الدلاهمة يكتب: العرب ونكران الجميل الاسرائيلي

الدكتور جمال الدلاهمة
مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/13 الساعة 16:50

احد السياسيين الاسرائيليين يجد الوقت الكافي للتحدث عن التاريخ والجغرافيا للدولة العبرية, ما دام مطمئناُ ان قوات جيش بلاده تعمل بشكل فعال وحاسم بقتل الاطفال والنساء والابرياء في قطاع غزة وبأن دولته الصارمة لا تكترث باي نداءات او مطالبات دولية لايقاف هذه الحرب الغير متكافئة وأحسست بالاعجاب المنقطع النظير وهو يتحدث عن تاريخ الدولة العبرية في اسرائيل وأن اليهود استوطنوا هذه الأرض قبل (2500) سنة. وان العرب هم مجرد محتلين كغيرهم مثل الرومان والبيزنطيين عاشوا فيها لفترة ، وما لبثوا أن عادوا الى ديارهم الأصلية وإبدى إستغرابه واستهجانه من الاكاذيب العربية بأن هذه الأرض هي أرض عربية فلسطينية وهي اكبر كذبة في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين. وان الدولة اليهودية هي من سمحت للمهاجرين الفلسطينين بالعودة والعيش معهم بالدولة العبرية, والحقيقة أني تأثرت كثيراُ بهذا الكرم الحاتمي عفواً بالكرم الاسرائيلي, وأن هذا الكرم الاسرائيلي قابله الشعب الفلسطيني السيء بالعمل على تدمير دولة اسرائيل وتهجير اليهود والإستيلاء على أراضيهم بالقوة, يا لهذا الجحود ونكران الجميل.

بعد ذلك تحدث عن الجهود العظيمة التي بذلتها الدولة الإسرائلية لنشر السلام في المنطقة رغم تفوقها العسكري والأقتصادي وقوة حلفائها فعقدت معاهده السلام مع مصر ومع الاردن وحتى مع الفلسطينيين الذين رغم ما قدمته اسرائيل من تنازلات الا ان السلطة الفلسطينية ممثلة الشعب الفلسطيني لم تتجاوب مع هذه الجهود وأن الفلسطينين غير مهتمين بأقامة دولة بجانب دولة اسرائيل بل الغاء دولة اسرائيل .
السياسي الاسرائيلي في خطابه الموجه الى شبكات التلفزة الامريكية والغربية يدرك تمام الادراك بأنه يقلب الحقائق ويظهر بصورة الضحية لجمهور المشاهدين الذي هو اصلا موجه مسبقا من الماكنة الاعلامية الاسرائيلية القوية لتقبل هذه الحقائق المزيفة ، والحقيقة ان دولة اسرائيل هي من أعاقت عملية السلام مع الفلسطينين منذ البداية ولم تلتزم باي بند من بنود هذه الاتفاقيات فلم تلتزم بمنع بناء مستوطنات على الاراضي الفلسطينية وهي من ضيقت على الشعب الفلسطيني في كل شيء في معيشته اليومية وفي تحركاته , فالمواطن الفلسطيني ينتظر لساعات او ايام للعبور من منطقة لاخرى ولم توقف اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينين العزل ، ولم توقف اعتداءات المتطرفين الاسرائيلين على المسجد الاقصى ولم توقف عمليات هدم البيوت واقتطاع الاراضي من أبناء الشعب الفلسطيني وهي تتحكم بتوريد الماء والكهرباء والغذاء لقطاع غزة وأي عملية مقاومة تقوم بها الجهات الفلسطينية تقوم مباشرة باتباع عقوبة جماعية على كل ابناء القطاع وتتفنن في استخدام اشرس انواع الاسلحة والقنابل لضرب أهل قطاع غزة وغيرها من المدن الفلسطينية بالأضافة الى الاعتقالات والابعاد للمواطنين الفلسطينين داخل وخارج اسرائيل ، فأي سلام تتحدث عنه على العكس تماما فالشعب الفلسطيني وممثله السلطة الوطنية الفلسطينية بمجرد قبولها فكرة الجلوس على طاولة المفاوضات مع دولة محتلة تكون هي المبادرة فعليا لاقامة السلام ولكن كيانكم لا يريد السلام بل يريد الاستسلام لا يريد دفع ثمن السلام بل تطلبون من الشعب الفلسطيني دفع ثمن الاستسلام .
الحقيقة انني اعاني منذ بداية حروبكم على غزة من مرض القولون العصبي ، وجربت كل انواع الادوية بدون فائدة وعندما استمع لمثل هذه الاحاديث تزداد كمية الغازات ولا أعلم كيف يمكن التخلص منها ، ربما افكر في تصديرها يوماً ما، والحقيقة أن هذه الأحاديث من وجهة نظري هي بنفس قيمة الغازات المتراكمة في بطني المتعب. وربما نستمتع مستقبلا باحاديثك عن التاريخ في احدى الجامعات والمعاهد فأنا مهتم ومولع بالتاريخ لكن لا يهمني من كان هنا قبلي في هذه المنطقة او حتى من يكون بعدي ، ما يهمني خلال وجودي في هذه المنطقة ماذا الاثر الذي تركته وماذا قدمت للبشرية ؟ وساخبرك بشيء مهم جدا على الاقل بالنسبة لي ، ان العرب والمسلمين عبر التاريخ هم اكثر الشعوب كرماً وتقبلاً للاخر ،وحبا للتعايش والسلام ، لكن العرب حتى في حقبات ضعفهم واجتماع العالم ضدهم لا يوجد في قاموسهم شيء اسمه الاستسلام " نحن نموت أو ننتصر " .

مدار الساعة ـ نشر في 2023/11/13 الساعة 16:50