فياض بالقائمة النهائية لأفضل معلم في العالم
مدار الساعة- إيمانا برسالة التعليم السامية، حملت المعلمة سحر فياض على عاتقها مسؤولية تبني ممارسات تعليمية مبتكرة وفعالة ومتطورة؛ للتغلب على التحديات التي واجهتها، وبالتالي صياغة نموذج تربوي استهلت به مسيرة تقديرها، من خلال حصولها على جائزة الملكة رانيا العبدالله العام 2009.
تلك الجائزة وفرت لها بيئة حاضنة ومحفزة، شجعتها على مواصلة نهجها المتميز، وصولاً للترشح لجائزة أفضل معلم في العالم؛ حيث ترشحت فياض ضمن قائمة الـ50 معلما للحصول على "جائزة أفضل معلم في العالم"، وسيتم اختيار المرشحين الـ10 النهائيين منتصف شهر شباط (فبراير) الحالي.
اختيار فياض، المعلمة في مدرسة للتعليم الأساسي في عمّان، جاء ضمن القائمة النهائية لأفضل 50 معلماً، عن "جائزة أفضل معلم في العالم 2017"، المقدمة من "مؤسسة فاركي". وتمنح الجائزة تحت رعاية نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وتستخدم فياض التكنولوجيا للتواصل مع طلابها، ما سمح لطريقتها في التدريس بالنمو والازدهار، الأمر الذي أدى إلى حصولها على "جائزة الملكة رانيا للمعلم المتميز" في العام 2009.
أطلقت مشروع "الباحث الصغير"
وأدت فياض دوراً رائداً في إطلاق عدد من المبادرات، مثل مشروعها "الباحث الصغير"؛ لتعزيز مهارات الطلاب في البحث، من خلال مصادر موثوقة، على أن يتم إرسال النتائج عن طريق تطبيق الـ"واتس آب". ومع اندلاع الصراع في سورية، استقبل الأردن الكثير من اللاجئين، ليرتفع عدد الطلاب في قاعة الصف من 25 إلى 60 طالباً وطالبة، وأدى ذلك إلى ظهور تحديات عدة، من حيث تنوع مستويات الإمكانات واللغة لدى الأطفال.
وقامت فياض بابتكار نموذج تعليمي لدمج اللاجئين، وتوفير الدعم النفسي لهم، وأجواء تتسم بالود والألفة، وقامت بعد ذلك بمشاركة هذا النموذج مع معلمين آخرين، الذين قاموا بدورهم بتغيير نهجهم التعليمي تبعاً لذلك.
وتقول فياض، في حديثها مع "الغد": "نحن سفراء لجمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، وبعد لقب التميز نحمل على عاتقنا رسالة نشر ثقافة التميز وإنتاج المعرفة". وتضيف "عندما حصلت على هذه الجائزة شعرت بمسؤولية التميز، وبداية الطريق للأخذ بيد المعلمين، لتغيير الممارسات والسلوكيات في سير العملية التعليمية، من خلال ورش العمل واللقاءات الدورية بهم".
وتسعى فياض لتحويل معايير التميز إلى أفكار ومشاريع وإجراءات عملية داخل الغرف الصفية، فمن خلال تجربتها وتعاملها مع العديد من المعلمات المتميزات وجدت أنهن يحتجن للأخذ بأيديهن لإيصالهن للتميز، وهذا ما حققنه في العديد من مديريات التربية.
يشار إلى أن فياض حاصلة على بكالوريوس معلم صف، وأكملت دراسة الدبلوم العالي في تخصص تكنولوجيا معلومات واتصالات في التربية من جامعة اليرموك، وحصلت على منحة من جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي لإكمال دراسة الماجستير في تكنولوجيا التعليم في الجامعة الأردنية.
واحد وعشرون عاما من الخبرة في التدريس
وتملك فياض واحدا وعشرين عاما من الخبرة في التدريس، وكلفت مؤخرا بأعمال المدير في مدرسة أم منيع الأساسية في صويلح.
شاركت فياض في برنامج "معلم متعاون" مع كلية العلوم التربوية، ضمن شراكة مع جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، مع الجامعة الأردنية؛ حيث قامت بتدريب مجموعة من طالبات الكلية من تخصص "معلم صف" على الاستراتيجيات الحديثة في التعليم، واستراتيجيات الإدارة الصفية، وتمكينهن من تعليم مهارات الكتابة والمعرفة، والتركيز على شخصياتهن وحضورهن. وحصلت الطالبات جميعهن على امتياز؛ حيث قدمن ملفات خبرة متميزة بطريقة إبداعية.
إنجازات فياض
تعد إنجازات فياض عديدة وغنية، منها: مشاركتها في تأليف "كتاب العلوم للصف الثالث الأساسي، ودليل المعلم الخاص بالكتاب"، وهي مدربة مع المجلس الوطني لشؤون الأسرة، ومدربة مع نقابة المعلمين (متطوعة) لتدريب المعلمين، بالإضافة إلى تجربة التأليف على مستوى إقليمي؛ حيث أفادتها خبرتها في التدريب والتأليف في تطوير نموذج "التعلم الممتع للجميع".
واشتركت فياض في العديد من النشاطات، من خلال نادي المتميزين للجمعية، بممارسة الأنشطة والاشتراك في مهرجانات الفكر الجديد، ومبادرة "مدرستي" وغيرها.
وتقول فياض عن جمعية جائزة الملكة رانيا العبد الله للتميز التربوي: "احتضنت مواهبنا وقدراتنا وطاقتنا وخبراتنا كمعلمين متميزين، واستطعنا من خلالها إفادة أكبر عدد من المعلمين والطلاب والأهالي في الارتقاء بالعملية التعليمية، ونشر ثقافة التميز في المجتمع، فكنا بمثابة الأنموذج للعديد من المعلمين الذين استطعنا تغيير الكثير من اتجاهاتهم نحو مهنة التعليم وممارساتهم التعليمية، وإكسابهم أفكارا خلاقة وأساليب مبتكرة في التواصل مع المجتمع".
وبعد حصول فياض على الجائزة، طبقت مشروع "شبكة اللغة العربية"، بالتعاون مع أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، ومن أهداف هذا المشروع تطوير مهارات الطلبة في القراءة والكتابة، إلى جانب كتابة القصة الشخصية وتحليلها. وتتم التجربة أمام معلمات أخريات ليطبقن الأمر ذاته مع الطلبة داخل الغرف الصفية.
وأعدت "أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين" أفلاماً مصورة عن طريقتها في التدريس لتعزيز مهارات محو الأمية وتعليم القراءة والكتابة مع شريحة أوسع من الطلاب. كما قامت سحر بإنتاج دليل تدريبي لمعلمين آخرين.
وقد تم اختيار القائمة النهائية التي تضم أفضل 50 مرشحاً من بين ما يزيد على 20 ألف طلب ترشيح من 179 بلداً حول العالم، فيما ينتمي مرشحو القائمة إلى 37 بلداً. ومن خلال تسليط الضوء على قصصهم، فإن "مؤسسة فاركي" تأمل بأن تتمكن من إثارة اهتمام الجمهور ووعيه بأهمية دور المعلم في بناء المجتمع. وسيتم الإعلان عن اسم الفائز النهائي بالجائزة خلال "المنتدى العالمي للتعليم والمهارات"، الذي ينعقد في دبي يوم الأحد الموافق 19 آذار (مارس) 2017.
معلمات: فياض تبث طاقة ايجابية على الطلبة
ولتسليط الضوء عن قرب على مسيرة فياض التعليمية، حاورت "الغد" عددا من المعلمات والطالبات منهن، معلمة اللغة الإنجليزية في مدرسة الأميرة رحمة، زينة العبداللات، التي اجتمعت مع فياض تحت مظلة المعلمات المتميزات الفائزات بجائزة الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميز.
وتقول العبداللات عن المعلمة سحر: "هي معلمة مبادرة.. قيادية.. ملهمة.. ولديها مبادرات عدة. قمنا في نادي المتميزين بمبادرات ومشاريع عدة، منها تنظيم الإفطارات للطلبة الأقل حظا في إقليم الوسط وجمع التبرعات لهم، ومشروع (حقيبتي) الذي تقوم فكرته على جمع الحقائب من المجتمع المحلي، وتوزيعها على الطلبة الأقل حظا في المدارس الحكومية. وخلال هذه المبادرات وورشات التدريب والمشاريع، لاحظت المعلمات الطاقة الإيجابية التي تبثها المعلمة سحر في المكان الذي توجد به، فلديها رقي في التعامل والأخلاق مع الجميع، وتنشر ثقافة التميز أثناء وجودها وتسعى لأن تصبح كل معلمة متميزة خلال التدريبات، وتوجه النصائح بأسلوب محبب. هي حقا معلمة قدوة".
والتقت المعلمة أحلام حمدون مع فياض في تأليف الكتب المدرسية، وكذلك في العديد من المؤتمرات والملتقيات؛ كونها حاصلة على جائزة الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميز للعام 2015، وتقول: "استفدت من خبرات سحر كثيرا، فهي تملك خلفية ثقافية واسعة، والأهم أنها "متميزة بالفطرة"".
وتضيف حمدون: "نختار الورشات الهادفة، خصوصا التي فيها تجديد بمهارات تمكين الطالب في القرن الواحد والعشرين".
طالبات: معلمتنا فياض تتابعنا في العطلة الصيفية
أما الطالبة آية عربيات (الصف الرابع)، وهي إحدى الطالبات التي تلقت العلم في صف المعلمة سحر، فتقول: "المعلمة سحر تختلف عن جميع المعلمات، فهي تحفظنا جداول الضرب بطرق مبسطة مسلية، جميعنا حفظنا جدول الضرب. في حصة اللغة العربية أيضا، مثلا نقوم بجمع الأشكال (السمك) ونضعها في السلة، وعلى كل منها أسماء الإشارة، وفي حصة العلوم نتحمس للنزول إلى المختبر وأداء التجارب". وتضيف: "المعلمة سحر تتابعنا في العطلة الصيفية بتطبيق العديد من الأنشطة العلمية والثقافية الرائعة".
وتصف الطالبة سما سائد (الصف الخامس) عن معلمتها سحر التي درستها بقولها: "تميز صفنا مع المعلمة سحر، فأصبحنا أسرة واحدة، كل منا يحترم الآخر ويساعده باعتبارنا أسرة واحدة". وما تزال الأوقات التي قضتها سما وزملاؤها في فصل المعلمة سحر عالقة في مخيلتها، مثل استخدامها الإشارات للتعبير عن السلوكيات الصحيحة والخاطئة، ولا تنسى زيارة أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين للمدرسة، واختيارها مع طلبة آخرين لعرض القصة التي قامت بكتابتها ضمن مشروع كتابة القصة الشخصية واستراتيجيات القراءة.
برعت سما في كتابة القصة، منها قصة "عيد ميلاد ماما"، و"قصة شخص مهم في حياتي ميشيل"؛ حيث تمثل الأخيرة مواقف واجهت الطفلة سما أثناء توديع عاملة المنزل لعائلتها، فتمكنت الطفلة من ربط الحدث الذي مرت به عندما التقطت عصفوراً في يدها ثم هرب ودهسته سيارة، بقولها: "هذه اللحظة التي سافرت فيها ميشيل". وهذا يدل على دقة اللحظة الرمزية في القصة التي وصلت لها الطالبة الصغيرة.
فياض: ما أجمل الوفاء من طلبتي
وتختم سحر فياض حديثها لـ"الغد"، بالقول: "ما أجمل الوفاء. فوجئت برسالة من أحد طلبتي قبل 15 عاما، ويدعى أحمد أبو مريغي، وهو مهندس معماري في أميركا، يتذكر ما تعلمه جيدا من مهارات وخصوصا الخط العربي، والجميل في الموضوع أنني محتفظة بكراسة الكتابة الخاصة به وأوراق عمله، لقد تفوق علي بخطه ليصمم لوحات تمثل أصالة وجمال الخط العربي. حقا كان لوقع رسالته أثر كبير في نفسي".
وتعد "جائزة أفضل معلم في العالم 2017" المقدمة من "مؤسسة فاركي"، التي تدخل الآن عامها الثالث، أكبر جائزة من نوعها في العالم بقيمتها البالغة مليون دولار أميركي. وقد أطلقت "مؤسسة فاركي" "جائزة أفضل معلم في العالم"؛ تقديراً للمعلم الأفضل الذي يقدم أداءً وإسهامات متميزة في مجال التربية والتعليم، ولتسليط الضوء على الدور المهم والنبيل الذي يؤديه المعلمون في المجتمع. ومن خلال استكشاف آلاف القصص الاستثنائية التي أسهمت في إحداث نقلة نوعية في حياة الشباب، تتطلع الجائزة إلى بث الحياة في هذه المهنة النبيلة التي يمتهنها ملايين الأشخاص حول العالم.
وتعدّ المعلمة سحر فياض رابع المعلمات المتميزات في وصولها إلى قائمة أفضل خمسين معلماً؛ إذ سبقتها في ذلك زميلتاها المعلمة رندة عبد العزيز والمعلمة حنان مداهين في العام 2014، في حين حجزت المعلمة نسرين بقاعين مكاناً لها في القائمة ذاتها العام 2015.