تضامن تطالب بتجريم التحرش الجنسي في قانون العقوبات الأردني
مدار الساعة- يناقش الأردن تقريره الدوري السادس أمام لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في دورتها رقم 66 بتاريخ 16/2/2017 والذي سلم الى اللجنة الأممية بتاريخ 22/6/2015، متضمناً توضيحات حكومية حول التحرش الجنسي في أماكن العمل.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أنه جاء في التقرير الحكومي ما يلي ": قضايا التحرش الجنسي في العمل محدودة جداً حيث يشكل الوصم الاجتماعي أهم التحديات أمام تقديم الشكوى، وتحقق مديرية التفتيش بالقضايا عند ورود الشكاوى أو بناءاً على تقارير دولية ومحلية، سواء كانت صادرة عن جهة حكومية أو أهلية، وحققت في عدة حالات بناءاً على تقارير دولية..".
وفي مجال التوعية، فقد أكد التقرير الحكومي على أن وزارة العمل ": عقدت ورش لزيادة التوعية حول التحرش الجنسي وتدريب المفتشين على آليات التعامل مع الحالات بالتعاون مع مشروع العمل الأفضل، وأصدرت المواد التثقيفية حول التحرش الجنسي بلغات العاملات، وعملت على زيادة وعي أرباب العمل حول مشكلة التحرش الجنسي وإنعكاساتها السلبية على العمل، ووضعت إجراءات محددة لتمكين وتشجيع العاملات على تقديم الشكاوى بالتحرش الجنسي، ويعاقب قانون العقوبات على التحرش الجنسي عند صدور الفعل من زميل في العمل أو من رب العمل، ولتبعية العامل وخضوعه لرب العمل فقد أورد قانون العمل عقوبة إضافية على رب العمل بإغلاق المؤسسة عند إقدامه على التحرش الجنسي بالعاملين لديه...".
وتضيف "تضامن" بأنه جاء في نص المادة 29 الفقرة (أ/6) من قانون العمل الأردني رقم 8 لعام 1996 وتعديلاته على أنه ": يحق للعامل أن يترك العمل دون إشعار مع إحتفاظه بحقوقه القانونية عن إنتهاء الخدمة وما يترتب له من تعويضات عطل وضرر وذلك إذا إعتدى صاحب العمل أو من يمثله عليه في أثناء العمل أو بسببه وذلك بالضرب أو التحقير أو بأي شكل من أشكال الإعتداء الجنسي المعاقب عليه بموجب أحكام التشريعات النافذة المفعول". فيما نصت الفقرة (ب) من نفس المادة على أنه ": إذا تبين للوزير وقوع إعتداء من صاحب العمل أو من يمثله بالضرب أو بممارسة أي شكل من أشكال الإعتداء الجنسي على العاملين المستخدمين لديه، فله أن يقرر إغلاق المؤسسة للمدة التي يراها مناسبة، وذلك مع مراعاة أحكام أي تشريعات أخرى نافذة المفعول".
وتنص المادة (305) من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام 1960 وتعديلاته على أنه:" 1- يعاقب بالحبس من شهر الى سنتين كل من داعب بصورة منافية للحياء: أ- شخصاً لم يكمل الثامنة عشرة من عمره ذكراً كان أو أنثى، ب- امرأة أو فتاة لها من العمر ثماني عشرة سنة أو أكثر دون رضاها. 2- في حال التكرار لا يجوز تحويل العقوبة الى الغرامة".
أما المادة (306) من ذات القانون تنص على أنه ": من عرض على شخص لم يكمل الثامنة عشرة من عمره أو على أنثى مهما بلغ عمرها عملاً منافياً للحياء أو وجه لآي منهما كلاماً منافياً للحياء عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أشهر أو بغرامة من ثلاثين ديناراً الى مائتي دينار".
وتدعو "تضامن" الى تجريم التحرش الجنسي في قانون العقوبات بشكل واضح وصريح، كما تدعو مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المدافعة عن حقوق النساء والأطفال بشكل خاص للعمل على تبني إستراتيجية واضحة ومحددة الأهداف والوسائل لمكافحة التحرش الجنسي ، وزيادة البرامج التوعوية والتثقيفية حول التحرش الجنسي بالنساء والفتيات والأطفال والإعتداءات الجنسية ، والعمل على تسهيل وصولهن الى مراكز تقديم الخدمات المسندة كالإستماع والإرشاد والمساعدة القانونية ، ودعم برامج إشراك الرجال والشباب في مكافحة التحرش، وكما تدعو وسائل الإعلام الى إبراز قضية التحرش الجنسي والمخاطر التي تترتب عليه من النواحي النفسية والصحية بالنسبة للمتحرش بهن، والإخلاقية والتربوية بالنسبة للمتحرشين، والأسرية بالنسبة للمجتمع ككل.
وتضيف "تضامن" بأن القانون النموذجي حول التحرش الجنسي والصادر عن جامعة جون هوبكنز قد عرف التحرش الجنسي في مؤسسة تعليمية على أنه "القيام بإيحاءات جنسية غير مرغوبة إتجاه طالب / طالبة أو جعل تقديم المعروف الجنسي يبدو كشرط لتحقيق ظروف تعليمية مؤاتية أو لخلق بيئة تعليمية عدائية". وتتضمن الظروف المؤاتية علامة تضمن النجاح أو تقدم إلى المستوى التعليمي التالي ، أو تقديم درجات الامتياز أو المنح التعليمية ، أو دفع راتب أو مخصص أو مكاسب أو امتيازات أو اعتبارات ومزايا أخرى. فيما تخلق الإيحاءات الجنسية بيئة تعليمية عدائية عندما تؤدي إلى بيئة مرهبة أو معادية أو مهينة أو مهدِّدة ، أو تؤدي إلى تدخل غير منطقي في الأداء الأكاديمي لضحية التحرش ، أو تعاني ضحية التحرش من أي شكل من أشكال الضرر في الحياة التعليمية.
كما عرّف التحرش الجنسي في مكان العمل على أنه "القيام بإيحاءات جنسية غير مرحب بها تؤدي إلى بيئة عمل عدائية أو عندما يعتبر الطرف الذي يتلقى هذه الإيحاءات الجنسية أنها منافية للأخلاق أو أن رفضها سينعكس سلباً أو قد يُعتبر أنه سينعكس سلباً على ظروف العمل الحالية أو المحتملة". وتعتبر العاملات المنزليات من أكثر الفئات التي تتعرض للتحرشات الجنسية.
وتشمل الإيحاءات الجنسية في مكان العمل السلوك والإيحاءات الجسدية ، وطلب إسداء معروف جنسي أو فرض إسداء مثل هذا المعروف ، وإبداء ملاحظات ذات طابع جنسي ، وعرض ملصقات أو صور أو رسومات جنسية واضحة ، والإشارة إلى شخص بطريقة مهينة أو مذلّة إستناداً إلى تعميمات على أساس النوع الاجتماعي ، والقيام بأي إيحاء غير مرحب به سواء كان جسدياً أو كلامياً أو غير كلامي ذات طبيعة جنسية بطريقة مباشرة أو ضمنية. ومن شأن كل ما ذكر أن يخلق بيئة عمل مرهبة أو معادية أو مهينة أو مهدِّدة، وتدخل غير منطقي في الأداء العملي للشخص الذي يتعرّض للتحرّش ، وتعاني ضحية التحرش الجنسي من أي شكل من أشكال الضرر المقرون بالوظيفة أو الترقية أو إعادة التوظيف أو إستمرارية الوظيفة ، ويكون لرفض الإيحاءات الجنسية وقع سلبي على ظروف العمل عندما يصبح عرض العمل أو شروط العمل أو الترقية أو إعادة التوظيف أو استمرارية الوظيفة رهناً بقبول الشخص لهذه الإيحاءات الجنسية غير المرغوبة أو بمدى إحتماله لها.
بينما يعرّف التحرش الجنسي في الشارع والأماكن العامة على أنه "القيام بإيحاءات جنسية غير مرغوبة اللفظية منها والجسدية من قبل أشخاص غير معروفين بطريقة مهينة ومؤذية ومخيفة. وينتشر هذا النوع من التحرش في الأماكن المزدحمة كالباصات والقطارات والتجمعات ، وفي الأماكن الخالية من المارة أو المظلمة. وتتعدد أشكاله كالملاحقة واللمس والنظرة الفاحصة وإستخدام الإشارات والتلفظ بكلمات بذيئة والتصفير.
يشار الى أنه في عام 2013 أجريت دراسة متخصصة حول التحرش الجنسي في أماكن العمل أعدها فريق بحثي من الجامعة الهاشمية لصالح برنامج دعم مبادرات تكافؤ الفرص التابع للوكالة الكندية للتنمية الدولية، وتبين من خلالها أن 14% من النساء العاملات في الأردن يتعرضن لتحرش جنسي لفظي في مكان عملهن، وأن 0.7% منهن يتعرضن لتحرش جنسي جسدي، و 8% من النساء العاملات يتعرضن لعنف لفظي، مقابل 2.3% يتعرضن لترويع وتهديد نفسي من رئيس العمل.
وفي دراسة أخرى أجراها الباحث الأردني محمود جميل الجندي عام 2014 وحملت عنوان "التحرش الجنسي بلا دليل" في أربع محافظات، كشفت عن تعرض 53% من الأردنيات للتحرش الجنسي بأنواعه المختلفة، ومن حيث أكثر أنواع التحرش الجنسي شيوعاً، فقد جاء بالمركز الأول التحرش اللفظي، ومن ثم التحرش بالنظر والإيماءات، والتحرش باللمس، وبإستخدام وسائل الاتصال المختلفة.
وتؤكد "تضامن" على أهمية تغيير النظرة المجتمعية للضحايا بحيث تتركز الإدانة على مرتكبي التحرش أو الإعتداءات الجنسية وليس على الضحايا، خاصة وأن هذه الإدانة المجتمعية المنحازة للذكور تمنع الضحايا من تقديم الشكاوى والتخلي عن ثقافة الصمت حماية لسمعتهن، مما يشجع المتحرشين على إرتكاب المزيد من الجرائم مستفيدين من خوف وصمت الضحايا.