنير ومبعوث ترامب الخاص لشؤون المفاوضات جيسون غرينبلانت لضخ الأموال في اقتصاد غزة المنهك جراء الحصار.

نيكي هيلي مندوبة واشنطن في مجلس الأمن وديفيد فريدمان سفير أميركا في إسرائيل وضعا توقيعيهما على المقالين، ووجه جميعهم رسائل تدعو للضغط على حركة حماس مقابل إسناد منقطع النظير لممارسات إسرائيل في القطاع.

الموقف المساند لإسرائيل للأربعة الكبار ليس غريبا فهم من أشد المناصرين لها في دوائر القرار الأميركي، وينطبق عليهم القول؛ إسرائيليون أكثر من إسرائيل.

لكن ما يخشاه الأربعة أن يؤدي فشلهم في غزة إلى إجهاض خطتهم للسلام في الشرق الأوسط. كان رهان كوشنير على أن تحسين الظروف الاقتصادية في قطاع غزة قد يفتح مسارا مبشرا لاتفاق سلام عرف باسم صفقة القرن بين الفلسطينيين وإسرائيل، وأن التعثر قد يجعل التوصل لهذه الصفقة أمرا صعب المنال.

ولهذا السبب، ربما دعمت واشنطن جهود التوصل لوقف إطلاق نار في غزة وفرض تهدئة دائمة في القطاع، مستخدمة المساعدات المالية كوسيلة ضغط على حركة حماس التي لم تقدم هي الأخرى مقاربة متماسكة لتبرير نهج التصعيد العسكري.

بعد 18 شهرا على تبني إدارة ترامب فكرة الصفقة، و12 جولة لمبعوثيه كوشنير وغرينبلات في الشرق الأوسط، تحوم الشكوك في واشنطن حول قدرة الرجلين على طرح خطة سلام قابلة للحياة.

لقد تكررت الوعود من طرف كوشنير بقرب طرح الخطة، لكن القلق من مصيرها يدفع لتأجيلها مرارا. الموقف الفلسطيني الرافض بشكل مسبق للصفقة والشعور العربي العام بكارثية مضمونها يدفعان واشنطن إلى التأني.

الحديث عن تأييد بعض الحلفاء في السر للصفقة لا يكفي لتبنيها في العلن، أو إرغام الفلسطينيين على التعاطي معها.

وليس هذا فحسب؛ إسرائيل غير متحمسة لمبدأ الصفقة ما دامت قادرة على تطبيق برنامجها لوأد حل الدولتين وابتلاع الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس بإسناد أميركي لا سابق له، بلغ حد الاعتراف بالمدينة المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن إليها.

لكن بالنسبة لكوشنير وغرينبلات يبدو الأمر مختلفا. الصفقة ونجاحها يعنيان بالنسبة لهما مواصلة تصدر المشهد في واشنطن والبيت الأبيض، والإخفاق يعني الطرد بالنسبة لترامب الذي لا يرحم من هم حوله من المستشارين.

وتحسبا لهذا الاحتمال الكابوسي، سيبقى كوشنير وغرينبلات يمارسان لعبة شراء الوقت للاحتفاظ بمنصبيهما أطول وقت ممكن، وتأجيل طرح الخطة لحين ضمان قبولها، أو الإقرار بالفشل بعد حين وتحمل العواقب.

مصلحة الفلسطينيين والعرب تأجيل طرح الصفقة أطول فترة ممكنة، فذلك سيدفع بالإدارة الأميركية إلى مراجعة أفكارها، والبحث عن خيارات أكثر واقعية وقابلية للحياة كحل الدولتين.

الغد

مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/23 الساعة 23:51