ابو دلو يكتب: الرقابة الدستورية على الاتفاقيات
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/23 الساعة 13:29
صوّت مجلس النواب الأسبوع الماضي على الطلب من اللجنة القانونية لدراسة ومراجعة كافة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل لتقديم المقترحات والتوصيات حولها لما يمكن أن يثار من إجراءات، وفي الحقيقة هذه الخطوة تُعدّ تصعيدية بصورة توازي التصعيد الذي يظهر للجميع من قبل الخطاب السياسي الأردني وموقفه المتصاعد جراء العدوان على الأشقاء في فلسطين.
شعبياً، يعارض الشعب الأردني بغالبيته هذه الاتفاقيات سواءً السياسية أو الاقتصادية منها خاصة المتعلقة في مجال الغاز والطاقة والمياه، علماً بأننا قد وقعنا عدة اتفاقيات جاءت لتنفيذ معاهدة السلام سواءً بالتعاون الاقتصادي والتجاري أو السياحي أو الخدمات والنقل وغيرها.
وبالعودة لموضوع دراسة الاتفاقيات والمعاهدات السياسية والاقتصادية المختلفة فإن منها ما وقع وأبرم بموجب المادة (33/2) من الدستور أو الاتفاقيات التي تمت من خلال الشركات الوطنية، منها على سبيل المثال اتفاقية الغاز.
ولو تطرقنا لمعاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية لعام 1994 وادي عربة نجد أنها معاهدة مسجلة لدى الأمم المتحدة في السجلات الخاصة، ووافق عليها مجلس الأمة الأردني ،ويُوافق عليها المجلس بموجب المادة( 33/2) بحيث تكون موافقة مجلس الأمة بإصدار قانون للتصديق على هذه المعاهدة، وهذا ما حصل من خلال إصدار قانون تصديق خاص عليها.
دستورياً وقانونياً وحتى سياسياً لا يوجد ما يمنع من إلغاء اتفاقية السلام وادي عربة، ولكن الشق السياسي له حساباته التي لن أتطرق إليها الأن، ولنبقى بالشق القانوني والدستوري فإن إنهاء المعاهدة يكمن في سلك الطريق القانوني الدستوري الداخلي من خلال مجلس الأمة وتطبيق المادة (95) من الدستور التي تجيز لعشرة أعضاء أو أكثر من مجلس النواب أو الأعيان اقتراح القوانين، ويُحال كل اقتراح إلى اللجنة المختصة في المجلس لإبداء الرأي؛ فإذا قبِل المجلس الاقتراح فإنه يُحال إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون ومن ثم تقديمه للمجلس في الدورة نفسها أو التي تليها ليصدر قانوناً بإلغاء العمل والتصديق على المعاهدة وهذا ما يتوجب فعله داخلياً، وما يحكم المسألة خارجياً فهي اتفاقية فينا لقانون المعاهدات.
ولكن بعض الاتفاقيات الاقتصادية وخاصة اتفاقية الغاز، فلا مكنة قانونية ودستورية لمجلس النواب للرقابة عليها، وما يحكمها الاتفاق والعقد، وذلك استناداً لقرار المحكمة الدستورية التفسيري رقم (2) لسنة (2019)، وجاء القرار بناءً على طلب تقدّم به مجلس الوزراء للمحكمة الدستورية لبيان ما إذا كانت الاتفاقيات التي تبرمها شركات مملوكة بالكامل للحكومة مع شركات أخرى تدخل في مفهوم الاتفاقيات المنصوص عليها في الفقرة رقم(2) من المادة (33) من الدستور، وبحيث لا تكون تلك الاتفاقيات نافذة المفعول إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة، الذي جاء فيه أن الاتفاقيات التي تبرمها شركات مملوكة بالكامل للحكومة مع شركات أخرى لا تدخل بمفهوم الاتفاقيات المنصوص عليها بالدستور بالمادة (33/2) فلا يحتاج لنفاذها موافقة مجلس الأمة، وهذا القرار جاء تعزيزاً للقرار التفسيري رقم (1) لسنة 1962 الذي أكد أيضا أن الاتفاقيات المالية التي تبرمها الدولة مع الشركات أو البنوك أو الموسسات هي غير مشمولة بنص المادة (33/2) التي تشترط موافقة مجلس الأمة حتى لو كانت هذه الاتفاقيات تحمّل خزانة الدولة شيئاً من النفقات.
يتضح بعد كل ذلك أن الاتفاقيات المبرمة لنفاذ أحكام معاهدة السلام، سواءً الاقتصادية أو الثقافية أو النقل أو غيرها التي نصت عليها اتفاقية السلام يجب أن تبقى سارية ما دامت لم تُلغى المعاهدة ولم يتم إنهائها بالإضافة للاتفاقيات التي لا تحكمها نص المادة (33/2) من الدستور الأردني ما دام الطرفان ملتزميْن بأحكامها، ويحكمها نصوص الاتفاق مثل اتفاقية الغاز الموقعة بين شركة الكهرباء وشركة نوبل إينيرجي.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/23 الساعة 13:29