تداعيات الحرب على غزة والمشهد من الأردن: سياسيًا وشعبيًا

زين المعايطة
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/30 الساعة 09:57
موقف الأردن تجاه تداعيات الحرب في غزة واضح منذ البداية ولا يمكن التشكيك به، فيؤكد على ذلك جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة الأخيرة من عمر المجلس التاسع عشر اذ وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وما استجد عليها في حرب غزة الأيام الماضية، فالحلول السياسية والدبلوماسية التي تتخدها الدولة ركيزتها الأساسية هي كلمة جلالته في "ستبقى بوصلتنا فلسطين وتاجها القدس الشريف ولن نحيد عن الدفاع عن مصالحها وقضيتها العادلة حتى يستعيد الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه كاملة."، وكما قال جلالته سيبقى الأردن في خندق العروبة، ومن هذا المنطلق نقف نحن اليوم أبناء الأردن الشامخ في وجه من يخوّن موقفنا فيما يخص القضية الفلسطينية، ففي حديثي هنا لن أتقمص دور من يتغنى ببطولات وطنه، فنحنا لسنا بحاجة لنتقمصه، هو مزروع فينا، ولكن وجهتنا واضحة ولن نقبل بمن يزاود عليها.
اليوم نحن أولويتنا غزة، ولن تحيد بوصلتنا عنها، فاعتدت أن أقول دائمًا، إن فلسطين قضية دين ودم وأرض، اذ نقف اليوم في وجه المحتل الغاصب بما أملاه علينا ديننا، وبجانب اخواننا مسلمين ومسيحيين، ولا نقبل بهدر دمائهم، ولا بسلب أراضيهم.وما يدل أيضًا على ثبات موقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية، مفاوضات جلالته لحشد تأييد الموقف الدولي، و على الصعيد الشعبي والمتمثل بالوقفات التضامنية.وذلك من خلال الجولة الأوروبية التي بدأها جلالته في كل من بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا، التي تهدف الى حشد موقف دولي يدفع باتجاه وقف الحرب على غزة، وضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى اخواننا الفلسطينيين، وقراره في إلغاء القمة الرباعية، أما عن المشهد اليوم فيتسم بالتوتر العام، خاصةً بعد مساعي بايدن التي يستنبط منها المحللون أهدافه في إقامة صفقة قرن عسكرية.وأما عن الوقفات التضامنية التي ينبض بها الشارع الأردني منذ بداية طوفان الأقصى، ربما ينظر إليها الجميع على أنها لن توقف قصف المحتل المستمر على قطاع غزة، ولكن لا يمكن أن ننكر أنها تشكل قوة ضغط، فلطالما كان صوت الشعب الواحد عبر التاريخ نقطة قوة، وورقة ضغط، وتكمن أهميته اليوم بنقل صورة للجميع بأن القضية الفلسطينية ما زالت حاضرة في وجدان كل أردني، ودلالة على أن الغضب ما زال فينا تجاه المحتل، وبأننا قلبًا وقالبًا مع أهلنا في غزة، وهذا أمر مطمئن، بأن القضية ليست قضية الفلسطينين وحدهم، بل قضية الأردنيين وكل العرب، وبأننا لن نحيد عن موقفنا، ولن يغيره لا زمان ولا ضغوطات ولا أية أعباء أخرى، فالمشهد الذي نشهده اليوم مؤذي، مشهد تنتهي عنده جميع الأفكار والإتجاهات والآراء السياسية، تنتهي عنده جميع الخلافات والاختلافات.ولكن رغم كل هذا، ما شهدناه اليوم في الساحات من اعتداءات على القوى الأمنية، صادر من فئة لا تمثل المجتمع الأردني بتاتًا، قواتنا الأمنية أولويتها الأولى والأخيرة الحفاظ على استقرارنا الداخلي، وجهودهم الآن مكثفة للسيطرة على الجهات المغرضة التي تدعوا للإشتباك مع الأمن وتحرض الشعب ضد الجيش العربي الشامخ، فهم أحفاد شهداء معركة الكرامة، أجدادهم سطروا معاني العزة والكرامة فيما يخص القضية الفلسطينية.قواتنا ليست ضد المتظاهرين، وحقنا في التعبير عن الرأي مكفول، فلا توجهوا الأحقاد ضدهم، ولا تصطدموا معهم، أوزنوا الأمور وإن ساقكم الغضب، وضعوا هذا الكلام نصب أعينكم.والأهم من هذا أن لا نجعل ممارسات الفئات المثيرة للشغب التي تمثل فئة قليلة؜ من الصورة العامة أن تثبط من معنوياتنا، فمن غير الصواب أن نحكم على المشهد من خلالها.‏هذا وأن نحرص أيضاً على الإلتزام بما يصدر عن الحكومة من تعليمات خاصًة ما صدر عن وزارة الداخلية فيما يخص المظاهرات على الحدود، وبمخاطبة العقل والمنطق، فالشعب لن يستطيع مجابهة ما ينتظره على الحدود، فإن وقعت أي إصابة، وهذا ما نسعى لتفاديه، سيحمّل الرأي العام المسؤولية للأجهزة الأمنية مع أن الحكومة قد منعت ذلك من الأصل.وأما عنا نحن، فاليوم يقع على عاتقنا مسؤولية الدفاع عن القضية، وهذا يتمثل بدورنا في الحرب الإعلامية التي شُنَّت على المحتل منذ ٧ أكتوبر، فالمحتل الآن يواجه تشكيك في روايته، وتفكك وهوان لقوته الإعلامية في الغرب نتيجة هذه الحرب الإعلامية التي فضحت حقيقته، حتى أن بعض الدول بدأت تتحرك في موقفها تجاه إسرائيل، فعلقت تركيا من جانبها خطط التعاون معها في مجال الطاقة.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/30 الساعة 09:57