دلال يكتب: هل تشكل الهدنة بداية لوقف نهائي للعدوان؟
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/25 الساعة 13:24
مع دخول الهدنة الإنسانية المؤقتة في غزة حيز التنفيذ صباح أمس وتمتد لأربعة أيام، تتجدد الآمال بأن تشكل مدخلا لوقف شامل لإطلاق النار ونهائي للحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة، الذي سطر أبناؤه وبناته صورا بطولية ملحمية في التصدي للجبروت الإسرائيلي وكسر غطرسة قادته، الذين جن جنونهم إثر العملية العسكرية لحماس في السابع من الشهر الماضي.
وما يعزز من تلك الآمال أن الجميع تقريبا، عربيا وإقليميا ودوليا، حريص على وضع حد نهائي للعدوان الإسرائيلي نظرا لفداحة الخسائر في الأرواح والممتلكات نتيجة الجريمة العسكرية الإسرائيلية في غزة على مدار أكثر من 6 أسابيع، وما رافق ذلك من تعاطف شعبي غير مسبوق على مستوى العالم مع الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية المشروعة في الحرية والاستقلال، حتى بات قادة العديد من الدول الغربية يعد الساعات لوقف العدوان الإسرائيلي، وكل ذلك بالطبع نتيجة تراكمية لحسابات الربح والخسارة سياسيا بين قواعدهم الانتخابية. ومن الأدلة على ذلك، مثالا، تقدم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على الرئيس جو بايدن في استطلاعات الرأي المختلفة مؤخرا.
على ما يبدو أن بعض القادة في إسرائيل يرغبون في إنهاء حربهم الفاشلة أيضا، رغم الجعجعة التي يمارسها رئيس الوزراء المأزوم سياسيا بنيامين نتنياهو، والذي كما يرى العديد من المحللين "فشل فشلا ذريعا في تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض". وقد ظهر ذلك جليا في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام لعضو المجلس الوزاري الإسرائيلي، أرييه درعي، بقوله "إنهم مستعدون لزيادة مدة الهدنة إلى 10 أيام". والضغط سيزداد لتمديد الهدنة بطبيعة الحال مع تصاعد المظاهرات التي تقودها عائلات المحتجزين الإسرائيليين للمطالبة بعودة أبنائهم وبناتهم.
التفكير في زيادة مدة الهدنة يوحي برغبة بعض جنرالات تل أبيب في وقف الحرب، لكنهم قد يكونوا راغبين في خلق سيناريو يحفظ ماء وجههم أمام الرأي العام الداخلي والعالمي، وقد تلعب واشنطن هنا، كما كانت دوما، دور المخرج لذلك.
ما يهمنا عربيا إنهاء العدوان الإسرائيلي بأسرع وقت، وإيجاد آلية سريعة لنجدة الشعب الفلسطيني في غزة. نحن نتحدث عن أكثر من مليوني شخص بحاجة ماسة لجسور من المساعدات الإنسانية، وهذا يتطلب تحركا عالميا إقليميا عربيا موحدا ومتكاملا.
ولعل من الحكمة السياسية في هذا الوقت الدعوة إلى قمة عربية طارئة يتمخض عنها؛ أولا: موقف عربي يدعو إلى تمديد الهدنة، وصولا إلى وقف فوري وشامل للعدوان الإسرائيلي، وثانيا: تحديد خطة عمل عربية شاملة لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، خصوصا الطبية العاجلة والإنسانية الضرورية، وثالثا: إطلاق صندوق عربي بإشراف الجامعة العربية لإعادة إعمار غزة، وهو الأمر الذي سيسهم في الوقوف صخرة صلبة أمام دعوات التهجير الإسرائيلية.
سياسيا، وبعد انتهاء الحرب، لا بد من إعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وأن يكون الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية على قلب رجل واحد، تمهيدا للدخول في مفاوضات سلام، ستأتي منطقيا عاجلا أم آجلا، مستندين إلى دعم عربي موحد تقوده الأردن ومصر، وهما الأقرب تاريخيا وجغرافيا للشعب الفلسطيني.
تدرك واشنطن، ومن خلفها عواصم الاتحاد الأوروبي، الآن وأكثر من أي وقت مضى، خطورة الجمود في عملية السلام، وعليها تخصيص الوقت والجهد للوصول إلى حل شامل للقضية الفلسطينية، والذي لن يكون إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية.
ولعل فيما حدث منذ السابع من الشهر الماضي حتى اليوم درسا قاسيا لإسرائيل، التي عليها أن تدرك، ساسة وعامة، أن لا مستقبل آمنا زاهرا لها دون أن يكون المستقبل ذاته مكفولا للشعب الفلسطيني، الذي أثبت أنه وكما قال شاعره الأول محمود درويش: "أن تكون فلسطينيا هو أن تصاب بأمل لا شفاء منه". والأمل كان وما يوال وسيبقى الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني، حقه في ذلك حق سائر شعوب الأرض ماضيا وحاضرا.
ويبقى السؤال: هل يستثمر ساسة العالم الهدنة لوقف العدوان، أم أن نتنياهو، المرعوب على مستقبله السياسي، سيدخل شعبه والعالم في متاهة قد تفجر الأوضاع في المنطقة، خصوصا مع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بعد إعلان الهدنة، بأن "القتال سيستمر لمدة شهرين آخرين على الأقل". لننتظر ونرى؟
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/25 الساعة 13:24